بيروت: أظهرت نتائج 60 % من بطاقات الاقتراع في محافظة بغداد الاثنين ان ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي حل في المرتبة الاولى تليه قائمة منافسه رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي.
وتظهر النتائج الاولية أنه قد تتاح للمالكي الفرصة لتشكيل حكومة جديدة لكن السنة سيستشيطون غضبا اذا استبعد منافسه العلماني اياد علاوي الرجل الذي صوت معظمهم له.
واكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ان ائتلاف المالكي حصل على اكثر من 518 الف صوت في حين حلت قائمة quot;العراقيةquot; بزعامة علاوي في المرتبة الثانية جامعة 453 الف صوت، بينما حصل الائتلاف الوطني الذي يضم الاحزاب الشيعية على اقل من 324 الفا. وفي حين يبلغ فارق الاصوات بين القائمتين الاولى والثانية 65 الفا، تجاوز هذا الفارق 130 الفا بين الثانية والثالثة.
يشار الى تخصيص 70 مقعدا لمحافظة بغداد من اصل 325 في البرلمان المقبل. وتؤشر هذه الارقام الى تقدم ائتلاف المالكي باتجاه الفوز ليكون الكتلة الاكبر في البرلمان المقبل. من جهتها، قالت المسؤولة في المفوضية حمدية الحسيني للصحافيين ان quot;نسبة الفرز والعد في عموم العراق بلغت 66 بالمئةquot;.
وتراوحت النسب في المحافظات بين 59 و82 بالمئة. بدوره، قال المتحدث باسم المفوضية القاضي قاسم العبودي quot;ستصدر غدا 85 بالمئة من نتائح التصويت العام، وفي غضون ايام سوف نعلن نسبة كبيرة من النتائجquot; من دون ان يحددها. واكدت الحسيني من جهة اخرى quot;الغاء محطات اقتراع في محافظة كركوك لمخالفتها النظم الواجب اتباعها في التصويتquot;.
يشار الى ان نائبا من التحالف الكردستاني كان طالب المفوضية بالغاء هذه المراكز في جنوب المحافظة وغربها حيث الغالبية من العرب. يذكر ان قائمة علاوي حققت مفاجأة في كركوك المتعددة القوميات بتقدمها على التحالف الكردستاني لدى الاعلان عن النتائج الجزئية الاحد.
وأعادت انتخابات السابع من مارس اذار للبرلمان البالغ عدد مقاعده 325 مقعدا تشكيل المشهد السياسي العراقي الذي تسوده الانقسامات والذي يرجح ان يشهد مزيدا من التغيرات في المساومات الصعبة التي ستظهر في المستقبل لتشكيل ائتلاف.
يذكر أنالساسة الذين يأملون في حكم العراق فيما تستعد القوات الأميركية للرحيل يتصارعون بالفعل على شركاء الائتلاف المحتملين. ومن بين حلفاء المالكي المحتملين الائتلاف الوطني العراقي بقيادة المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وكذلك الاحزاب الكردية فضلا عن قائمة العراقية. لكن هذه الجماعات قد توحد صفوفها حتى تحبط عودته للحكم. وربما تحل الكتل المتنافسة ويعاد تشكيلها.
وقال ديفيد نيوتن سفير الولايات المتحدة السابق لدى العراق quot;هذا على الارجح يعني أن المالكي ستتاح له فرصة تشكيل حكومة. لم يتضح بعد في أي اتجاه سيسير. اذا اتجه نحو المجلس الاعلى الاسلامي العراقي فسيستقبل السنة هذا استقبالا سيئا للغاية.quot;
وأرجع هذا الى أن الكثير من السنة ينظرون للمجلس الاعلى الاسلامي على أنه وكيل لايران ويفضلون علاوي وهو شيعي علماني قاد حكومة انتقالية عامي 2004 و2005 ويبدو في طريقه ليكون لاعبا مهما من جديد.
وقال يحيى الكبيسي الباحث بالمركز العراقي للدراسات الاستراتيجية ان الحكومة التي تستبعد قائمة العراقية تجازف باذكاء الاستياء الذي تشعر به الاقلية السنية منذ أنهى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة سيطرتها الراسخة على السلطة.
وأضاف quot;اذا كنا امام حكومة بهذا الشكل فانا اعتقد ان العراق مقبل على تحولات كبرى ربما يكون العامل الرئيسي فيها هو عودة العنف بشكل كبير الى العراق.quot; ولم يهدأ تمرد سني دموي ضد القوات الأميركية والعراقية الا بعد أن انقلبت القبائل المحلية على متشددي القاعدة ووحدت صفوفها مع القوات الأميركية.
