القاهرة: شهد ميدان التحرير في وسط العاصمة المصرية القاهرة الجمعة، وقائع محاكمة شعبية رمزية للرئيس السابق حسني مبارك، الذي تنحّى عن السلطة في 11 فبراير/ شباط الماضي، وعدد من أركان نظامه، من بينهم رئيسي مجلسي quot;الشعبquot; أحمد فتحي سرور، والشورىquot; صفوت الشريف، ورئيس ديوان الرئيس السابق، زكريا عزمي.
وخلال جلسة المحاكمة، التي جرت وسط حضور عشرات الآلاف من المحتجين، فيما يُعرف بـquot;جمعة المحاكمة والتطهيرquot;، تقدم quot;مدّعون بالحق المدنيquot; بمطالبهم إلى المحكمة، تتضمن المطالبة بـquot;إعدامquot; المتهمين، وتعويض مادي 70 مليار جنيه، حوالي 11 مليار دولار، فيما قام أحد الأشخاص برفع quot;مشنقةquot;، أعلى المنصة التي أٌقيمت في ساحة ميدان التحرير.
وبعدما استمعت المحكمة، برئاسة المستشار محمود الخضيري، نائب رئيس محكمة النقض السابق، إلى quot;شهود الإثباتquot; في الاتهامات الموجّهة إلى الرئيس السابق وأفراد عائلته، وquot;كل الرموز المنهارة، والمحسوبة على النظام السابقquot;، قررت المحكمة تأجيل quot;النطق بالحكمquot; إلى الجمعة المقبل، وسط هتافات الحضور quot;النهاردة.. النهاردةquot;، بحسب ما نقلت وسائل إعلام رسمية.
ومن بين شهود الإثبات الذين استمعت إليهم المحكمة، النائب السابق جمال زهران، الذي أكد مسؤولية quot;المتهمينquot; عن بيع الغاز الطبيعي إلى إسرائيل بـquot;أسعار زهيدةquot;، وأسعد هيكل، ممثلاً عن أسر ضحايا عبارة quot;السلام 98quot;، التي راح ضحيتها أكثر من ألف قتيل، ويحيى حسين، صاحب قضية quot;عمر أفنديquot;، إضافة إلى والدة الشاب خالد سعيد، التي أكدت مسؤوليتهم عن قتل ابنها وتشويه صورته.
ونقل موقع التلفزيون الرسمي عن وكالة أنباء الشرق الأوسط أنه أثناء تجهيز ساحة المحاكمة، من خلال وضع شخص يلبس وجهاً مستعارًا للرئيس السابق، حسني مبارك، بينماقيّدت يداه بالأغلال داخل قفص خشبي، تمهيداً لبدء وقائع المحاكمة، لوحظ أن طائرة هليكوبتر عسكرية قامت بالتحليق فوق ميدان التحرير.
وعقب انتهاء وقائع المحاكمة الشعبية، ألقى الشيخ حافظ سلامة، قائد quot;المقاومة الشعبيةquot; في مدينة السويس، كلمة أكد فيها quot;ضرورة تطهير البلاد من عناصر الفساد في كل الهيئات والمؤسسات، والحفاظ على الوجه الناصع للثورة، حتى إذا استدعى الأمر التوجه إلى شرم الشيخquot;، مؤكداً أن quot;دم شهداء الثورة لن يضيع هدراًquot;.
وكان عشرات الآلاف من المصريين قد توافدوا على ميدان التحرير منذ صباح الجمعة، للمشاركة في ما أطلق عليه quot;جمعة المحاكمة والتطهيرquot;، التي دعا إليها العديد من القوى والتيارات السياسة المختلفة، من أجل سرعة محاكمة الرئيس السابق وعائلته ورموز نظامه quot;الفاسدquot;.
وفي تصريحات لـCNN، قال محمد طمان، المتحدث باسم quot;ائتلاف ثورة 25 ينايرquot;، إن هناك إجماعًا بين مختلف القوى السياسية، على ضرورة تقديم الرئيس السابق للمحاكمة، لدوره في قتل مئات المتظاهرين، خلال الاحتجاجات التي اندلعت خلال شهري يناير/ كانون الثاني وفبراير/ شباط الماضيين، إضافة إلى اتهامه بـquot;ارتكاب جرائم فسادquot;.
وطمان إلى أنه إذا لم يقدّم مبارك إلى المحاكمة، فإن نشطاء يعتزمون تنظيم مسيرة إلى منتجع quot;شرم الشيخquot;، الواقع على ساحل البحر الأحمر، حيث يقيم الرئيس السابق وأفراد أسرته منذ تنحّيه في 11 فبراير/ شباط الماضي، وأضاف محذراً إنها quot;الفرصة الأخيرة للجيشquot;، في إشارة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتولى إدارة شؤون البلاد منذ تنحّي مبارك.
في تطور لافت، شهدت احتجاجات quot;جمعة المحاكمة والتطهيرquot; مشاركة عدد من أفراد وضباط القوات المسلحة، للمطالبة بحلّ المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتشكيل مجلس رئاسي مدني، في تحدّ مباشر للحظر الذي يفرضه الجيش على مشاركة أفراده في الاحتجاجات الشعبية.
وفي أعقاب بثّ صور تظهر عدد من العسكريين أثناء مشاركتهم في الاحتجاجات، نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن quot;مصدر رسميquot; قوله إنه quot;يجري حالياً التحقق من صحة انتماء الضباط، الذين يرتدون الزيّ العسكري ظهر الجمعة في ميدان التحرير، للمؤسسة العسكرية من عدمهquot;.
يُذكر أن مطالب المحتجين في quot;جمعة المحاكمة والتطهيرquot;، تضمنت أيضاً إنشاء quot;مجلس رئاسي مدني/ عسكريquot;، يدير دفة الحكم بالبلاد لفترة انتقالية، يتمكن خلالها من تحقيق مطالب الشعب، واسترداد الأموال المنهوبة، وكذلك حل المجالس المحلية، وإقالة جميع المحافظين، والإفراج عن بقية المعتقلين، واستردادكل مقار الحزب الوطني في المحافظات، وتطهير المؤسسات النقابية والإعلام من رموز الفساد.
كذلك فقد تناولت خطبة الجمعة موضوع محاكمة الرئيس السابق وعائلته ورموز نظامه، حيث استنكر صفوت حجازي، في خطبته، ما وصفه بـquot;تأخيرquot; المحاكمة، وهدد أيضاً بالتوجه إلى مقر إقامة الرئيس المخلوع في مدينة شرم الشيخ، بدعوى quot;الثأر منه والقصاص لدماء الشهداءquot;، بحسب قوله، في حالة تباطؤ المجلس العسكري والنائب العام في محاكمته.
كما هاجم خطيب quot;جمعة المحاكمة والتطهيرquot;، أمام ما يزيد على مائة ألف مواطن، أجهزة الإعلام الرسمية، معتبراً أنها تقدم quot;الأجندة السابقة نفسهاللنظام المنهارquot;، قائلاً quot;عندنا استعداد لاحتلال ماسبيرو (في إشارة إلى مبنى التلفزيون الرسمي)، وإدارته من الثوارquot;، واتهمه بأنه quot;يبثّ الفتنة الطائفيةquot;، كما طالب أيضاً بإقالة النائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، ورؤساء الجامعات، الذين تدخل جهاز أمن الدولة quot;المنحلّquot; في تعيينهم.
التعليقات