بيروت: الثاني والعشرين من الشهر الجاري هو الموعد الجديد لاجتماع مجلس النواب اللبناني لانتخاب رئيس جديد خلفا للمنتهية ولايته الرئيس السابق اميل لحود.

ولا يتبدى في ذلك شيئا غريبا، باستثناء انها المرة الـ18 التي يضرب فيها رئيس المجلس موعدا لانتخاب الرئيس دون ان ينجح في مسعاه.

17 مرة كان من المفترض ان يجتمع في احداها البرلمان اللبناني لاختيار رئيس لبلد بلا رئيس الا ان الخلاف بين الفرقاء اللبنانيين حال دون ذلك، ولان الخلاف لم يحل الى الان، فليس هناك ما يدعو للاعتقاد بان المرة الثامنة عشرة ستأتي بجديد.

وترافق اقتراب حلول الموعد الجديد مع جولة موسعة لرئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري شملت سوريا ومصر وقطر حاملا دعوة لاستئناف الحوار اللبناني- اللبناني، في مسعى لتسويق وتأييد عربي لمبادرته الحوارية.

ولم تتمخض دعوة بري الى الان عن نتائج ملموسة، فقد شككت شخصيات بارزة في الاكثرية في جدوى الحوار بعد جولات ماراثونية من الحوار لم تسفر عن شيء، واعتبرت ان صاحب الدعوة لم يعد مؤهلا لادارة الحوار الوطني باعتباره خصما وليس وسيطا.

تفاقم الازمة اللبنانية
وتشي هذه التطورات بتفاقم ازمة الرئاسة اللبنانية التي تشكل الوجه الراهن للازمة السياسية الاعمق التي تخيم على لبنان منذ اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء الاسبق عام 2005 وتداعياتها التي اعادت فرز التحالفات السياسية الى قوى الاكثرية المدعومة من السعودية والولايات المتحدة وقوى المعارضة المدعومة من سوريا ومن خلفها ايران.

ومنذ خيم الفراغ الرئاسي على المشهد اللبناني اثر انتهاء ولاية الرئيس لحود في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، فشلت كل الوساطات،عربية كانت او دولية، في حل هذه الازمة سواء المحاولات التي قام بها العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني، أوالمبادرة الفرنسية، وآخرها المبادرة العربية التي دخلت مرحلة الانعاش.

وبالنظر الى اشهر مضت كانت الساحة السياسية في لبنان والاوساط العربية والدولية المعنية تترقب بقلق بالغ انتهاء ولاية لحود بسبب عدم توافق الفرقاء اللبنانيين على اسم مرشح يخلفه.

وكانت الخشية حدوث فراغ دستوري في البلاد واثره على عمل المؤسسات المختلفة وبنية ومفاصل الدولة اللبنانية.

ولان كارثة لم تقع ببقاء قصر بعبدا خاليا من رئيس مع تولي الحكومة صلاحيات الرئاسة خفت حدة القلق تدريجيا وتنفس الجميع الصعداء مع التوافق على اسم ميشال سليمان رئيسا للجمهورية.

الا ان التوافق على اسم سليمان كان من الممكن ان يحل الازمة لولا حدة الانقسام السياسي حيث اطلت الازمة في صورة جديدة في صورة مطالب من المعارضة تترافق وتتزامن مع انتخاب سليمان.

فالمعارضة تطالب بان يكون انتخاب الرئيس ضمن سلة متكاملة تشمل الحكومة الجديدة وقانون الانتخاب، بينما تقول الاكثرية باولوية انتخاب الرئيس دون ربط هذا الاستحقاق الدستوري بأي قضية اخرى

مبادرة في غرفة الانعاش
تمثل الطوق الاخير لحل ازمة الرئاسة البنانية في المبادرة العربية التي خرجت باجماع الدول العربية بما فيها سوريا والسعودية، الدولتين العربيتن اللتين توصفان بانها الاكثر تأثيرا ونفوذا في لبنان، وهما كذلك بالفعل.

وتنص المبادرة العربية في بنودها الثلاثة على اولوية انتخاب قائد الجيش ميشال سليمان رئيسا والاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية لا توفر لاي طرف قدرة الاستئثار بالقرارات او تعطيلها ويكون لرئيس الجمهورية كفة الترجيح، والاتفاق على وضع قانون جديد للانتخابات.

ورغم الدبلوماسية المكوكية التي اتبعها عمرو موسى الامين العام للجامعة العربية، على مدى الشهور الماضية، لتحويل بنود المبادرة الى واقع، فقد غرقت المبادرة في الواقع اللبناني ، وهو ما عزاه البعض الى غموض آلية التنفيذ رغم وضوح نقاط المبادرة.

وبدت الدبلوماسية العربية تفتقر الى الحسم، كما رأي مراقبون، فقد تباينت تفسيرات بعض القوى اللبنانية لبنود المبادرة.

فرغم مرور قرابة 4 اشهر منذ صدور تلك المبادرة، مما ادخلها في نفق مسدود، لم تعلن الجامعة العربية فشل مبادرتها كما لم يحدد الامين العام الاطراف التي تعيق تنفيذها.

وبدخول المبادرة العربية غرفة الانعاش، وصفت دعوة بري لاستئناف الحوار بأنها مبادرة من اجل انقاذ المبادرة ( العربية) فيما المشهد في لبنان تلفه ضبابية من عير المعرف الى اين تقود.

أحمد سليمان