تصاعدت الاحتجاجات التي يقوم بها الفلسطينيون إثر إعلان إسرائيل اعادة ترميم وافتتاح quot; كنيس الخرابquot; بالقرب من المسجد الاقصى، وسط توقعات بتحوّلها إلى انتفاضة.

القدس: منذ ان اعلنت اسرائيل عن اعادة ترميم وافتتاح ما يسمى بـquot; كنيس الخرابquot; بالقرب من المسجد الاقصى بمدينة القدس تصاعدت الاحتجاجات التي يقوم بها الفلسطينيون وخصوصاً في مدينة القدس الشريف وبقية الاراضي المحتلة بشكل جزئي، إضافة إلى استمرار اعمال الاستيطان الاسرائيلي والسيطرة على املاك ومنازل المقدسيين، واصوات الكثير من الفلسطينيين تتعالى للرد على هذه الانتهاكات الاسرائيلية والتي يمكن ان تبدأ quot;بهبّة شعبيةquot; وسرعان ما تتحول الى انتفاضة شعبية ثالثة، غير ان المحافل الرسمية الفلسطينية تتخوف من امتداد هذه الهبة الى الاراضي التي تخضع لسيطرتها حيث تفضل السلطة الفلسطينية ان تبقى في نطاق محدود لاعتبارات كثيرة.

مفتي القدس: الخطوة قبل الاخيرة لهدم الاقصى

ويعتبر المراقبون ان اعادة افتتاح الكنيس الاسرائيلي وفي هذه اللحظات الصعبة يشكل مؤشرا على قرب بناء ما يسمى بـquot;معبد جبل الهيكل مما يشكل خطورة تستهدف المقدسات الاسلامية والمسيحية في المدينة المقدسةquot;، وقالت مؤسسة الاقصى للوقف والتراث في فلسطين عام 48: quot;إن هذا الكنيس يعتبر اكبر واعلى كنيس يهودي ويبق بالقرب من المسجد الاقصى، وقد اقيم على حساب المسجدين الاقصى والعمري على ارض وقفية اسلامية في حارة الشرف وهو حي اسلامي من احياء القدس القديمةquot;.

اما المفتي العام للقدس والاراضي الفلسطينية الشيخ عكرمة صبري فقد اعتبر quot;أن بناء كنيس الخراب بمثابة الخطوة قبل الاخيرة لهدم المسجد الاقصى واقامة الهيكل المزعومquot;، وطالب صبري مؤتمر القمة العربية القادم في ليبيا باتخاذ قرارت سياسية واقتصادية واضحة وقابلة للتحقيق. وقال صبري: quot;نريد مقاطعة تجارية حقيقية لا وهمية بحيث تستشعر اسرائيل بقيمة العرب التي لم تستشعرها ولم تعيرها اي اهتمامquot;. وقال رئيس وحدة القدس في الرئاسة الفلسطينية احمد الرويضي: ان اسرائيل تحاول تزوير التاريخ من خلال اقامة كنيس في محيط المسجد الاقصى مؤكدا على ان وثائق عثمانية واردنية وحتى وثائق اسرائيلية تؤكد ان العقار الذي حولته اسرائيل الى كنيس في حارة الشرف في البلدة القديمة من القدس هو وقف اسلامي باسم عائلة مقدسية، مشيرا الى ان خبراء فلسطينيين يعملون على تحضير ملف يؤكد زيف الرواية الاسرائيلية حول وجود اثر يهودي في البلدة القديمة من القدس ومحيطها.

الاسرائيليون: quot;الكنيس يعود لعام 1700quot;

اما الاسرائيليون فيقولون quot;ان تاريخ هذا الكنيس يعود الى عام 1700 وتم هدمه عام 1948 من قبل الجيش الاردني، وبحسب الروايات الاسرائيلية: فان مجموعة من الهيود البولنديين مكونة من 500 شخصا قامت بجمع اموالا طائلة وقدمتها الى مسؤول في الدولة العثمانية انذاك كرشوة من اجل بناء الكنيس على اراض تعود لعائلة فلسطينية غير انه حدث خلاف بين اليهود الاشكنازي وبقية الهيود وتم هدمه عام 1721 وفي العام 1834 جرت محاولات لاعادة بنائه من جديد غير ان الدولة العثمانية منعت اليهود من البناء وبقى الكنيس خرابا حتى عام 1864 ولذلك سمي (بكنيس الخراب) وتجدر الاشارة الى ان هذه الروايات الاسرائيلية لم تسنتد الى اي معلومات محايدة او تاريخية.

