الرئيس اليمني يستمع إلى أحد مؤيديه

استقبل الشارع اليمني مساء أمس مبادرة مجلس التعاون الخليجي بتباينات عدة، حيث أيّدها البعض ورفضها الآخر، لكونها لم تبيّن وضع الرئيس وأولاده وغيرها من التساؤلات... إيلاف تحدثت مع عدد من السياسيين متقصية رأيهم.


توقفت النقاشات والحوارات السياسية في اليمن مساء أمس على تفاصيل مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بعدما أعلنت رسميًا عقب اجتماع وزراء خارجية دول المجلس. المعارضة الممثلة في أحزاب المشترك بدا وكأنها مرحبة ببنود المبادرة، حيث قال الناطق الرسمي باسم المشترك محمد قحطان إنه شخصيًا يقبل ويرحّب بالمبادرة، لكنه قال إن موقف الأحزاب يتطلب التقاء القيادات.

وأضاف quot;شخصيًا أقبلها، وأرحّب بها، وهي تصبّ في المبادرة السابقة نفسها، أنا أفهم أنه وفقًا للدستور يعني نقل الصلاحيات هو الاستقالةquot;. وينصّ الدستور اليمني في مادته 115 على أنه quot;في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل، يتولى مهام الرئاسة مؤقتاً نائب الرئيس لمدة لا تزيد عن ستين يوماً من تاريخ خلو منصب الرئيس، يتم خلالها إجراء انتخابات جديدة للرئيسquot;.

الموقف الرسمي لم يعلن بعد، ويصعب استقراء الموقف، فقد نشرت وكالة الأنباء الرسمية ما جاء في بنود المبادرة الخليجية، بينما نشر موقع الحزب الحاكم خبرًا مفاده أن quot;قيادات حزبية وشبابية ترفض المبادرة الخليجيةquot;، ولم تسمِّ تلك القيادات.

أما في ساحة التغيير فقد أجمع عدد من الائتلافات الشبابية على رفض المبادرة، لكن كثيرًا من الائتلافات لم تحسم بعد لكون اللقاء المشترك لم يحسم أيضًا.

أبرز موقف للخليج

يقول الكاتب السياسي نصر طه مصطفى نقيب الصحافيين السابق لـ إيلاف إن quot;ما صدر من مجلس التعاون لا يمكن الاستهانة به مطلقًا، فهي المرة الأولى التي يطلب فيها المجلس من رئيس دولة تربطهم بها علاقة جيدة أن يترك السلطة... كما إن هناك دعمًا ودفعًا أميركيًا وأوروبيًا وراء الإعلان الخليجيquot;.

وأضاف: quot;الخليجيون ربما يريدون التخفيف من فجاجة لفظ التنحي، وقد يكون هناك اتفاق ضمني على التنحي. أما إن كان الأمر مقتصر فعليًا على نقل صلاحيات، فمن ينقل صلاحياته يستطيع أن يستردهاquot;.

ورأى أنه من المهم الآن منح الأمان للناس حتى لا يجدوا أنفسهم محصورين في زاوية فيستميتوا.. quot;لا تنسوا أنكم في اليمن، فمن كان يصدق قبل شهرين فقط أنه يمكن الحديث عن التنحّي ونقل السلطة وبحثهما وطنيًا وإقليميًا ودوليًا؟ أليس هذا مكسبًا ونجاحًا كبيراquot;.

استرضاء للرئيس

لا يتفق الكاتب والمحلل السياسي سامي غالب رئيس تحرير صحيفة النداء في حديثه لـ quot;إيلافquot; مع ما طرحه نصر طه معتبرًا أن quot;المبادرة وفق صيغتها الجديدة تحاول استرضاء الرئيس صالح عبر تفادي النص صراحة على تنحيه والاكتفاء بالنص على تسليم صلاحياته إلى نائبه، كما تدعو على إزالة مظاهر الأزمة كافة،وهذا قد يعطي انطباعًا بأن مجلس التعاون الخليجي تراجع عن موقفه الذي أعلنه خلال الأسبوع الماضيquot;.

