سراييفو: يربط بعض المراقبين التطورات العسكرية في جورجيا بالاوضاع في البلقان وخاصة كوسوفو حيث يعتقد البعض بأن التدخل العسكري الروسي في الأزمة التي تمر بها جورجيا له علاقة مباشرة بموقف روسيا من استقلال كوسوفو عن صربيا. وقال المحلل السياسي محمد فيليبوفيتش ان quot;الموقف الروسي من الازمة في جورجيا له دوافع استراتيجية وامنية وسياسية مختلفة بعد ان ظهرت تطورات جديدة على الساحة الدولية مؤخراquot;.

واوضح فيليبوفيتش أن دوافع روسيا الامنية quot;تأتي بسبب تخوفها من توسع حلف الناتو على حدودها وخاصة بعد وصول الرئيس الجورجي سكاشفيلي للسلطة الذي لم يخف توجهاته الموالية للغرب وخاصة الولايات المتحدة الأميركيةquot; ولكنه بين بأن هناك دوافع سياسية دولية اخرى تقف وراء الموقف الروسي هناك.

وقال أن موقف موسكو بالتدخل العسكري المباشر في جورجيا هو رد واضح على موقف الولايات المتحدة الذي دعم استقلال كوسوفو رغما عن انف صربيا وحليفتها روسيا الامر الذي قد اضر بمصداقية وقدرة السياسة الخارجية الروسية على الصعيد الدولي وخاصة في منطقة البلقان حيث تقع حليفتها صربيا.

واشار الى أن واشنطن قد اثارت حنق الساسة الروس بسبب تجاهلها لمعارضة روسيا الشديدة لاستقلال كوسوفو والوقوف الى جانب حكومة كوسوفو المحلية باعلان استقلالها الرسمي عن صربيا التي تورط جيشها في جرائم تطهير عرقي ضد المواطنين الالبان هناك. واعتبر ان استقلال كوسوفو عن صربيا قد فهم من الساسة الروس بأنه اذلال لسياسة روسيا الخارجية وانهاء لما تبقى لها من نفوذ هناك الأمر الذي جعل روسيا تستغل اي فرصة تلوح لها في الدفاع عن كبرياءها المجروح في البلقان.

ورأى فيليبوفيتش ان روسيا قد وجدت ضالتها في ازمة جورجيا حيث ستحاول روسيا كسر شوكة الرئيس الجورجي الذي يسعى للانضمام الى حلف الناتو وغيره من المنظومات الاوروبية والأميركية التي تعتبره روسيا تهديدا مباشر لأمن روسيا. واكد أن روسيا تتبع الآن نفس المبدأ الذي اتبعته الولايات المتحدة في كوسوفو وهو فرض سياسة الامر الواقع ولكنه اعتبر ان الموقف الأميركي الداعم لاستقلال كوسوفو كان مبررا وضروريا خاصة بعد اكتشاف مدى فضاعة الاجرام الذي ارتكبه الجيش الصربي ضد المواطنين الالبان في كوسوفو.

واستبعد فيليبوفيتش ان تنجح سياسة روسيا هذه في اعادة مسألة استقلال كوسوفو على طاولة المفاوضات معتبرا ان تبعية كوسوفو لصربيا هي جزء من الماضي الذي لن يعود ابدا خاصة بعد ادراك الجميع لما تعرض له شعب كوسوفو من قتل وتنكيل على ايدي الجنود الصرب في نهاية القرن الماضي.

لافروف: لا يمكن اجراء مناقشات دولية حول اسيتيا وابخازيا خارج اطار تحديد صفتهما

أكد وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف انه لا يمكن اجراء مناقشات دولية حول ضمان الامن في اسيتيا الجنوبية وابخازيا خارج اطار تحديد صفة هذين الاقليمين.وقال لافروف اثناء مؤتمر صحافي عقده اليوم ان المباديء الستة التي اعلن عنها في ختام زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لموسكو لم تتضمن الاشارة الى وحدة الاراضي الجورجية ولا تحديد الوضع النهائي لاسيتيا الجنوبية وابخازيا.

واشار الى استحالة مناقشة مستقبل الامن في هذين الاقليمين خارج اطار تحديد وضع قانوني لهما. وشدد القول على ضرورة توقيع الاطراف المعنية على وثيقة قانونية ملزمة بعدم اللجوء لاستخدام القوة لحل النزاعات في المنطقة. ولفت الانتباه الى ان قوات حفظ السلام الروسية ستتخذ مزيدا من الاجراءات الضرورية لحماية امنها على ضوء التجربة المريرة التي مرت بها خلال الايام الاخيرة مشيرا على وجه الخصوص الى قيام افراد قوات حفظ السلام الجورجية باطلاق النار على زملائهم الروس.

واكد ان قوات حفظ السلام الجورجية التي قامت بهذه الممارسات الفظة quot;لن تعود الى اسيتيا الجنوبيةquot; مشددا على ضرورة التزام جورجيا بسحب قواتها المسلحة من منطقة النزاع الى اماكن مرابطتها الدائمة. واضاف ان القوات الروسية سوف تعود لمواقعها بعد انسحاب القوات الجورجية لافتا الى ضرورة تعزيز دور المراقبين الدوليين التابعين لمنظمة الامن والتعاون الاوروبي والامم المتحدة في المنطقة وتوجيه الجهود لمراقبة سلوك الجانب الجورجي.

وذكر لافروف ان بلاده ستخصص موارد مالية كبيرة لاعادة اعمار عاصمة اسيتيا الجنوبية تسيخنفالي مؤكدا في الوقت نفسه على ضرورة ان يدفع المعتدي ثمن عدوانه ضد اسيتيا الجنوبية. وقال ان الخطة الروسية الفرنسية المشتركة لتسوية النزاع ستطرح على الاطراف المعنية جورجيا واسيتيا الجنوبية وابخازيا من اجل مباركتها والبدء بتنفيذها.

وكان 2500 شخص على الاقل قد قتلوا واصيب مئات اخرين بجروح وشرد اكثر من 40 الف لاجئ ودمرت مدينة تسيخنفالي بالكامل نتيجة للهجوم الذي شنته القوات الجورجية ضد اسيتيا الجنوبية قبل اربعة ايام. وتدخلت القوات الروسية لتعزيز قوات حفظ السلام التي فقدت 15 عسكريا وتمكنت من اخراج القوات الجورجية من اسيتيا الجنوبية واعادة الوضع الى اطاره السابق فيما استغلت القوات الابخازية الموالية لروسيا هذه الفرصة واعادت سيطرتها بالكامل على وادي كودوري.