تسعى إسرائيل لتوجيه ضربة عسكريّة لإيران بحلول الصيف المقبل، وتشير نظريّات إلى أنّ إسرائيل تحاول إجبار الولايات المتّحدة على اتّخاذ إجراءات أقوى ضدّ إيران من خلال مواجهة واشنطن مع شبح هجوم إسرائيلي من جانب واحد، والذي من المرجّح أن يجبر واشنطن على اتّخاذ قرار بشنّ الهجوم بنفسها إذا اقتنعت بأنّ إسرائيل لا يمكن ردعها.

تناولت صحيفة quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; الأميركيّة في تقرير نشرتهفي موقعها الإلكترونيّ حقيقة الإحتمالات الخاصّة بإمكان توجيه إسرائيل ضربة عسكريّة لإيران عمّا قريب، وذلك من خلال الكشف المثير الذي أماطت عنه النّقاب مجلّة quot;ذا أتلانتيكquot; الأميركيّة الشهريّة، في عدد شهر أيلول -سبتمبر، في ما يتعلّق بأنّ إسرائيل ستسعى إلى مهاجمة برنامج إيران النووي وتدوينه بحلول الصيف المقبل بنسبة تزيد على الـ 50 في المئة، وأنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو سيتّخذ قراره في هذا الخصوص على الأرجح مع حلول كانون الأول - ديسمبر المقبل.

وقالت quot;ساينس مونيتورquot; في مستهلّ حديثها إنّ التقرير الذي نشرته المجلّة الشهريّة الأميركيّة يُمثِّل لكاتبه، جيفري غولدبيرغ، ولعدد من المعلّقين السياسيين، تصويرًا دقيقًا إلى حدّ بعيد لما تفكّر فيه إسرائيل بالفعل الآن. في حين يبدو التقرير لآخرين أنّه مسعى من جانب المسؤولين الإسرائيليين غالبيّتهم غير معروفينممّن تحدّثوا إلى غولدبيرغ لتحقيق مصلحة ذاتيّة، عبر محاولتهم التي ترمي إلى خلق درجة أكبر من الراحة السياسية والعامّة مع فكرة شنّ هجوم على إيران والذي يتوقّع معظم الناس أن يشهد انتقامًا من المصالح الأميركيّة وكذلك الإسرائيلية ويُحتمل أن يجرّ الولايات المتحدة إلى ثالث صراعاتها الكبرى على مدار الأعوام العشرة الأخيرة.

ثمّ مضت الصحيفة لتنقل عن ستيفن والت، الأستاذ في كلية كينيدي في جامعة هارفرد الأميركيّة، قوله: quot;على الرغم من أنّ غولدبيرغ لا يدعو صراحةً الولايات المتحدة إلى مهاجمة إيران، وكان حريصًا على الاعتراف بالجوانب السلبيّة المحتملة لهذا الخيار، إلاّ أنّ لهجةالتقرير ومضمونه كانا يهدفان بوضوح إلى دفع إدارة أوباما نحو شنّ هجومquot;. وأضاف قائلاً: quot;المعنى الضمنيّ هنا واضح. فإذا كنت تقصد ما قلته سيادة الرئيس، ولا تريد أن يعتقد الناسأنّك ضعيف، فالأفضل لك أن تكون جادًّا بشأن القوّة العسكريّةquot;.

إقرأ المزيد:

إسرائيل قد تهاجم إيران وبدون موافقة أميركيّة

ايران: سنشعل تل ابيب في حال تعرضنا لهجوم إسرائيلي

أربعة مسارات مفترضة للطائرات الإسرائيليّة لشنّ هجوم على إيران

وبالنسبة إلى منتقدين آخرين مثل والت، فقد رأت الصحيفة أنّ الخطاب العدائي يُشكِّل جزءًا من المسرح السياسي الذي يبالغ عن عمد في احتمال شنّ هجوم إسرائيلي. وقد شكّك هؤلاء المنتقدون في قدرة إسرائيل على القيام بهذا الهجوم عمّا قريب، وبنوا قرائنهم على حجج مُقنِعة، طبقًا لوجهة نظرهم، حيث وجدوا أنّ سلاح الجو الإسرائيلي سيلاقي صعوبة في تغطية المسافات الشاسعة التي سيتعيّن عليه اجتيازها، إضافة إلى تشتّت المواقع النووية الإيرانية وتصلّبها، وكذلك المردود المحدود الذي يتوقّعه الإسرائيليون من وراء هذا الهجوم، حيث يتوقّع المخطّطون الإسرائيليّون أن يسفر هجومهم عن تأخير البرنامج النووي الإيراني لمدة خمس سنوات على الأكثر.

وفي هذا السياق، قال كافيه إحساني، المحلل المختص في الشأن الإيراني وأستاذ العلوم السياسية في جامعة دي بول في شيكاغو: quot;أعتقد صراحةً أنّ هذه لعبة بلاغية. فالقيام بهجوم إسرائيلي سيكون خطوة من شأنها تعقيد لعبة دبلوماسية وإستراتيجية حساسة فعلاً، وقد تُسفِر عن نتائج غير متوقعة للجميع، وهو الأمر الذي تدركه إسرائيلquot;.

ثم تابعت الصحيفة تأكيدها على أنّ المسؤولين الإسرائيليين ستكون لديهم أسبابهم التي تجعلهم يظهرون علنًا وبصورة أكثر عدوانيّة عن نواياهم الفعليّة المحتملة، وأنّ هذا الرأي هو ما شدّد عليه غولدبيرغ أيضًا في تقريره.

ولفتت quot;ساينس مونيتورquot; كذلك لتلك النظريّة المعروفة منذ عدة سنوات داخل الدوائر الدبلوماسية والعسكرية وتلك المتعلقة بالسياسة الخارجية، إلى أنّ إسرائيل تسعى لإجبار الولايات المتحدة على اتخاذ إجراءات أقوى ضد إيران، من خلال مواجهة واشنطن بشبح هجوم إسرائيلي من جانب واحد، الخطوة التي يُرجّح أن تُلام عليها الولايات المتحدة من قِبل معظم دول العالم الإسلامي، مهما كانت مشاركتها أو معرفتها المسبقة بالفعل.

وعلى أساس هذه النظرية، يُنتظر أن تمارس إدارة أوباما ضغوطًا من أجل تشديد العقوبات على إيران لإحباط مثل هذه الإجراءات الإسرائيلية، وربما، شن الهجوم بنفسها إذا اقتنعت بأن اسرائيل لا يمكن ردعها. والمنطق هو، وفي الوقت الذي يحظى فيه الجيش الأميركي بقدرات تفوق بكثير قدرات نظيره الإسرائيلي، وأنّ اللوم سيوجه إلى أميركا في جميع الأحوال، فإنّ واشنطن قد تقوم بإنجاز المهمة بشكل مباشر.