quot;ليست انتفاضة دينيةquot;

وفي لقاء مع quot;ايلافquot;، حذر المحلل السياسي هاني المصري الفلسطينيين من الانجرار وراء اسرائيل التي تحاول وتسعى جاهدة الى تحويل ما تقوم به من انتهاكات في القدس ضد الفلسطينيين وبخاصة اقامة معبد يهودي بمحاذاة الحرم القدسي الشريف على انه صراع ديني وعقائدي مشيرا الى أنه رغم اهمية البعد الديني في الصراع العربي ndash; الاسرائيلي لا يجوز الغاء كافة الابعاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من دائرة الصراع.

وقال المصري: ان السلطة الفلسطينية حتى الان تبدي موقفا معارضا لاندلاع انتفاضة شعبية عامة سيما في تلك المناطق التي تسيطر عليها خوفا على فقدانها للعديد من المكتسبات والامتيازات السياسية والمالية التي حصلت عليها من العالم وخصوصاً من دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركية بالاضافة الى تخوف السلطة من فقدان مصادر الدعم المالي الدولي المقدم اليها وبالتالي يهدد كيانها بالخطر، مطالبا السلطة بعدم وضع الحواجز بينها وبين المواطنين، على الرغم حقها في التخوف من ردة الفعل الاسرائيلية وكذلك حقها في عدم تعريض كيانها للخطر.

وقال المصري: ان اندلاع انتفاضة او هبة شعبية ليس بحاجة الى قرار من احد ووظيفة الاحزاب والفصائل الفلسطينية ترشيد الانتفاضة والمحافظة على عدم تكرار الاخطاء الماضية التي رافقت تفجر الانتفاضة الثانية منوها الى ان اهم ما يعيق اندلاع انتفاضة هو استمرار الانقسام الداخلي الفلسطيني والذي يدمر كل الامكانيات والفرص المتاحة لنجاح الانتفاضة في حالة اندلاعها.

وقال المصري: اذا استمرت اسرائيل باعمال الاستيطان والاعتداءات على المقدسات واملاك المواطنين في القدس وغيرها واستمرار تعثر استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين فان ذلك قد يفجر الاوضاع مؤكدا على انه لا احد يعرف متى ستتفجر الاوضاع وتندلع انتفاضة جديدة لان اي الانتفاضة لا تحتاج الى صدور قرار او فرمانات من احد مشيرا الى ان وظيفة الفصائل الفلسطينية ستكون ترشيد الانتفاضة وبث الوعي فيها والابتعاد عن الوقوع في الاخطاء.

وحول مدى استعداد اسرائيل لمواجهة الانتفاضة في حال اندلاعها اشار المصري الى ان اسرائيل سبق ودربت جنودها على حرب المدن من خلال تصميم مدن كرتونية وان الصحف الاسرائيلية تحدثت في الاونة الاخيرة عن احتمال اندلاع انتفاضة جديدة وعن السيناريوهات المحتملة بعد ذلك، إلا أن الجانب الفلسطيني الذي يصر على استئناف المفاوضات الثنائية مع اسرائيل معتبرا ان خيار المفاوضات هو الافضل للجانب الفلسطيني غير ان الشعب الفلسطيني يمتلك مقومات التصدي والمقاومة الشعبية وليست الانتفاضة المسلحة التي لن تحقق سوى انجازات محدودة سيما وان افقها اي الانتفاضة المسلحة سيكون محدودا مشيرا الى ان العالم العربي والاسلامي والاصدقاء سوف يقفون مع حقنا في مقاومة الاحتلال، ولكنهم اي العرب لن يقفوا معنا في الانقسام، معتبرا ان المقاومة المسلحة ليست جريمة ولكن كما سبقت يجب التركيز على المقاومة الشعبية التي تحقق نجاحات افضل في ظل التغيرات الدولية والاقليمية.

وخلص المصري الى القول: لا بد من الاستماع الى نتائج المؤتمر الوطني الذي عقد مؤتمرا في القدس والذي طالب بالبحث عن خيارات وبدائل جديدة من اجل الدفاع عن القدس وسكانها.