كشف التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران كانت تخفي الكثير من الأسس التقنية لعملها النووي، ولكن هذا التقرير لم يخلص إلى نتائج بشأن مدى التقدم الذي أحرزته إيران ، فإنه سيكون غير ذي صلة بالنسبة لحسابات إسرائيل بشأن ما إن كانت ستهاجم منشآت إيران النووية أم لا.

الوكالة الدولية للطاقة الذرية


القاهرة: جاء أحدث تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامج إيران النووي، الذي كان يُعد سراً منذ عدة أشهر، ليكشف عن أدلة مفادها أن الجمهورية الإسلامية أخفت الكثير من الأسس التقنية التي تعنى بتطوير السلاح النووي على مدار العقدين الماضيين.

غير أن مجلة فورين بوليسي الأميركية أوضحت في هذا الصدد أن التقرير يفتقر للتهمة الأبرز والأهم، وهي المتعلقة بأن القيادة السياسية في إيران دبرت وخططت لبرنامج سري هدفه امتلاك أسلحة ذرية. وقد تكون تلك هي الحجة الوحيدة لحفظ ماء وجه طهران، التي تتيح لها الاستمرار في انتهاج السياسية الدبلوماسية كما هي العادة.

ولأن التقرير لم يخلص في هذا الصدد إلى نتائج بشأن مدى التقدم الذي أحرزته إيران على صعيد برنامج تسلحها النووي، فإنه سيكون غير ذي صلة بالنسبة لحسابات إسرائيل بشأن ما إن كانت ستهاجم منشآت إيران النووية أم لا. ومنذ العام 2008، وإيران تصف التقارير التي تتحدث عن سعيها لامتلاك أسلحة نووية بأنها مجرد تقارير مبنية على معلومات استخباراتية خاطئة، مشابهة لنوعية المعلومات التي قادت الولايات المتحدة في العام 2002 إلى تضليل الوكالة الدولية للطاقة الذرية والعالم بأسره فيما يتعلق بأن العراق قد واصل برنامجه البائد الخاص بالتسلح النووي.

في غضون ذلك، أعدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملفاً ضخماً يشير إلى قيام إيران بجهود استقصائية بمجالات تقنية حساسة ذات صلة بتطوير الأسلحة النووية مثل بدء النيوترون والتفجير واختبار المتفجرات شديدة الانفجار وإعداد الاختبار النووي والنمذجة والبحوث الفيزيائية المحددة والعمل على إعادة إدخال حمولة صواريخ باليستية.

وأضحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية واثقة على نحو متزايد من أن المعلومات حقيقية. وفي الوقت الذي حدثت فيه مواجهة مشتعلة بين الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية عام 2002 بشأن العراق، استهل مؤلفو التقرير نتائجهم بتوضيح حقيقة أن السجلات ذات مصادر متنوعة ومفحوصة جيداً إلى أقصى حد ممكن.

ومع تولي يوكيا امانو لدفة القيادة، أضحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكثر حزماً في تأكيدها أنها ستتحقق من المزاعم التي تتحدث عن وجود quot;بعد عسكري محتملquot; لبرنامج إيران النووي، الذي مازال يعلم عنه البرادعي الكثير من المعلومات.

وبتكذيب تقرير الوكالة الجديد مزاعم إيران المتعلقة بأن أنشطتها في هذا المجال تتم لأغراض مدنية، أكد في نفس الوقت أن بعض الأنشطة تُبَرر فقط على ما يبدو بالعمل على متفجرات نووية وأن الجيش الإيراني متورط بشكل كبير منذ العام 1989.

ومضت المجلة تشير إلى أنه خلال فترة حكم الرئيس أكبر هاشمي رافسنجاني بين عامي 1989 و 1997، تزايد نفوذ الحرس الثوري الإيراني، الذي قام بعد ذلك ببسط نفوذه في جميع أنحاء المجتمع المدني الإيراني. وطوال نصف عقد، يطرح مسؤولو الوكالة الدولية للطاقة الذرية تساؤلات على أنفسهم بشأن ما إن كانت تجربة رافسنجاني على الجبهة الإيرانيةndash; العراقية قد تبلورت إلى قرار سياسي من جانب قادة إيران لتطوير قدرات نووية سرية، سوف تضمن، كما في حالة إسرائيل، أن الجمهورية الإسلامية لن تصبح مرة أخرى رهينة لتهديد صادم بشأن الأمن القومي.

وفي هذا الجانب رأت فورين بوليسي أن تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يسبق أن تعامل معه، حيث لم يسبق له أن أشار إلى أدوار محتملة للحرس الثوري الإيراني أو لأي من قادة إيران. كما لم يسبق له بالفعل أن حدد أي مسؤولية سياسية للقرارات، التي كونت علاقة وطيدة على مدار عقدين بين الجيش الإيراني وبين منظمات علمية أجرت تجارب وبحوث وأنشطة شراء سرية لدعم ما يبدو أنه برنامج أسلحة نووية.

وبعد لفتها إلى عدم تعاون إيران بشكل كامل مع وكالة الطاقة الذرية، وما أثارته مؤخراً تقارير إعلامية بخصوص تفكير مسؤولين إسرائيليين في شن هجوم على منشآت إيران النووية، ختمت المجلة بقولها إن تقارير الوكالة الخاصة بالأنشطة المرتبطة بأسلحة إيران النووية لم تكن بدافع الواقعية السياسية وإنما بدافع الرغبة في إبقاء اهتمام العالم منصباً على برنامج نووي، لم تفلح الوكالة، بعد مرور عشرة أعوام تقريباً من الاستقصاء والبحث، في التصديق بأنه خاص بالأغراض السلمية فحسب.