شهدت سوق إنتقالات اللاعبين في الدوري الجزائري هذا الصيف وتيرة سريعةفي الإنتداباتوإبرام صفقات خيالية، مما جعل أسعار اللاعبين ترتفع إلى مستويات قياسية لم يألفهااللاعب الجزائري رغم الأزمة المالية التي تمر غالبية الأندية، وذلك بسبب شحّ السوق من المواهبفي ظل إهمال الأندية لسياسة الإهتمام بمدارس التكوين.


الدولي خالد لموشية ولحظة تقديمه لاعباً لإتحاد العاصمة الجزائري

ما يلاحظ على سوق الإنتقالات في الجزائر هو عدم التزام الأندية بالمعايير السائدة في العالم، خاصة في أوروبا، حيث اللاعب يفقد أسهمه كلما تقدم في السنّ،بدليل أن بعض اللاعبين مضوا عقوداً مقابل مبالغ كبيرةوهم في خريف مشوارهم الكروي.

وبينما حافظ لاعبونعدةعلىأسهمهم في السوقبفضلثبات مستواهم الفني على غرار لموشية وجاليت ومفتاح، فإن البعض الآخر وجد نفسه يبحث عن فريقيضمه بعد تراجع أدائه بشكل كبير، أبرزهم حسين اشيو وكريم غازيوالحارس مروان عبدوني وعمار عمور وفريد شكلام وحارس الخضر السابق وناس قواوي وآخرين لجأوا إلى الدرجة الثانية لمواصلة مشوارهم.

وعلى عكس السنوات المنصرمة شهدت الصائفة الحالية مذابح حقيقية في حق اللاعبين في بعض الأندية بإقدامها على تصفية قوائمها من العناصر غير المرغوب فيها، والتي بلغ عددها في بعض الفرق أكثر من عشرة لاعبين لإفساح المجال أمام استقدام آخرين.

كما نلاحظ أنمعظم اللاعبين يفضلونإمضاء عقود قصيرة لا تزيد عن الموسم الرياضي الواحد حتى لو اضطروا إلى التنازلعن بعض الامتيازات العينية أو المادية حتى يجدوا أنفسهم أحراراً من أي التزام قانوني تجاه أنديتهم مع نهاية الموسم، مما يسمح لهم بإبرام صفقات أخرى، سواء بتجديد العقد أو الانتقال إلى ناد آخر.

بلغة الأرقام، فقد تحطمت كل الأرقام السابقة التي كانت في حوزة المهاجمين مجيد طهراوي ويوسف غزالي،بعدما نجح عدد من اللاعبين في الحصول على عقود تلبّي رغباتهم المادية وتؤمن أوضاعهم الاجتماعية.

وفرض اتحاد العاصمة نفسه بطلاً بلا منازع في سوق هذا العام، سواء من حيث عدد اللاعبين الذين انتدبهم أو قيمتهم الفنيةبعدماتمكن من خطف أفضل نجوم الدوري، واستفاد الاتحاد من الأموال الضخمة التي ضخّها رئيسه الثري علي حداد في خزينته المالية، والتي فاقت الثلاث ملايينيورو في سبيل إعادة بريق الفريق الذي فقدهالمواسمالماضيةعندما أصبح يلعب على البقاء، وهو الذي كان كل موسم يحصد على الأقل بطولة دوري أو كأس الدولة.

والحقيقة أن حداد يريد السير على منوال سلفه سعيد عليق، الذي استقدم إلى سوسطارة ألمع اللاعبين في نهاية التسعينات وبداية الألفية الجديدةوعلى منوال أيضًا عبد الحكيم سرار الذي حوّل وفاق سطيف إلىقبلة اللاعبين.

وأصبح حداد ينعت عند محبي الاتحاد بإبراموفيتش الجزائر، والذي تمكن من فرض سيطرته على السوق، حيث تعاقدحتى الآن مع 14 لاعباً، مما يجعله يدخل الموسم الجديد بوجه مختلف تماماً عن ذلك الذي ظهر به خلال العام المنصرم.

