النازحون السوريون يطالبون لبنان بالحماية

أكد التقرير الأخير الصادر من المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة خلال الأسبوع الماضي، أن عدد النازحين السوريين إلى شمال لبنان بلغ 4510 نازحاً. ويلقي النازحون اللوم على كل من حزب الله والدولة اللبنانية في عدم تأمين الحماية اللازمة لهم.


بيروت: تتصاعد عمليات القتل والمداهمات، بالرغم من توقيع نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد على برتوكول جامعة الدول العربية، المتعلق بإرسال بعثة المراقبين العرب، ووصول طلائعهم إلى دمشق، للإطلاع على حقيقة ما يحصل داخلها من أحداث، ووضع حد لقتل المدنيين وإطلاق المعتقلين. وتتزايد في الوقت نفسه أعداد النازحين السوريين نحو القرى اللبنانية القريبة من الحدود، وخصوصًا منطقة وادي خالد، التي تقع فى أقصى شمال لبنان، وتضم الغالبية الساحقة منهم، وحيث يتوزّع الآخرون على العديد من البلدات القريبة من الحدود.

ويستمر تدفق أعداد متزايدة من العائلات السورية النازحة هربًا من القمع والاعتقال، والجرحى، الذين يسقطون جراء إطلاق النار على المتظاهرين، وخصوصًا في مدينة حمص والمنطقة المحيطة بها، التي تحولت إلى المركز الرئيس للانتفاضة المستمرة منذ حوالى العشرة أشهر حتى الآن ضد النظام.

أكد تلك المعلومات التقرير الأخير الصادر من المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة خلال الأسبوع الماضي، الذي أشار إلى أن عدد النازحين السوريين إلى شمال لبنان، وفق ما أبرزته لوائح السجلات الرسمية، بلغ 4510 نازحين، في وقت تواصلت عمليات أعمال إعداد الملاجئ والمساكن لهم بالتعاون مع الهيئة العليا للإغاثة التابعة لمجلس الوزراء.

ويلفت التقرير إلى أن المفوضية والهيئة العليا للإغاثة التابعة للحكومة اللبنانية، ساعدت ما يقارب 9 آلاف نازح سوري منذ نيسان الماضي، وقد عاد بعضهم إلى سوريا وعالجت حوالى 100 جريحًا في مستسفيات الشمال اللبناني خلال الأسابيع الاخيرة.

تتجه أنظار النازحين نحو التطورات والأحداث السياسية، بعد توقيع النظام في سوريا على بروتوكول الجامعة العربية، والذين يرون في غالبيتهم الساحقة، بأنه إحدى ألاعيب النظام ومراوغته من أجل اكتساب المزيد من الوقت، كي يتمكن من قمع المتظاهرين بشكل أعنف، ولأنه يعلم، كما يقول النازح في مركز quot;الرامةquot; للنازحين في شمال لبنان أحمد حلوم، بأنه إذا تمكن المراقبون العرب من منع أجهزة النظام من إطلاق النار على المتظاهرين، فإن الناس سيخرجون بالملايين للمطالبة بإسقاطه.

يضيف حلوم قائلاً: quot;إن الانشقاقات في صفوف الجيش تتزايد، والتظاهرات تمتد إلى مناطق جديدة، وقد وصلت إلى قلب العاصمة دمشق، وخصوصًا حي الميدان، الذي انطلقت فيه قبل أيام تظاهرة، فاق عدد المشاركين فيها 50 ألف مواطنquot;.

ويؤكد النازح الآخر في المركز محمود قليش انعدام ثقة بالنظام، آملاً في أن يشكل قدوم المراقبين العرب، فرصة تسمح للنازحين بالعودة إلى المناطق التي غادروها، ويسجل في الوقت نفسه عتبه لعدم استقبال العائلات السورية النازحة إلى لبنان، كما استقبل الشعب السوري العائلات اللبنانية، التي نزحت إلى سوريا، خلال حرب تموز 2006 مع إسرائيل.