وبنى المالكي حملة انتخابه لولاية ثانية جزئيا على تحسن الاوضاع الامنية بعد أعمال العنف الطائفية التي عصفت بالبلاد عامي 2006 و2007 وعلى خطط لاعادة الاعمار تمول من صفقات نفطية وقعتها حكومته مع مؤسسات أجنبية للاستفادة من ثروة العراق النفطية الهائلة.
ومست رسالته وترا حساسا عند الكثير من الناخبين في بغداد على الرغم من سلسلة من التفجيرات المميتة التي نفذها متشددون لهم صلات بتنظيم القاعدة والتي ضربت أهدافا حكومية في العاصمة منذ اغسطس/ اب. وقال ريدار فيسر خبير الشؤون العراقية quot;يبلي المالكي بلاء حسنا للغاية في بغداد ومعظم المناطق الواقعة الى الجنوب منها لكن أداءه سيئا (بالمناطق التي يغلب عليها السنة) الى الشمال من العاصمة العراقية.quot;
وأردف قائلا انه قد ينتهي المطاف بالعراق بوضع لا يحصل فيه حزب رئيس الوزراء الا على ما بين واحد واثنين في المئة من الاصوات في الانبار معقل السنة ومحافظة الموصل المضطربة بشمال البلاد. وقال فيسر quot;أداء علاوي في المناطق الشيعية افضل من أداء المالكي بالمناطق السنية لكن المشكلة هي أنه ربما يحصل على اجمالي عدد أقل من النواب وبالتالي سيحتاج الى المزيد من الشركاء لتشكيل حكومة ائتلافية.quot;
وأضاف أن دعم المالكي لخطوة اتخذت قبل الانتخابات لمنع مئات المرشحين من خوضها لصلاتهم المزعومة بحزب البعث المحظور والذي كان مهيمنا في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين نفرت الكثير من السنة. وقال quot;من الواضح أن حملة اجتثاث البعث قللت من قدرته على السمو فوق الطائفية والتصرف كزعيم وطني.quot;
وتكهن توبي دودج خبير الشؤون العراقية بجامعة كوين ماري في لندن بأن يعول المالكي على دعم الشيعة في مسعاه لتشكيل ائتلاف يتيح له البقاء في الحكم وليس على شكل من أشكال القومية التي تنضوي تحت لوائها طوائف مختلفة. وقال quot;بالنظر الى سلوكه اثناء الحملة أستطيع المراهنة على النزعة الطائفية وشكل من أشكال التحالف مع الائتلاف الوطني العراقي او عناصر منهquot; مشيرا الى حلفاء المالكي الشيعة السابقين.
وتفوق المالكي على الائتلاف الوطني العراقي بفارق كبير في مدينة البصرة المنتجة للنفط بجنوب البلاد والتي كان قد أرسل لها قوات لتقاتل ميليشيا شيعية عام 2008. وقال عقيل عبد الحسين الاستاذ بجامعة البصرة انه يمكن التكهن بالنتائج حتى الان. وتابع قائلا quot;هي في الواقع تمثل نفس الشارع البصري والسبب لان هذا الشارع لمس في السنتين الاخيرتين تحسنا كبيرا فيما يخص الناحية الامنية.quot;
اما الانتخابات في كركوك حيث تقدمت قائمة علاوي فيمكن أن تضر بمزاعم الاكراد المستمرة منذ فترة طويلة بأن المدينة المنتجة للنفط تنتمي لكردستان وان كان من المؤكد أن يلجأ الاكراد الى مساومات تشكيل الائتلاف لانتزاع تنازلات بهذا الصدد.
وواجه الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال الطالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني تحديا لم يسبق له مثيل لسيطرتهما على أصوات الاكراد من قبل جماعة جوران الداعية للاصلاح.
وقال خالد سليمان المحلل بشمال العراق ان الاكراد سيتحدثون بصوت واحد في بغداد على الرغم من صعود جماعة جوران وبخاصة فيما يتعلق بالقضايا المتصلة بمصير الاكراد مثل السيطرة على كركوك وقضية القوات الكردية المعروفة باسم البشمركة. وتابع أن الاكراد سيلعبون دور صناع الملوك من جديد في السياسة العراقية مضيفا أنه لا يمكن تشكيل حكومة بدونهم.
التعليقات