استثمر حداد جيداً فيأوضاع، وفاق سطيف، حيث استقدم من هناككل من لاعب الوسط فهام بوعزة والظهير الأيسر محمد يخلف والمدافع عبد القادر العيفاوي والدولي خالد لموشية،الذي أمضى أغلى صفقة، والتي فاقت عشرة مليارات، وشقة فاخرة في أرقى أحياء العاصمة،فضلاً عن عشرتذاكر سفر من وإلى فرنسا،وربما هذا ما شجعه على البقاء في الدوري الجزائري رغم تلقيه عروضًا للانتقال إلىأحد الأندية العربية، منها الزمالك المصري.

كماتعاقد حداد معثنائي اتحاد الحراش بوعلام حمية وبومشرة سليم وهداف شبيبة القبائل فارس حميتي والظهير الأيمن لشبيبة بجاية ربيع مفتاح ومدافع مولودية وهران فريد بلعباس وصانع ألعاب أولمبيك الشلف عموري جديات ونسيم بوشامة من مولودية الجزائر، واستعاد حارسه الدولي محمد زماموش، رغم سخط الأنصار عليه من الفريق نفسهمقابل ثمانية مليارات لموسمين فقط ليكون بذلك أغلى حارس في تاريخ الكرة الجزائرية، إضافة إلى مدافع اتحاد البليدة بلخيتر.

وتبقى الصفقة الأبرز، والتي تحسب لحداد، هي تمكنه من إقناع ياسين بزاز من العودة إلى الدوري الجزائري، الذي غادره قبل نحو عشر سنوات للاحتراف، بعدما تمكن من شراء ورقة تسريحه من نادي تروا الفرنسي.

أمام هذه الانتدابات الوازنة، كان لا بد على مدرب الاتحاد الفرنسي هيرفي رونارد القيام بمذبحة حقيقيةفي صفوف الفريق، راح ضحيتهاأكثر من 12 لاعباً تم تسريحهم، بعضهم كان ضمن الجيل الذهبي الذي منح الاتحاد ألقاباً وبطولات على غرار حسين اشيو وكريم غازي، اللذين كانا ضمن quot;هوامرquot; السوق الجزائرية.

من جهته تمكن رئيس شبيبة القبائل شريف حناشي من دخول السوقمجدداً في محاولة لإعادة فريقه إلىجبهة المنافسة على لقب الدوري، الذي لم يتوج به منذ العام 2008،وأبرم هو الآخر صفقات من العيار الثقيل بانتدابه ثنائي الوفاق حسين مترف ونبيل حيماني العائد إلى معقله بعد ثلاثة مواسم، وثنائيمولودية العلمةالمهاجم حمزة بولمدايس ومتوسط الميدان كامارا.

استقدم الكناريحتى الساعة 11 لاعباً جديداً، غير أن ما أفسد طعم هذه الانتدابات هي إضاعة عدد من اللاعبين الركائز بلغ عددهم أكثر من عشرةلاعبين، فشل حناشي في إقناعهم بالبقاء في القبائل أبرزهم سيد علي يحيى شريف، الذي احترف في إيستر الفرنسي، وحميتي وبلال نايلي الذي فضل العودة إلى العاصمة عبر بوابة شباب بلوزداد، ونبيل يعلاوي المنتقل إلى المولودية والمدافع زيتي الذيإنضم إلى الصاعد الجديد شباب قسنطينة.

البطل أولمبيك الشلف وبفضل حنكة رئيسه عبد الكريم مدوار عمل على الحفاظ على تركيبة الفريق البشرية التي ظفرت بالتاج، ونجح في تجديد عقود جل الركائز على غرار المدافع المخضرم القائد سمير زاوي والمايسترو محمد مسعود وعبد السلام شريفومحمد سوقار، كمااستقدم مهاجم اتحاد العاصمة الشيخ حميدي ومتوسط ميدان وفاق سطيف الكاميروني فرانسيس امباني،لكنه فشل في الإبقاء على عموري جديات، وأيضاً المهاجم هداف الدوري العربي سوداني الذي احترف قبيل أيام في فيتوريا غيماراش البرتغالي.