ويرى غالب أن quot;هذا التعديل في الشكل والمضمون يضع المعارضة اليمنية في موقف شديد الحرج حيال الشارع اليمني، خصوصًا وأنها كانت قد رحّبت بالمبادرة الخليجية، وأخشى أن يترتب على هذا التغير في الموقف الخليجي المزيد من العنف،خاصة إذا قرأه الرئيس اليمني على أنه تراجع من الأشقاء في الخليج عن دعم خيار الشعب اليمني في التغيير السلمي، ويصعب تفسير الصيغة الجديدة لمبادرة دول المجلس إلا في ضوء ما جرى الجمعة الماضية من هجوم يمني رسمي على تصريحات وزير الخارجية القطريquot;. وقال: quot;أظن أن هذا التغيير في الصيغة هو محاولة لاسترضاء الرئيس صالح لضمان قبوله بالمبادرة الأصليةquot;.

دعوة إلى الحكمة والخصوصية اليمنية

الإعلامي والكاتب السياسي محمد جسار رئيس تحرير صحيفة quot;رأيquot; سابقًا يقول من جانبه quot;إن هناك قضايا متزامنة تستوجب التغيير، تغيير النظام، وهذه تستوجب أن تتسم بالشمول والجذرية لإحداث حالة قطع كامل معها، والثانية تغيير الشخوص، وفي هذه أعتقد أن جهد الأشقاء في الخليج، وأسلوب صياغة البيان الختامي المتضمن الخطوط العريضة للمبادرة تدعو الجميع إلى ميدان تغليب الحكمة اليمنية والخصوصية المعروفة عنا في التسامح والتقارب وتقديم التنازلات في ما يتعلق بالأشخاص، سواء كانت شخصية الرئيس أو سواه، وعدم اللجوء إلى حصر أحد في الزوايا التي تجبر على الدفاع عن الكرامةquot;.

وتابع جسار بالقول إنه quot;سيكون من المهم جداً الحرص على أن تحقق الثورة أهدافها بتغيير النظام بكل رموزه وآلياته العقيمة الفاشلة، وفي الوقت عينه عدم تحول الثورة إلى حالة انتقامية من أشخاص أيًا كانوا، حرصاً على عدم إطالة عمر الأزمة، وارتفاع سقف الكلفة، وحتى لا نحمل الثورة فواتير، نعتقد أن ظروف الوطن في مرحلة ما بعد الثورة لا تحتمل الوفاء بهاquot;.

تساؤلات في الشارع

وفي قراءات أخرى للمبادرة، فإن البعض يرى أنها تناست كثيرًا من الأمور التي خرج الشارع لأجلها، حيث خرجت المبادرة بـ quot;عدم تنحّي الرئيسquot;، ولا توصيف لـ quot;وضعه خلال الفترة الانتقاليةquot;، وquot;أي أحزاب المعارضة التي سترأس الحكومةquot;، وquot;ما هو دور البرلمان في هذه المصالحةquot;، وعدم ذكر الشباب، وتساؤلات حول quot;أسباب وهل يُقصد بها إلغاء الاعتصاماتquot; وما هو quot;وضع القيادي العسكري علي محسن في المبادرةquot;، إضافة إلى مصير أولاد وأقارب الرئيس الذين يديرون وحدات عسكرية ومناصب تنفيذية.

يشار إلى أن المبادرة تضمنت دعوة الأطراف السياسية إلى الاجتماع تحت مظلة مجلس التعاون في الرياض، وذلك بناء على quot;الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقرارهquot;، وquot;أن يلبّي الاتفاق طموحات الشعب اليمني في التغيير والإصلاحquot;، وquot;انتقال السلطة بطريقة سلسة وآمنة تجنّب اليمن الانزلاق للفوضى والعنف ضمن توافق وطنيquot;، وquot;أن تلتزم كل الأطراف بإزالة عناصر التوتر سياسياً وأمنياًquot;، وquot;أن تلتزمكل الأطراف بوقف كل أشكال الانتقام والمتابعة والملاحقة من خلال ضمانات وتعهدات تعطى لهذا الغرضquot; وفقاً للخطوات التنفيذية التي تتضمن:

ـ يعلن رئيس الجمهورية نقل صلاحياته إلى نائب رئيس الجمهورية.
ـ تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة، ولها الحق في تشكيل اللجان والمجالس المختصة، لتسيير الأمور سياسياً وأمنياً واقتصادياً ووضع دستور وإجراء الانتخابات.