يؤكد ناشط حقوقي صحة ما ورد في تقرير الخارجية الأميركية الذي صنف الجزائر ضمن الدول التي تنتشر فيها ظاهرة الإتجار بالبشر.


المحامي مصطفى بوشاشي

أكد رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان بالجزائر، المحامي مصطفى بوشاشي، في حديثه لـ quot;إيلافquot;، صحة ما جاء في التقرير الصادر مؤخرًا عن وزارة للخارجية الأميركية، الذي صنف الجزائر ضمن الدول التي تنتشر فيها ظاهرة الاتجار بالبشر، لكن في الوقت نفسه يشير الناشط الحقوقي أن quot;ضحايا هذه الظاهرة هم المهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول إفريقيا نحو الشمال، كما أن الشبكات التي تنشط في هذا المجال هي شبكات أفرادها من الأجانب، وليسوا جزائريين، لكنها تنشط في التراب الجزائري عبر الحدود المتاخمة للدول الإفريقيةquot;.

وحسب ما جاء في تقرير الخارجية الأميركية نهاية الأسبوع الماضي فان الجزائر لم تف بالتزاماتها الدولية، فيما يتعلق مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر، ويورد التقرير أن quot;الجزائر لا تقوم بأعمال تعكس رغبتها حقيقة في مكافحة هذه الظاهرة، وأنها تحولت إلى منطقة عبور لنساء ورجال من دول إفريقيا نحو دول أوروبية، هؤلاء المهاجرين في الغالب يقعون ضحايا لشبكات الاتجار بالبشر، قبل وصولهم إلى أوروبا، وتحديدا في الإقليم الجزائريquot;، هذا وضم التقرير دول عربية أخرى إلى جانب الجزائر على غرار quot;الكويت، سوريا، لبنان، اليمن وليبياquot;.

وحسب بوشاشي فان quot;التقرير يخص فئة المهاجرين السريين من دول الساحل، اللذين يدخلون الجزائر بطريقة غير قانونية وغير شرعية، ويحاولون الهجرة إلى الشمالquot;، ويضيف قائلا: quot;في هذه العملية التي تستغرق عادة وقتا طويلا، هناك منظمات تقوم بإحضار هؤلاء إلى الجزائر، وبعد ذلك يتم استغلالهم بشكل غير قانوني، وهو ما يطلق عليه في القانون الاتجار بالبشر، quot;لكنه في الوقت يتساءل quot;هل هذه الظاهرة موجودة فعلا بالجزائر؟quot;.

ويجيب عن ذلك بقوله: quot;التقرير الأميركي يقول بأن هذه الظاهرة موجودة بالنسبة للأفارقة اللذين يقيمون في الجزائر بطريقة غير شرعية، ونحن بالنسبة للرابطة بعد صدور التقرير حاولنا الاتصال ببعض المنظمات والفاعلين في الجنوب، لأن هذه الظاهرة تنتشر خصوصًا في الولايات المتاخمة للحدود الجنوبية، فقيل لنا بأن هناك مأساة حقيقية لهؤلاء الأفارقة اللذين يدخلون بطريقة غير شرعية، ويستغلون أبشع استغلال، وبالتالي هي ظاهرة حقيقية، وهل التقرير بالغ في ذلك؟quot; ويجيب: quot;لا يمكن أن أجزم بذلكquot;. ويضيف في هذا السياق quot;الشيء الذي أريد أن أقوله بأن الظاهرة موجودة حقيقةquot;.

لكنه بالمقابل يوضح قائلاً quot;أريد أن اذكر شيء مهم، التقرير الأميركي لا يحمل المسؤولية لجزائريين أو لمؤسسات جزائرية بأنها تقوم بهذه الانتهاكات، التقرير يقول بأن الجزائر لا تفي بالتزاماتها الناتجة عن المعاهدات الدولية في محاربة الظاهرة، وهناك فرق بين قيام جزائريين بذلك، وبين عدم اتخاذ إجراءات لحماية هؤلاء اللذين يقيمون في إقليم الجزائر بطريقة غير شرعيةquot;.

