صورة عملاقة لميقاتي في طرابلس في شمال لبنان |
استوقف الأوساط الرسمية والسياسية في لبنان الحديث الذي أدلى به الرئيس السوري بشار الأسد إلى صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot; الأميركية الأسبوع الماضي، خصوصًا لجهة قوله إن الرئيس نجيب ميقاتي المكلف تشكيل حكومة لبنانية جديدة يعمل على أن تكون حكومة وحدة وطنية، في الوقت الذي كانت فيه المحادثات والاتصالات القائمة بين الأخير وقيادات في 14 آذار لا توحي بقبول هذا الفريق الدخول في الحكومة العتيدة، ما لم يحصل على إجابات واضحة وصريحة منه عن كيفية تعاطيه مع موضوع المحكمة الدولية الناظرة في جريمة اغتيال الرئيس الحريري ومعالجة قضية السلاح غير الشرعي.
وهذا ما رد عليه ميقاتي بالقول إن أي مسألة خلافية تحتاج حوارًا بغية التوصل إلى حل يحظى بإجماع حولها.
لم تمضِ أيام قليلة على تصريح الأسد حتى جاء موقف وزير الخارجية السوري وليد المعلم ليكرر ما قاله الرئيس السوري، اذ أكد أمام وفد جمعية الصحافيين الكويتيين لدى استقباله له يوم الأربعاء الماضي quot;أن الاستقرار في لبنان يكمن في تشكيل حكومة وحدة وطنية تشمل كل أطياف المجتمع في لبنان، وهو ما يسعى إليه رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتيquot;، مشيرًا إلى أن تشكيل الحكومة وصل إلى مراحله النهائية.
هذا وقد تزامن تصريح المعلم في وقت لم تمضِ فيه ساعات على إعلان رئيس الجمهورية اللبنانية السابق رئيس حزب الكتائب امين الجميل وصول المباحثات التي يجريها مع الرئيس المكلف باسم قوى الرابع عشر من آذار والمتعلقة بمسألة المشاركة في الحكومة المقبلة الى الطريق المسدود، الامر الذي حمل الاوساط الرسمية والسياسية على تفسير كلام الاسد وبعده وزير خارجيته بأنه رغبة سورية في مواصلة الجهود الآيلة الى تأليف حكومة وطنية رغم علمهما بالصعوبات التي تحول دون ذلك.
الا ان كلا من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والرئيس المكلف تلقف quot;النصحية السوريةquot;، حيث عمد الأول الى استقبال الوزير بطرس حرب، وحثه على معاودة الحوار مع ميقاتي. وهذا ما حصل، إذ زار حرب الرئيس المكلف وتحدث عن الحاجة الى بعض الوقت، وربما الى ما بعد الاحتفال بذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري يوم غد الاثنين قبل ابلاغ جواب قوى 14 آذار النهائي بشأن مشاركتها في الحكومة او عدمها، فيما أبدى الرئيس الجميل بدوره ترحيبا باعادة التواصل مع الرئيس الملكف الذي وصفه بـ quot;المرنquot;، لافتا في الوقت نفسه إلى ان على ميقاتي ان يقنع من رشحه وسماه لتشكيل الحكومة بان المصلحة الوطنية تقتضي بما تم الاتفاق عليه في وثيقة اللقاء الاسلامي الذي انعقد في دار الفتوى يوم الخميس الماضي خصوصًا لجهة الالتزام بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
وهكذا على وقع الطلب المتجدد من 14 اذار اعلان الرئيس المكلف تمسكه بالمحكمة الدولية وعدم الاتجاه لالغائها وجعله شرطا للانضمام الى حكومته، مقابل عزم الاكثرية الجديدة الممثلة بفريق الثامن من آذار على نسف هذه المحكمة كما ذكر ذلك صراحة الوزير جبران باسيل في حديث تلفزيوني، أوضح فيه ايضًا ان موضوع محاكمة شهود الزور يبقى اولوية لدى المعارضة القديمة، يخوض الرئيس المكلف جولة جديدة من المباحثات مع ممثلين عن 14 آذار في أجواء مختلفة عما كانت عليه من قبل، توحي بأن المهمة التي يقوم بها ميقاتي اضحت اكثر صعوبة، بعدما ارتفعت اصوات من داخل 8 و 14 اذار، بعضها يحذره من مغبة التخلي عن المحكمة والنكث بما وافق عليه في اجتماع دار الفتوى والوثيقة الصادرة منه، كما فعل عضو كتلة المستقبل النيابية الدكتور عمار حوري.
وأخرى تنقده لحضوره الاجتماع المذكور والتعهد بعدم المس بالمحكمة كما قال رئيس الحكومة السابق عمر كرامي، مضيفًا ان استقالة الحكومة السابقة برئاسة سعد الحريري سببها رفض الاخير البحث في هذا الموضوع وكذلك في قضية شهود الزور، فيما هدف المعارضة السابقة الأول من الحكومة الجديدة وقف التعامل مع المحكمة وتمويلها وسحب القضاة اللبنانيين منها، متسائلاً ما إذا كان بامكان الرئيس ميقاتي القيام بذلك.
من هنا تبدي الاوساط المتابعة لعملية تشكيل الحكومة تخوفها من امكانية ولادتها في القريب العاجل كما سبق ان توقع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكذلك الرئيس المكلف الذي يحاذر تشكيل حكومة من لون واحد لا تنسجم مع quot; الوسطيةquot; التي ينادي بها والتي يجهد صاحبها حاليا للتوصل الى معادلة تبدو شبه مستحيلة في ارضاء فريقين متناقضين في النظرة الى المحكمة الدولية، هذا اذا ما وضعت قضية سلاح quot;حزب اللهquot; جانبا على اساس انها من اختصاص هيئة الحوار الوطني التي علقت اجتماعاتها بعد رفض رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون حضورها وجاراه في ذلك حلفاؤه.
لكن ورغم المشهد الضبابي الذي يخيّم على مسار تشكيل الحكومة العتيدة، برز أمس موقفان لافتان من quot;حزب اللهquot; بعد التزامه الصمت منذ تكليف ميقاتي . واحد جاء على لسان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، الذي قال ان عملية تأليف الحكومة ماضية في مسارها الطبيعي. والثاني أدلى به عضو المجلس السياسي للحزب الشيخ نبيل قاووق معلنا ان لا فيتو على احد للانضمام الى الحكومة، باستثناء السائر في مشاريع التآمر على الأمة.
وقد اعتبرت الاوساط السياسية والرسمية والمتابعة لعملية تأليف الحكومة بأن في هذين الموقفين مؤشرات على قرب إعلان التشكيلة الحكومية، ولكن من دون معرفة quot;اللونquot; الذي سترسو عليه، وما اذا كان واحداً او اكثر.
التعليقات