إيلاف من واشنطن: طرح سباستيان غوركا، نائب مساعد الرئيس الأميركي ومدير مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي، تساؤلات حادة حول رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، المعروف سابقًا باسم أبو محمد الجولاني، مشككًا في إمكانية تحوله إلى زعيم سياسي يؤمن بالديمقراطية. وأبدى غوركا رأيا صريحا، طارحا العديد من التساؤلات بشأن الرجل.
وتولى غوركا منصبه حديثا في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وله خبرة 24 عاماً في دراسة الجماعات المتشددة حول العالم، كما كان مستشاراً لترامب ترامب في مكافحة الإرهاب، خلال ولايته الأولى.
وفي ردّه عن سؤال إن كانت الولايات المتحدة تعترف بأحمد الشرع (المعروف سابقا أبو محمد الجولاني) رئيسا، أجاب غوركا "هل يسيطر على كل سوريا؟ لا. لا يسيطر. كان جهاديا لفترة طويلة، فهل أصلح نفسه؟ هل هو رجل أفضل الآن؟ هل يؤمن بالحكومة التمثيلية (الديمقراطية)؟".
وقال إن هذه الأسئلة "يوجهها للمسيحيين والعلويين وأي شخص عانى بسبب الحركة الجهادية التي يقودها الشرع".
ومنذ سقوط بشار الأسد في ديسمبر الماضي، واجهت الإدارة السورية الجديدة اتهامات بعمليات قتل واختطاف وانتهاكات تجاه أفراد من الأقليات في سوريا.
وأضاف غوركا "أنا درست الحركات الجهادية 24 سنة، لم أر أبداً قائدا جهاديا ناجحا يصبح ديمقراطيا أو يؤمن بحكومة تمثيلية".
أما عن كونه رئيسا أم لا، فامتنع غوركا عن الإجابة، معتبراً أن وزير الخارجية ماركو روبيو هو الأولى بالرد.
وبعد تنصيب الشرع رئيسا في المرحلة الانتقالية، كانت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية قالت "إننا نتابع التطورات الأخيرة في سوريا. وتواصل الولايات المتحدة الدعوة إلى انتقال سياسي شامل في البلاد".
وأضافت المتحدثة "من المهم منع سوريا من أن تصبح مصدراً للإرهاب الدولي وحرمان الجهات الأجنبية الخبيثة من فرصة استغلال التحول في سوريا لتحقيق أهدافها الخاصة".
***عندما سُئل غوركا في مقابلة مع قناة "الحرة" إن كانت الولايات المتحدة تعترف رسميًا بالشرع رئيسًا لسوريا، لم يمنح إجابة واضحة، بل قال: "هل يسيطر على كل سوريا؟ لا. لا يسيطر. هذا أمر أساسي عندما نتحدث عن الاعتراف بشرعية أي قيادة. هل هو قادر على فرض سلطته على كامل البلاد؟ أم أنه مجرد فصيل آخر في الصراع السوري المعقد؟"
وأضاف غوركا أن المسألة ليست فقط في السيطرة الجغرافية، بل في تاريخ الرجل نفسه، مشيرًا إلى أن الشرع كان "جهادياً لفترة طويلة"، وتساءل: "هل تغير حقًا؟ هل تخلّى عن الفكر المتطرف الذي حمله طوال حياته؟ هل أصبح شخصًا مختلفًا أم أن التغيير مجرد مظهر سياسي لتحقيق أهداف محددة؟"
وتابع غوركا قائلاً: "عندما نتحدث عن الديمقراطية، يجب أن نحدد معايير واضحة. هل هذا الرجل يؤمن بالحكومة التمثيلية؟ هل لديه سجل في دعم الحريات السياسية؟ أم أنه يستخدم خطاب الديمقراطية كأداة للوصول إلى السلطة؟ هذه الأسئلة لا يجب أن نجيب عنها نحن فقط، بل يجب أن يجيب عنها المسيحيون والعلويون وأي شخص عانى من الحركة الجهادية التي قادها الشرع".
وشدد غوركا على أن تجربته الممتدة ل24 عاماً في دراسة الحركات الجهادية لم تمنحه أي سبب للتفاؤل: "أنا درست الحركات الجهادية على مدار أكثر من عقدين، ولم أرَ أبدًا قائداً جهادياً ناجحاً يصبح ديمقراطياً. كل من ادّعوا التحول في الماضي انتهوا إما بإعادة إنتاج الحكم الاستبدادي بواجهة مختلفة أو عادوا إلى جذورهم المتشددة بعد فترة قصيرة".
وحين طُلب منه توضيح موقف الإدارة الأميركية الرسمي من الاعتراف بالشرع، امتنع غوركا عن الإجابة المباشرة، معتبرًا أن وزير الخارجية ماركو روبيو هو الشخص المخوّل للرد على هذا الملف.
