يمثل تتويج ليستر سيتي الذي لم يحقق اي انجاز كروي سابق، بلقب الدوري الانكليزي الممتاز لكرة القدم مخالفا جميع التوقعات، نجاحا عظيما لفريق تمكن بفضل امكانيات ضئيلة تحقيق ما فشلت في تحقيقه اندية النخبة التي انفقت اموالا طائلة.

في بداية الموسم، منحت مكاتب المراهنات نسبة واحد على 5 الاف لليستر لكي يتوج باللقب وكان الامر طبيعيا لان ليستر نجا باعجوبة من الهبوط الى الدرجة الاولى نهاية الموسم الماضي.

لكن الثقة العالية بالنفس من قبل اللاعبين الذين بذلوا جهودا خارقة رافعين مصلحة الفريق فوق كل اعتبار ووجود مدرب ملهم هو الايطالي كلاوديو رانييري، ساهم في تحقيق المعجزة باحراز اللقب ليقلب ليستر سيتي الطاولة على الجميع.

ووصف رانييري ما تحقق بانه "انتصار للاعبين اعتبرتهم الاندية الكبيرة صغار القامة او بطيئين ولم تتعاقد معهم".

وتابع "ما حصل مع لاعبي ليستر يمنح الامل لكل لاعب يقال له بانه لا يملك المستوى الكافي لكي يبدع في مجاله".

والادلة كثيرة في صفوف ليستر سيتي: فحارس مرماه الدنماركي كاسبر شمايكل ترك مانشستر سيتي بعمر الثانية والعشرين وامضى خمسة مواسم يتخبط بين الدرجتين الاولى والثانية قبل ان يمنحه ليستر الفرصة لكي يحذو حذو والده بيتر شمايكل حارس مرمى مانشستر يونايتد الشهير من خلال حراسة عرين فريق متوج باللقب المحلي.

اما الظهير الايمن داني سيمسون ولاعب الوسط داني درينكووتر فقد اخلى سبيلهما نادي مانشستر يونايتد لكن كلاهما لعب دورا اساسيا في احراز ليستر سيتي اللقب حتى ان الاخير استدعي الى صفوف المنتخب الانكليزي.

بدوره، امضى المدافع الالماني العملاق روبرت هوث اربعة مواسم في صفوف تشلسي من دون ان يفرض نفسه اساسيا، اما زميله في خط الدفاع وقائده الجامايكي ووس مورغان فلم يلعب كرة القدم على مستوى النخبة الا عندما بلغ الثلاثين من عمره.

اما الجناح مارك البرايتون فقد اطلق سراحه ناديه الام استون فيلا عام 2014.

اما ابرز نجمين في صفوف ليستر وهما الجزائري رياض محرز وهدافه جيمي فاردي فكلفا النادي 4ر1 مليون جنيه استرليني فقط (حوالي مليوني دولار)، وقد توج الاول لاعب العام بحسب جمعية اللاعبين المحترفين، والثاني افضل لاعب بحسب جمعية الصحافيين.

وكان البعض قال لمحرز بانه ضعيف البنية جدا وبطيء جدا لكي يصبح لاعب كرة قدم محترفا، لكنه بات اول عربي وافريقي ينال لقب افضل لاعب في الدوري الانكليزي وثاني لاعب من خارج القارة الاوروبية بعد الاوروغوياني لويس سواريز.

اما فاردي فرفض ناديه الاصلي شيفيلد ونزداي التعاقد معه بعد ان اعتبره قصيرا جدا، لكنه حطم الرقم القياسي للتسجيل في 11 مباراة متتالية هذا الموسم، واستدعي الى صفوف المنتخب الانكليزي كما ذكرت تقارير بان قصته ستصبح فيلما سينمائيا.

اما الملهم الاكبر فكان المدرب رانييري الذي لم يلق تعيينه حماسا كبيرا من قبل انصار النادي وبعض النقاد.

نجح رانييري في استغلال الزخم لفريقه بعد ان فاز في سبع من مبارياته التسع الاخيرة الموسم الماضي لينجو من الهبوط باشراف مدربه السابق نايجل بيرسون، لكن تورط نجل الاخير بفضيحة جنسية في تايلاند جعله يدفع الثمن من خلال اقالته من منصبه.

لم يقم رانييري الذكي باحداث ثورة في صفوف الجهاز الفني واهم خطوة قام بها كان احتفاظه بالمسؤول عن التعاقدات ستيف وولش.

واشاد شمايكل بمدربه بقوله "الشيء الاهم والذي يجدر تقديره في كلاوديو رانييري بانه لم يقم يتغيير كل شيء".

تعاقد الفريق مطلع الموسم مع هوث والنمسوي كريستيان فوكس والياباني شينجي اوكازاكي ولاعب الوسط نغولو كانتي.

وبنى رانييري فريقه على دفاع صلب مع الاعتماد على الهجمات المرتدة مستغلا سرعة محرز وفادري.

تصدر ليستر الترتيب في اليوم الاول بفوزه على سندرلاند 4-2 وعاد اليها في تشرين الثاني/نوفمبر. عاش فترة صعبة مرة واحدة خلال الموسم عندما حقق فوزا واحدا في خمس مباريات في مطلع العام الحالي، لكنه حتى الان لم يخسر سوى ثلاث مباريات.

لم يكتف ليستر سيتي باحراز اللقب، بل سيشارك الموسم المقبل في دوري ابطال اوروبا للمرة الاولى في تاريخه، ويأمل انصاره ان يبقى نجومه في صفوفه موسما اخر ولم لا تحقيق مفاجأة اخرى على الصعيد القاري.

لكن بغض النظر عما سيحصل الموسم الماضي، فان لاعبي ليستر دخلوا الخلود الرياضي من خلال انجازهم الخارق.