أشعل المجلس الشيعي الأعلى في لبنان سجالا جديدا حول المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، بعد أن دعا المجلس إلى عدم التعاون مع المحكمة واعتبارها فاقدة للشرعية الدستورية والوطنية.



ما ان اصدر المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى بيانه عقب الاجتماع الذي عقده أمس بهيئتيه الشرعية والتنفيذية والذي يدعو فيه الى quot;رفض أي تعاون مع المحكمة الدولية الناظرة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري واعتبارها فاقدة للشرعية الدستورية والوطنية بعد ان تحولت أداة لتصفية الحسابات السياسية بدل الكشف عن الحقيقةquot; ، حتى طلعت أصوات سنية من كتلة quot;المستقبلquot; النيابية التي يرأسها رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري منتقدة لهذا البيان وحاملة في الوقت نفسه على quot;حزب اللهquot; الذي اتهمته باتخاذ موقف استباقي من المحكمة سار المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى على خطاه .

وهكذا عاد السجال السني _ الشيعي ليحتدم حول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في وقت يجهد فيه الرئيس نجيب ميقاتي المكلف تشكيل الحكومة الجديدة لانجاز مهمته التي تواجهها عقبات شتى أبرزها ربط قوى الرابع عشر من آذار مشاركتها في الحكومة بحصولها على أجوبة واضحة منه سبق أن طرحتها عليه ابان قيامه بالاستشارات النيابية تتعلق بكيفية تعاطيه مع موضوع المحكمة والسلاح غير الشرعي ، في وقت سُمِع فيه من يقول إن ميقاتي تعهد للمعارضة السابقة قبل تكليفه تنفيذ ما سبق للحريري نفسه ان وافق عليه في التسوية التي جرى تعطيلها والمتضمنة إلغاء بروتوكول التعاون مع المحكمة ووقف تمويلها وسحب القضاة اللبنانيين منها ، الأمر الذي نفاه الرئيس المكلف بشدة وكذلك المعارضة على لسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في حديث سابق لـ quot;إيلافquot; أكد فيه ان الرئيس ميقاتي لم يقدم مثل هذا التعهد باستثناء الحرص على حماية المقاومة فيما موقفه من المحكمة بات معروفاً إذ اعتبرها مسألة خلافية تتطلب إجماعاً لحلها .
هذا وانتقد النائب محمد الحجار عضو تكتل quot;لبنان اولاًquot; الذي يضم quot;المستقبلquot; وحلفاؤه البيان الصادر عن المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى أمس واعتبره quot;سياسياً بامتياز وكأنه بيان لـ quot;حزب اللهquot; quot; ، مستغرباً ان quot;يعمد المجلس المذكور والذي من المفترض ان يمثل الطائفة الشيعية ، الى مجاراة الحزب في منطقه الاستباقي من موضوع المحكمةquot; ، لافتاً الى quot;ان الرئيس ميقاتي في موقف لا يحسد عليه إذ انه التزم ببيان دار الفتوى وبالامس صدر بيان للمجلس الشيعي الاعلى ولا أعرف كيف سيوفق بينهماquot; .

واستغرب عضو التكتل نفسه النائب عمار حوري بيان المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الذي يأتي في خضم أزمة تأليف الحكومة ، وقال إنه quot;عندما صدر موقف سياسي عن دار الافتاء اكد تمسكه بالمحكمة ، (في اشارة الى الاجتماع الذي عقده المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى في العاشر من الشهر الجاري بحضور ميقاتي والرئيسين الحريري وفؤاد السنيورة والنواب السنة ومجلس المفتين) رأينا مواقف منتقدة وقلنا آنذاك أن كل فريق يعبر عن وجهة نظره ونحن نحترم جميع الافرقاءquot; .

من جهته قال عضو كتلة quot;المستقبلquot; النيابية وممثل الجماعة الاسلامية فيها النائب عماد الحوت لـ quot;إيلافquot; : quot;ان ما صدر عن المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى انما يعبر عن وجهة نظر فريق من اللبنانيين بالمحكمة الدولية وقد جاء بمثابة رد على البيان السابق الصادر عن دار الفتوى ، علماً انه اعاب على هذه الدار يومها ما اعتبره إقحاماً من قبلها بالشأن السياسي فيما هو يحذو حذوها اليوم وكأنه يريد القول إنه يحق له ما لا يحق لغيرهquot; .

ورأى الحوت ان ما اعلنه المجلس المذكور quot;يساهم في زيادة الشرخ والانقسام بين اللبنانيين في وقت نحن في أمس الحاجة فيه الى تضافر الجهود للحفاظ على لبنان واستقراره وحماية سلمه الاهلي وعيشه المشتركquot; .

هذا ولم تقتصر الردود الشاجبة للموقف الصادر عن المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الرافض للمحكمة على الاصوات السنية وحدها بل شملت هذه المرة اصواتاً شيعية ايضاً معروفا عنها معارضتها للنفوذ الشيعي الواسع الذي تمثله حركة quot;أملquot; و quot;حزب اللهquot; إذ تساءل العلامة السيد علي الأمين في تصريح لـ quot;أخبار المستقبلquot; اليوم : quot;كيف يمكن لهيئة روحية ان تصدر حكماً وفتوى ولم تطلع على حيثيات هذا الحكمquot; ، مضيفاً quot;لقد ذكرني بيان المجلس بما قاله النائب السابق الدكتور محمد عبد الحميد بيضون (شيعي) في خطابه بمناسبة الاحتفال بالذكرى السادسة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري بأن هذه البيانات هي بيانات حزبية مكتوبة سابقاً وتعبر عن آراء الثنائي الشيعي المسيطر على الطائفةquot; .

بدوره اعتبر عضو كتلة quot;المستقبلquot; النائب غازي يوسف والذي يشارك في اجتماعات المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى بصفته نائباً شيعياً ، quot;ان موقف هذا المجلس من المحكمة الذي يعتبرها ملغاة والداعي إلى رفض التعاون معها لا يعكس رأي كل ابناء الطائفة الشيعية في لبنانquot; .
واكد يوسف في تصريح صحافي على quot;ان هذا الكلام يأخذ الطائفة الشيعية الى مكان يفترض الا يؤخذ اليهquot; وقال : quot;موقفنا واضح من المحكمة الدولية التي هي مؤسسة قضائية لتحقيق العدالة التي لا يمكن بلوغها إلا عبرها ، ونحن طلبنا العدالة من خلال المحكمة الدولية بعدما تيقنّا من استحالة معرفة من اغتال الرئيس رفيق الحريري وسائر الشهداء بواسطة القضاء اللبنانيquot; .

وقال يوسف quot;إن البيان سياسي 100 % وينطلق من خلفية سياسية معروفة ، ولا يستند الى أي اساس قانوني او حقوقي ، ولا يعكس رأي نسبة كبيرة من الشيعة في لبنان الذين يعدون اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه الشهداء موجها ضد الاستقرار ودفع البلد نحو الفوضىquot; .