يرى البعض أنَّ إقرار الحظر التَّام للنقاب في فرنسا سيزيد من الشعور بالإستياء لدى المسلمين.

بيروت: اكدت الباحثة اللبنانية دلال البزري، الاختصاصية في علم الاجتماع والخبيرة في الحركات الاسلامية المعاصرة، ان اقرار مشروع القانون حول الحظر التام للنقاب في فرنسا الذي يفترض ان يبحث في مجلس الوزراء الفرنسي في 19 ايار/مايو، سيزيد من الشعور بالاستياء لدى المسلمين quot;المعتدلينquot;.

هل فرنسا والدول الاوروبية الاخرى تتخذ قرارا صائبا بحظر النقاب؟

من الناحية الامنية، الخوف من النقاب الذي يخفي تماما هوية الشخص، امر مفهوم الى حد كبير، لا سيما بسبب المخاوف المرتبطة بquot;الارهابquot; في الغرب. اعتقد كذلك ان هذا التيار السلفي الداعي الى ارتداء النقاب يزداد ويعبر عن شعور بquot;تفوقquot; الحضارة الاسلامية في مواجهة الحضارة الغربية. ومؤيدو النقاب مقتنعون تماما بان المستقبل لهم.

لكن تطبيق قانون حظر النقاب من شأنه ان يزيد الشعور بالاستياء لدى المسلمين المعتدلين في فرنسا المنزعجين اصلا من النقاش الذي حصل حول الهوية الوطنية، اذ ان الامر لن يقتصر حينها على الكلام، بل سيصبح قانونا. اعتقد ان تطبيق مثل هذا القانون قد يخلق نوعا من التعاطف لدى المسلمين المؤمنين بقيم الجمهورية الفرنسية، فيجعلهم يفكرون كمسلمين رغما عنهم.

ما هي أبعاد النقاش حول النقاب؟

ان فرنسا ودولا اوروبية اخرى تدور في حلقة مفرغة، اذ لديها الحق بالحظر، لكنها، بفرض الحظر، تعرض نفسها لردات فعل عكسية. هذه الدول ناجحة امنيا في ملاحقة quot;الارهاب الاسلاميquot; وضعيفة في تعاملها مع التشدد الديني الاسلامي. وذلك عائد الى حد كبير الى مصالح نسجتها مع دول اسلامية.

مشكلة فرنسا بالتحديد انها لا تتقبل تاريخها وتراثها المسيحيين بالمعنى الثقافي. صحيح انها علمانية، لكن ارثها مسيحي. هذه هي الازمة التي تعاني منها. (...) في بريطانيا مثلا لا يوجد هذا التوتر في التعامل مع الدين.

هناك ازمة هوية بالتأكيد. حتى لو ان المدافعين عن النقاب يشكلون اقلية، فان طبيعة الاسلام الذي يروجون له في اوروبا تطغى على التيارات الاخرى. هم اصحاب الدينامية، اصحاب الحدث، هم الذين يحتلون العناوين الاولى في الصحف، لا المسلمين العلمانيين او المتحررين. ان فرنسية منقبة قد تدفع مواطنين فرنسيين آخرين الى طرح اسئلة مثل: quot;ما هي قيمنا المشتركة؟ ماذا يعني ان اكون فرنسيا؟quot;.

ما ابرز الثغرات في النقاش الجاري حول النقاب؟

المشكلة تكمن في ان الطبقة السياسية هي التي تقود هذا النقاش. ولم تتوصل فرنسا الى بحث المسألة بمعزل عن الاعتبارات السياسية. وان انصار اقصى اليمين راضون اليوم مثلا عن خطاب وزير الداخلية بريس اورتفو بعد قضية نانت (عندما دافع اورتفو عن قرار فرض غرامة على سائقة ترتدي النقاب). وهناك صعود منتظم للتيار اليميني الفرنسي القائم على الهوية.

النقاش الجاري اذا لا يعكس دائما حسن النية. انه يشبه الجدل المتعلق بازمة الهوية لجهة نقص الصراحة الذي يتسم به. هناك كلام عن الاسلام، عن المهاجرين، عن الاقليات... يتم خلط كل شيء من دون النقاش في جوهر المشكلة، وهناك مبالغة في الاعلام.

ما ينقص فرنسا هو تيار فكري قادر على التفكير في المسألة مع تجنب الوقوع إما في منطق (المفكر الاسلامي المثير للجدل) طارق رمضان وإما في منطق (رئيس الجبهة الوطنية الفرنسية جان ماري) لوبن. هناك حاجة الى رؤية واضحة وعدم اضاعة الوقت بالشعارات.