ظاهرة الاتجاز بالبشر تنتشر في بعض الدول العربية
واعتبر بوشاشي أنه ليس هناك أسباب تؤدي بالولايات المتحدة الأميركية إلى إصدار اتهامات باطلة ضد الجزائر خاصة وان العلاقة بين البلدين quot;سمن على عسلquot; و ذلك بقوله: quot;أنا لا اعتقد بأن هناك أسباب منطقية للافتراء على الجزائر فيما يخص انتهاكات حقوق الإنسان بصفة عامة، لأنها ليست دولة منافسة لأي دولة في العالم، هي دولة متعاونة مع الولايات المتحدة الأميركية ومع الغرب، في كل ما يطلب منها فيما يخص الشأن الإرهابي، هي دولة متعاونة في مجال المحروقات، إذا ما هو السبب للافتراء على الجزائر، هذه التقارير تعبر عن حقيقة، هي أن هناك مأساة ربما لا نقوم بها كجزائريين في الجنوب الجزائري، ولكن تقوم بها عصابات أو فرق منظمة في استغلال البشر على أراضينا، ولا نقوم بما فيه الكفاية وبما يمليه القانون والإنسانية لحماية ضحايا الاتجار بالبشر، الجزائر لم تبذل العناية اللازمة لمحاربة الظاهرة والتقرير يشير إلى ذلك، لذلك لا اعتقد أن هناك سببا حقيقيا يدعو منظمة دولية أو دولة مثل الولايات المتحدة الأميركية إلى إظهار أشياء ليست حقيقية وبالتالي لا اعتقد أن التقرير يخالف الواقع مع الأسف الشديدquot;.

وحول القانون الذي تمت المصادقة عليه في البرلمان الجزائري السنة الماضية والمتعلق بتسليط اشد العقوبات على الأفراد أو الشبكات التي تنشط في هذا المجال قال بوشاشي إن quot;الإشكالية في الجزائر ليس في وضع قانون وإنما في تطبيق القانون وتنفيذه، الدستور الجزائري جيد، يكفل حقوق الإنسان والديمقراطية، ولكن الواقع مخالفا تماما لذلك، لذلك وزير العدل له أن يقول ما يشاء، ولكن الواقع مخالف لطموحات السياسيين ولما يدعيه النظام، لكن الشيء المؤسف أن اغلب الدول عندما تكتب تقارير عنها من منظمات عالمية أو من دول أخرى، تحاول أن تبحث و تحقق في الموضوع، وتعمل على إصلاح الخطأ، لكن نحن لا نملك إلا القول بأن ذلك غير صحيح، لا اعتقد أننا نخدم الجزائر أو نخدم قضايا حقوق الإنسان بهذه الطريقةquot;.

وفي هذا السياق استغرب رئيس الرابطة الجزائرية تصريحات سابقة لمنظمات حقوقية اعتبرت أن ما جاء في التقرير مجرد اتهامات باطلة، الهدف منها تشويه سمعة الجزائر، وهو ما صرح به رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان فاروق قسنطيني، وقال بالمناسبة إنه quot;لا يمكن الإدلاء بتصريحات فقط بناء على تقارير صحافية في حين أن مثل هذا الأمر يتطلب تحقيقي ميداني للتأكد من صحة ما جاء في التقرير من عدمه، على المنظمات أن تتحمل جزء من المسؤولية ولا يمكننا أن تطلق تصريحات بهدف الدفاع عن الجزائر لكنها في الحقيقة لا تخدم الجزائرquot;.

وفي الأخير أشار بوشاشي إلى أنه لم يرصد حالات محددة لانتهاكات في هذا الشأن، لكن نشطاء في الجنوب الجزائري أكدوا أن هذه الظاهرة موجودة في الجنوب الجزائري، وهناك ضحايا لهذه الظاهرة، لكن الشيء الأكيد يضيف قائلا: quot;بأن ليس الجزائريين هم اللذين يقومون بذلك، وإنما هم من جنسيات أجنبية، لكن لا يمكن الجزم يقينا بأن ليس هناك جزائريين ضمن هذه الشبكات، لكن الظاهرة موجودة بالجزائر مع الأسف وعدم اهتمام مصالح الأمـن الجزائرية بظاهرة الاتجار بالبشر المنتشرة في أوساط المهاجرين غير الشرعيين من إفريقيا قد يكون بسبب الحالة الأمنية في منطقة الساحل، لكنني اعتقد أن الدولـة الجزائريـة بعد صدور هذا التقريـر ستعمل جاهــدة من أجل محاربة هذه الظاهرة quot;.