سوريون يعبرون الحدود هرباً من أعمال العنف

وادي خالد: استقرت أم ماهر مع ابنتها وزوجتي ابنين لها وأحفادها التسعة في منزل مؤلف من غرفة واحدة في وادي خالد في شمال لبنان، منذ عبورهم الحدود قادمين من مدينة تلكلخ السورية المجاورة قبل يومين، هربا من اعمال عنف وقعت في المنطقة.

وتقول ام ماهر وهي في العقد السادس، بينما تشير الى بضع فرش ملقاة على حائط في زاوية الغرفة، quot;نمد هذه الفرش ليلا على الارض وننام كلنا، 13 شخصا، جنبا الى جنب. احد سكان البلدة قدم لنا المنزل ولا يدعنا نحتاج الى شيءquot;.

ثم تضيف بقلق ظاهر، وهي تنظر الى زوجة ابنها الحامل في شهرها التاسع، quot;لكن كل ما اتمناه ان اعود في اسرع وقت الى منزلي في تلكلخ حيث تركت زوجي وابنائي الستةquot;. المنزل خال الا من حصيرة على الارض، وحنفية ماء في احدى زواياه. وتفصل ستارة خفيفة غرفة النوم عن الحمام.

العائلة هي واحدة من اكثر من الف شخص معظمهم من النساء والاطفال، قدموا الى وادي خالد خلال اليومين الماضيين من الاراضي السورية حيث افيد عن اشتباكات بين القوات السورية وبعض ابناء مدينة تلكلخ ذات الغالبية السنية.

عند معبر البقيعة الترابي القريب، عبرت اليوم الجمعة عائلات جديدة نحو الاراضي اللبنانية، لكن بوتيرة اقل بكثير من يوم امس الذي سجل وصول مئات المواطنين السوريين الى منطقة وادي خالد التي فيها عائلات لبنانية كثيرة ترتبط بالقرابة من خلال المصاهرة مع عائلات سورية.

وقالت ام خالد (55 عاما) التي اجتازت المعبر مع اربع نساء اخريات هن زوجات ابنائها وستة اطفال قادمين من تلكلخ، ان النظام السوري quot;وزع السلاح على ابناء القرى العلوية المحيطة بنا، وهم بدأوا يطلقون الرصاص عليناquot;.

الا انها اقرت بان quot;غالبية الشباب في المدينة مسلحون وهم يدافعون عن انفسهم، ولن يسمحوا لاحد بان يدوس على كرامتناquot;. وتابعت quot;لو سمح لي اولادي بالبقاء، لبقيت لكي ادافع عن المدينةquot;.

واشارت ام خالد الى ان ثلاثة من ابنائها سجنوا قبل سنة ونصف بتهمة التهريب. quot;وقبل اسبوع تقريبا، افرج عن احدهم ولا يزال هناك اثنان في السجنquot;، مضيفة quot;لا اريد ان اتدخل في السياسة، كل ما يهمني الافراج عن ولدي وليحكم البلد من يريدquot;.

وليست عمليات التهريب بين لبنان وسوريا، لا سيما في منطقة وادي خالد ذات الغالبية السنية ايضا، سرا. ففي غياب ضبط الحدود، وفي ظل الاهمال الذي تعاني منه مناطق الاطراف، تنشط عمليات تهريب المواد الغذائية والنفطية والسجائر ومواد التنظيف وغيرها. واشار احد الواصلين اليوم من تلكلخ الى ان هناك حوالى 300 موقوف في السجون السورية من تلكلخ بتهمة التهريب.

وقال الطالب اللبناني الجامعي محمد (25 سنة) ان لديه اقرباء في تلكلخ اخبروه ان تظاهراتهم بدأت الاربعاء من اجل المطالبة بالافراج عن الموقوفين من المدينة، لكنها تطورت الى معارضة للنظام.

واتصل محمد امام مجموعة من الصحافيين بقريب له في تلكلخ بعد ان حول جهازه المحمول الى مكبر الصوت ليسمع الجميع المكالمة سائلا اياه عن الوضع، فقال محدثه باستعجال وتوتر ان quot;عددا كبيرا من الشبان تجمعوا امام مسجد وسط المدينة، والقوات السورية اقامت متاريس في بعض الاحياء، لكننا سنتظاهر بالقوةquot;. ثم اقفل الخط.

ونقلت المواقع الالكترونية لمعارضين سوريين في وقت لاحق الجمعة اخبارا عن تظاهرات جرت اليوم في تلكلخ. وافاد موقع quot;كفى صمتاquot; ان المتظاهرين في المدينة اطلقوا هتافات بينها quot;ثورتنا ثورة شجعان، لا سلفية ولا اخوان. لا امريكا ولا ايران، حلوا عنا وعن لبنانquot;.

وقال محمد قاسم (53 عاما) الذي يعاني اعاقة في ساقه وقد وصل الى لبنان مع زوجته واربعة اولاد quot;كل ما يقال عن وجود اصوليين في تلكلخ هو كذبquot;، مضيفا quot;نحن لم نطالب باسقاط النظام بل باسقاط الفاسدين امثال ماهر الاسد (شقيق الرئيس السوري) ورامي مخلوف (قريب الرئيس السوري وصاحب شركة سيرياتل للهاتف المحمول)quot;.

في الجانب السوري من المعبر، قرب مركز امني تم احراقه ليلة الاربعاء الخميس، يمكن من الجانب اللبناني مشاهدة عناصر من الاستخبارات السورية يوقفون المتجهين نحو الحدود اللبنانية، يدققون في اوراقهم ويتحدثون معهم لدقائق قبل ان يتابع هؤلاء سيرهم نحو لبنان.

وقالت صباح العزة (50 عاما) بعدما تجمع حولها عدد من مندوبي وسائل الاعلام اثر اجتيازها المعبر برفقة ابنتها (20 عاما) واربعة اطفال، quot;الله يحمي سوريا ويحمي رئيسها بشار الاسد. لا شيء يحدث في سوريا، الوضع مستقر وكل ما تسمعونه كذبquot;، مؤكدة انها في quot;زيارة عاديةquot; الى اقارب في لبنان.

خالد اسماعيل، احد سكان وادي خالد يستضيف في منزله المؤلف من اربع غرف ومطبخ وحمام، 23 شخصا من تلكلخ ينتمون الى عائلات مختلفة من حي واحد، وقد انتقل هو مع افراد عائلته الى منزل شقيقه المجاور.

الضيوف يؤكدون ان كل شيء مؤمن لهم، quot;لكننا منزعجون لانها المرة الاولى التي نترك فيها المنزل ونريد العودة سريعاquot;، كما تقول سيدة من آل محمود. الى جانب المنزل، يركض ستة اطفال على رأسهم غلا محمود (سبع سنوات)، وهم يهتفون quot;الشعب يريد كيلو حليبquot;.