لعلها جملة تكفي لإختصار كل شيء، ولإيضاح حيثيات كل ما حدث دون اي إضافات.
يمكن لأي إيراني سواء إنتخب أحمدي نجاد أو إنتخب مير حسين موسوي أن يقول إنه انتخب وإعترض وتظاهر مؤيدًا أو معارضًا. يمكنه أن يقول انه يتظاهر ويقمع ويعتقل لا وبل يمكنه أن يصنف المظاهرات المعترضة والمؤيدة كما يشاء، ويمكنه أن يقول انه يقرأ في صحف بلاده ويسمع في اذاعاتها ويشاهد على شاشات تلفزتها ما لم ولن يقرأه أو يسمعه أو يشاهده أي مواطن عربي... باستثناء لبنان إلى حد ما.
نعم لقد حدث في إيران.. لقد حدث كل هذا وأكثر.
الإعلام العربي تلقف أحداث إيران بحماسة لا تفوقها سوى حماسة طفل لثياب العيد... ولم يعد لديها شاغل سوى إيران وحقوق الإنسان. (يرجى التوقف قليلاً عند هذا المصطلح الذي لا يسمعه المواطن العربي حين يتعلق الأمر به أو بحقوقه المسحوقة).
نكش الإعلام كل شاردة وواردة، تعاملوا مع الحدث وكأنها نهاية quot;بلاد الفرسquot;... راقبوا وناقشوا وحللوا وبثوا ما بثوه وتكلموا كثيرًا عن quot;نظام الملاليquot;... ثم تكلموا مجددًا ومجددًا ومجددًا.
إيران غارقة في مشاكلها الداخلية والإعلام العربي يتدخل في كل شاردة وواردة..(يرجى التوقف عند مصطلح تدخل كونه استعمل في غير محله بما أن العادة درجت أن يستعمل حين يتطرق أي إعلام عربيًا كان أم غربيًا أو فارسيًا إلى المشاكل الداخلية لأي دولة عربية).
quot;بلاد فارسquot; كما يحلو لبعضهم وصفها، تعاني من مشاكلها التي قد تجد طريقها للحل أو قد لا تجد. أما العرب فإما يهللون أو يأسفون ويخافون لما قد تؤول اليه الامور.
وبينما العرب منشغلون بنوعية المشاعر التي يجب أن يشعروا بها تجاه إيران وهي في هذا المأزق جاء خبر قيام quot;الجمهورية الاسلامية الايرانيةquot; بأول عملية إستنساخ لعجل في منطقة الشرق الاوسط.
خبر يجعلك تقف قليلاً وتقارن مجددًا بين ما أنجزته هذه الدولة وبين ما أنجزه العرب.
من أين نبدأ؟!
لعل البرنامج النووي الايراني يشكل بداية جيدة. قامت إيران بتطوير برنامجها النووي لأغراض سلمية كما تقول ولأغراض غير سلمية كما يقول جزء من العرب والغرب.تمكنت ومنذ قيام الثورة الإسلامية بتطوير قدراتها وصمدت بوجه عقوبات دولية. لا وبل قامت وفي ظل كل هذه العقوبات بإرسال قمر صناعي محلي الصنع إلى الفضاء كما أنشأت مركزًا فضائيًا للأبحاث العلمية.
كما طورت ترسانتها العسكرية من صواريخ ودبابات وطائرات وعتاد عسكري لسلاح الجو والبر، وطائرات نقل وطائرات من دون طيار ومروحيات وقنابل وصواريخ وبوارج بحرية وطوربيدات وغيرها الكثير الكثير.
تمكنت من فرض نفسها على الساحة السينمائية وتحولت إلى ظاهرة عالمية بإعتراف عدد كبير من النقاد الأجانب.
تقوم بتصنيع محلي للسيارات بالتعاون والاتفاق مع شركات أجنبية منذ العام 2007، كما قامت في العام نفسه بإفتتاح مصنع لانجاز عربات القطار.
كما تقوم بتصنيع أجهزة المحمول مع حصولها على الدعم والامتياز من شركة ال جي منذ اكثر من عامين واللائحة تطول جدًا.
ومع هذا لدى إيران المزيد من الإنجازات المتوقعة ومزيد من التطوير لما انجزته اصلاً.
ماذا حقق العرب في المقابل... لا شيء.
كل ما لديهم يتم إستيراده من الخارج، وحتى وإن كانت المصانع تقوم quot;بالتجميعquot; المحلي فإنها تحت رعايةquot; غير وطنية quot;. كل ما لدى العرب هو هوس quot;بالفرنجي quot; ولو كان غير نافع، فلتتعفن الكفاءات المحلية في غربتها، فالعرب لا يرضون إلا بما quot;لم يصنع في بلادهم quot;.
لكن وللامانة يجب تسجيل براعة عربية غير مسبوقة بالتنديد والاستنكار وإفتعال الأزمات والمشاكل فيما بينهم تليها مؤتمرات مصالحة ينشغلون ويشغلون شعوبهم بها.
اما إيران وبكل ما تمر به، بكل مشاكلها، وبكل فقر بعض مناطقها. بكل قضايا الفساد وبكل ما تحتويه أي دولة على هذه الارض من خبايا وقضايا وفساد ومحسوبيات.. بمواليها ومعارضيها.. يعيشون ويطبقون ديمقراطية لا يحلم بها عربي لا ينفك ينصب نفسه محللاً ومصنفًا وشاتمًا في بعض الأحيان لهذه الجهمورية الإسلامية.
إيران بمواليها ومعارضيها أنجزت ما لم ولن ينجزه العرب في مئات السنين.
يمكن للإعلام العربي وللعرب أن يصنفوا ما يحدث بكل الأوصاف والخانات التي تناسبهم، موالين كانوا لإيران أم معارضين كارهين... لكن الواقع يبقى أن كل هذا يحدث في ايران..كل هذه الديمقراطية حدثت في بلاد الفرس..وكل هذا quot;الكلام الفارغ quot; يحدث في بلاد العرب..
فعشتم وعاشت بلادكم المنددة المستنكرة المنقسمة. عشتم لتنددوا بمن تفوقوا عليكم بكل شيء بحيث لم يبقَ أمامكم سوى الكلام والتوصيف للحط من قيمة من تكرهون.
أعجب العرب أم لم يعجبهم.. لقد تفوقت ايران على الدول العربية مجتمعة بكل انجازاتها.. وحتى في قمعها فاقتهم ديمقراطية.
هذه هي الحال وهذا هو الواقع..