يخصّ إبراهيم حزب الله بالنقد والعتب، ويعبّر عن خيبة أمل كبيرة بسبب مواقف أمين عام الحزب حسن نصرالله، لوقوفه إلى جانب نظام مجرم وقاتل. ويتساءل كيف يعتبر الحزب أن ما حصل في تونس ومصر والبحرين وليبيا ثورة، بينما يعتبر انتفاضة الشعب السوري مؤامرة أميركية ndash; إسرائيلية؟. وينفي حصولهم على أي مساعدات مالية أو غيرها من تيار المستقبل في لبنان.

تشكل المعاناة الشخصية للمتحدث الرسمي باسم لجنة المتابعة للنازحين السوريين في شمال لبنان، الشيخ عبد الرحمن العكاري، صورة مصغرة عن الآلام والمعاناة التي يكابدها الشعب السوري، جراء انتفاضته المتواصلة، حيث خسر عكاري زوجته، وهي أم لثلاثة أطفال، والتي قتلت قبل حوالى الأسبوعين برصاص وحدات حرس الحدود السوري quot;الهجانةquot;، في طريق عودتها من زيارة إلى أهلها في بلدة تلكلخ، واعتقل اثنان من أشقائه، وهما الأكبر علي، الذي سيحال قريبًا إلى إحدى المحاكم العسكرية، والأصغر محمد، من دون أن يعرف شيئاً عن مصيره حتى الآن.

يتناول عكاري في حديثه لـ quot;إيلافquot;، مجمل الجوانب المتعلقة بقضية النازحين إلى لبنان، ويعتبر أن التوقيع على بروتوكول الجامعة العربية يصبّ في مصلحة النظام، لأنه جاء وفق شروطه، ويسأل: quot;هل يمكن إعطاء المهل لقاتل ومجرم لارتكاب المزيد؟quot;.

ويشدد على استمرار وسلمية الثورة، التي تهدف إلى إقامة دولة مدنية وتعددية، تحفظ حق الجميع، ويلفت إلى أن سوريا عصية على الحرب الأهلية، لأن تاريخها الحديث لم يشهد أي نوع منها، خصوصًا إذا ما كانت الورقة الأخيرة، التي يستخدمها النظام لإنقاذ نفسه من السقوط المحتم، بما في ذلك تفجير السيارات المفخخة في الأحياء المكتظة بالسكان في قلب العاصمة دمشق كما حصل قبل يومين.

يشير عكاري إلى وجود معلومات لديه حول خطة لدى النظام في سوريا لإقحام النازحين الموجودين في لبنان، وبأية وسيلة ممكنة لديه،في مشكلات أو ربما جرائم تقوم بها أفراد من قبله، لإثارة الرعب والخوف في أوساطهم.

ويطالب الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية بتأمين الحماية لهم، من خلال وضع النازحين في مراكز معترف بها من قبل الدولة اللبنانية، وتخضع لحماية قواها الأمنية، والتي يمكن أن تحصل داخل بعض المدارس على سبيل المثال، وحتى لو لم يتم ذلك تحت عنوان إنشاء مخيم للنازحين.

ويشدد عكاري على الالتزام الكامل للنازحين بالقوانين والأنظمة المرعية الإجراء في لبنان، علمًا أن أي خروج جماعي من أي دولة إلى أخرى، بسبب القمع أو الكوارث يصنف لجوءً، وفق القانون الدولي، وهو ما يضمن حقوقهم الإنسانية، والذي لم يحدث حتى الآن من قبل الحكومة اللبنانية، وإن كانوا يحصلون على الحد الأدنى من حاجاتهم الغذائية كالحبوب والمعلبات، والذي يبقى خاضعًا في الكثير من الأحيان للإمكانيات المالية المتوافرة لدى الجمعيات، التي تساعد النازحين، ويؤدي في الكثير من الأحيان إلى نقص في حليب الأطفال والأدوية الضرورية على سبيل المثال.

ويختم بأن النازحين يعيشون في منطقة أشبه ما تكون بسجن، لا يستطعون مغادرته، لأنهم لا يملكون أي بطاقة تخوّلهم التجول، وعدم التعرّض للاعتقال من قبل القوى الأمنية، عند أول حاجز يحاولون عبوره.