بالتأكيد ستسمح الـ800 ألف دولار التي انتقل بها سوداني إلى البرتغال من إنعاش خزينة الشلفستسمح له بانتداب لاعبين آخرين لتدعيم صفوفه، خاصة أن الفريقمقبل على المنافسة على ثلاث جبهات رئيسة دوري وكلأس وعصبة أبطال إفريقيا، ولو أن مدوار ليس من الرؤساء الذين يبرمون الصفقات الخيالية ويفضل التعاقدمع لاعبين مغمورين أو مع لاعبينيسعون إلى بعث مشوارهم.

بدوره فرض شبيبة بجاية الوصيف نفسه رقماً صعباً في السوق، وإستفاد كثيراً من تحويل مهاجمه الكامبروني يانيك نجونغ إلى الترجي التونسي مقابل 800 ألف دولار مكنت إدارته من إقناعمعظم الأساسيين بتمديد عقودهم حفاظًا على القوام الرئيس،بلوانتدابآخرين مميزين لدعم الصفوففي صورة المهاجمين مصطفى جاليت الآتي من سطيف، ومحمد دراق من المولوديةالذيوقّع مقابل أكثر من مليار، رغم انه عائد من إصابة حرمته من اللعب بشكل منتظم في الموسم المنصرم والمدافع بشيري من وداد تلمسان،ولم يغادره سوى نجونغ ومفتاح والمغترب زهير زرداب العائد إلى فرنسا، وتحديداً إلى نادي روان في صفقة انتقال حرة.

وفاق سطيف و مولودية الجزائر أكبر الخاسرين

هذا وخرجوفاق سطيف أكبر الخاسرين من سوق هذا الصيف، حيث غادره جل نجومه بسبب الضائقة المالية التي يعانيها النادي، والتي جعلته يفقد مكانته الأساسية في السوق، فقد رحل عنهعشرة لاعبين، كانوا بمثابة دعائم الفريق التي لا غنى عنها، فضلواقبول العروض المغرية، التي وصلت إليهم من أندية أخرى، على رأسها الاتحاد والشبيبة، دعائم يصعب تعويضها من قبل الرئيس عبد الحكيم سرار.

هذا الأخير، وبفضل التجربة التي اكتسبها،لجأ إلى السوق الموازية للبحث عن أسماءمغمورة أو فقدت هيبتها مقابل أسعار في متناول خزينته، فتعاقد مع عدد من اللاعبين، جلهم من فرق الدرجات السفلى، أبرزهم تيولي ومغني وقروي، لتبقى أهم وأغلى صفقة للوفاق هذا العام هي تعاقده مع مهاجم الزمالك المصري الجزائري محمد أمين عودية مقابل 100 ألف دولار لموسمين.

مولودية الجزائر، ورغم أن الشائع عنه هو انه أغنى فريق في الجزائر بفضل دعم شركة سوناطراك النفطية له، غير أن موقفه في السوق يؤكد عكس ذلك،فقدفشل هو الآخر في الاحتفاظ بعدد من الأسماء اللامعة، بداية من المهاجم دراق وبدبودة وبوشامةومقدادوالمدافع سفيان حركات والحارس الدولي زماموش،ولا يزال بعض العناصر لم يجدد عقوده بعد، وهو ما أثار مخاوف الشناوة.

ومن حسن حظ الفريق أنه ضمنتدعيم تعداده ببعض اللاعبين المتألقين، أهمهم الحارس الدولي السابق فوزي شاوشي الآتي من سطيفمقابل مليار و900 مليونلعقد يمتد لموسم واحد فقط والمهاجم صديق براجة من مولودية وهران ونبيل يعلاوي، إضافة إلىالمهاجم البوركيني أوسالي و المدافع الكاميروني موبي تونغ وجغبالة من اتحاد الحراش،لتبقى الصفقة التي ينتظرها الشناوة على أحرّ من الجمر هي التعاقد مع باجيو العرب الذي لم يمضِ بعد لأي فريق رغم اقترابه من الاتحاد.

أما بقية الأنديةعلى غرار وداد تلمسان وإتحاد الحراش ومولودية وهرانوشباب بلوزدادوفي ظل استحالة مجاراة الوتيرة الحالية للسوق بسبب تواضع مواردها المالية فقد لجأت إلىالاستثمار في الشبان والتعاقد مع لاعبي أندية الدرجات السفلى لتعويض النزيف الحاد الذي باتت تتعرض له مع نهاية كل موسم،مما يجعل نتائجها غير مستقرة.