إيران بين الضعف والخطر المستمر
انتقل غوركا إلى الحديث عن إيران، التي وصفها بأنها "الراعي الأكبر للإرهاب في العالم"، مشيرًا إلى أن التهديد الذي تمثله لم ينتهِ، لكنه شهد تراجعًا ملحوظًا نتيجة العمليات الإسرائيلية بعد 7 أكتوبر.
وأضاف: "إيران لا تزال تملك شبكات نفوذ واسعة تمتد من لبنان إلى اليمن، لكن الضغط المستمر على حلفائها في المنطقة بدأ يؤثر. السؤال هنا ليس ما إذا كانت إيران ستتراجع، بل هل لديها القدرة على التكيف مع الضغوط، ومتى ستقرر أن تكف عن دعم الإرهاب كأداة للسياسة الخارجية؟".
وانتقد غوركا سياسة إدارة بايدن تجاه إيران، معتبرًا أنها كانت "مهادنة وغير حازمة"، مما سمح لطهران بتوسيع نفوذها وتعزيز قدرات وكلائها في المنطقة. لكنه أشار إلى أن الوضع سيتغير مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، قائلاً: "السؤال هو، هل تريد إيران العيش في العالم الحقيقي؟ وهل تدرك أن هذه الإدارة لن تتسامح مع أفعالها؟ ربما يتخذون القرار الصحيح هذه المرة".
فوضى ما بعد الانسحاب من أفغانستان
لم يوفر غوركا فرصة لتوجيه انتقادات لاذعة لقرار انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان في 2021، معتبرًا أن ما حدث كان "هدية مجانية للجماعات الجهادية".
وقال: "رأينا كيف أدى الانسحاب السريع وغير المدروس إلى عودة طالبان، وفتح الباب أمام الجماعات الجهادية لتوسيع نفوذها. لا يمكن التعامل مع مثل هذه التنظيمات على أنها مجرد كيانات سياسية، لأنها ببساطة لا تعمل وفق منطق الدول، بل وفق عقيدة قائمة على الصراع المستمر".
وأضاف أن إدارة ترامب "ورثت هذه الفوضى، لكنها جاهزة لإصلاحها"، مشيرًا إلى أن أحد أولويات المرحلة المقبلة هو وضع حد لتمدّد الحركات الجهادية التي استفادت من الفوضى الإقليمية.
حماس وحزب الله.. التهديدات لم تنتهِ بعد
تحدث غوركا عن الملف الفلسطيني، مؤكدًا أن حماس لم تُهزم بالكامل رغم الحرب التي استمرت 15 شهرًا.
وقال: "لو كانت حماس قد هُزمت، لاستعدنا جميع الرهائن. لكن لا يزال هناك جثث لمواطنين أميركيين لم يتم الإفراج عنها، وهذا دليل على أن المعركة لم تُحسم بالكامل".
وأضاف أن الحل الوحيد هو استسلام حماس بشكل كامل، موضحًا: "لن يكون هناك نصر نهائي حتى تقول حماس: نحن نستسلم. أي حديث آخر عن وقف إطلاق النار أو تسويات هو مجرد محاولات لكسب الوقت".
وكشف غوركا عن أن إسرائيل حددت مهلة نهائية حتى منتصف ظهر السبت القادم للإفراج عن الرهائن والجثث، قبل أن تتخذ الإجراءات الضرورية لإنهاء الملف عسكريًا.
أما في لبنان، فقال غوركا إن حزب الله أصبح أضعف بكثير بعد العمليات الإسرائيلية الأخيرة، ومن بينها تفجيرات أجهزة البيجر المملوكة لعناصر الحزب في سبتمبر 2024، لكنه حذر من أن أي تصعيد جديد سيقابل برد حاسم.
وأضاف: "إذا استمر حزب الله في قتل المدنيين الأبرياء، فإن إسرائيل ستتخذ إجراءات أكثر صرامة. أما إذا استهدفوا عناصر عسكرية أميركية أو مواطنين أميركيين، فلن يقف الرئيس ترامب مكتوف الأيدي".
التحالفات الأميركية في الشرق الأوسط
أكد غوركا أن إسرائيل والأردن هما أبرز شركاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن "واشنطن تقف جنبًا إلى جنب مع إسرائيل في كل الظروف".
كما رحب غوركا بالدور الأردني في دعم الاستقرار الإقليمي، قائلًا: "الأردن كان ولا يزال شريكًا مهمًا. زيارة الملك عبدالله الثاني إلى واشنطن ولقاؤه بالرئيس ترامب كانا تأكيدًا على متانة العلاقات بين البلدين".
التعليقات