يحمّل سكان محافظة ميسان العراقيّة الجنوبيّة المهملة في كل العهود حروب النظام السابق واستخدام الولايات المتحدة اليورانيوم والاسلحة الكيميائية في ضربها للعراق منذ عام 1991 مسؤولية ما يعانونه من تفشي أمراض سرطانيّة وأخرى متنوعة حيث لا تكاد تخلو عائلة هناك من مصابين بأمراض يتقدمها العمى والسرطان والصمم.

تقول وزارة الصحة العراقية إن تلك الاشعاعات والاسلحة الكيميائية واليورانيوم المنضب الذي ألقي على العراق وعلى ميسان (320 كم جنوب بغداد) بشكل خاص كان لها الاثر البالغ في التأثير على الجينات الوراثية الامر الذي أدى إلى ظهور الكثير من الأمراض الغريبة الخطرة وخاصة تلك التي أثرتفي الجينات.

وأوضحت أن الأمراض التي تصيب أفراد العائلات في هذه المحافظة بشكل واسع هي العمى والصمم والسرطان بحيث تتراوح الاصابة بين ثلاثة واربعة اشخاص في العائلة الواحدة.

وقد التقت quot;إيلافquot; عددًا من هؤلاء المكفوفين الذين فضلوا رفع شكواهم عبرها لمن يستجيب من المسؤولين العراقيين.. وقال بنوان الذي يعمل حارسا في احدى المدارس quot;إن عدد ابنائي 15 فردا بينهم اربعة مكفوفين اولهم فتاة مواليد عام 1995 واسمها شيماء مطلبها الوحيد الذهاب خارج العراق للعلاج لان الطبيب اخبرها بامكانية علاجها في انكلترا والباقون اطفال تتراوح اعمارهم بين السادسة والسابعة ومصابون بالعمى ايضا.

محمد فنجان المصاب بالعمى قال quot;انا لا اطلب شيئا لنفسي فقد رضيت بقدر الله ولكن اخي اصيب بالعمى ايضا منذ ثلاث سنوات واصبح شبه عدواني quot;ومع ظروف الحياة المعقدة والصعبة والحياة التي نعيشها والتي تتدنى عن خط الفقر اضطررنا ان نحبسه في غرفة خاصة لايستطيع حتى الحيوان ان يسكنهاquot;.

ويتساءل قائلا quot;لكن ماهو العمل و انا ضرير وهو كذلك اضافة الى انه مصاب بمرض نفسي ويمكن في اي لحظة ان يتحول الى عدواني ومؤذ ولابد من معاملته وحجره بهذه الطريقة حيث قمت بربطه بسلسلة تجنبا لتبعات عدوانيتهquot;.

عائلة اخرى لديها ثلاثة مكفوفين وهم أخوة أيتام فقدوا الاب الأولى هي رنده عدنان جاسم وهي فتاة بعمر الزهور من مواليد عام 1993 فقدت بصرها تدريجيا.. اما شقيقها علي فقد اصيب بالعمى والخبل.. وكذلك الاخ الاصغر وعمره ثماني سنوات قد اصيب بالعمى وهؤلاء اليتامى المكفوفون الثلاثة يتكفلهم عمهم المعاق الذي بترت ساقه في احدى الحروب التي خاضها العراق خلال السنوات الاخيرة. وهناك حالة اخرى غريبة تخص عائلة تضم سبعة أفراد يعيشون دون خط الفقر ستة منهم فقدوا النطق ولا يستطيع الكلام في هذا البيت سوى الأم.

المنظمات الانسانية والتي تعنى بالجانب الصحي كان لها مشاركة في هذا الجانب لتخفيف معاناة هؤلاء الضحايا حيث قال حيدر حسين الجوادي مدير جمعية الهلال الأحمر العراقي فرع ميسان: لقد تمت مفاتحة المركز العام لجمعية الهلال الأحمر وشرحنا هذه الحالات الغريبة فطلب منا إكمال المسح الميداني عن حالات الاصابة لاتخاذ الاجراءات اللازمة للتخفيف من معاناة هذه الشريحة. واشار الى أن الجمعية مستمرة برصد مثل هذه الحالات الغريبة ولن نتوقف عن العمل بهذا الاتجاه الإنساني للتخفيف عن الضحايا.

احمد كريم فاضل رئيس جمعية المكفوفين في محافظة ميسان قال ان ظاهرة الامراض الخطرة هي واحدة من نتائج الحروب التي واجهتها البلاد من خلال استخدام اسلحة محظورة دوليا يضاف الى ذلك العوز والفقر الذي تعيشه الاسر والذي يحول بينها وبين مراجعة الاطباء لان تكلفته مرتفعة جدا.

واضاف رئيس جمعية المكفوفين في حديثه مع quot;ايلافquot; ان الحكومة لاتبدي اهتماما برعاية المصابين او معالجة امراض هذه الشريحة المعاقة ولايهم مسؤوليها سوى الاستحواذ على المناصب على الرغم من وجود فقرة في الدستور العراقي لا يكاد يطبقها احد وهي المادة 32 والتي تنص على ان المعاق له حقوق على الدولة.

والحكومة لا تمنح المعوق الان سوى خمسين الف دينار عراقي quot;32 دولاراquot; ولا تدفع الا كل ثلاثة او اربعة اشهر وهي لاتكفي حتى لمراجعة الطبيب مرة واحدة في الشهر لذلك فإن اغلب العوائل التي تعاني هذه الامراض التزمت السكوت لان الفقر والعوز يحولان دون الوصول الى العلاج. ويشكو فاضل من أن جمعيته لا تملك مقرا لها وقال quot; طالبنا الكثير من المسؤولين في مجلس محافظة ميسان ان يقوموا بتوفير مقر لنا لكن الامر كان وعودا لاتغني ولاتشفي المكفوفين.quot;