أفراد عصابة تتاجر بالمخدرات لدى اعتقالها وفي الإطارين... أزهار مخدرات |
يلجأ الكثير من العراقيين إلى زراعة أنواع مختلفة من المخدرات من دون معرفتهم بحقيقة الأعمال التي يقومون بها، ليكتشوا لاحقًا أن الزهور التي زرعوها ليست إلا أنواع من المخدرات، بينما يقوم البعض بذلك عن معرفة مسبقة بهدف الاستعمال الشخصي وأحيانًا التجارة.
يزرع سليم الحسني في مدينة الحلة (100 كلم جنوب بغداد) أزهارًا بنفسجية مخروطية الشكل، دائمة الخضرة، في ركن من حديقة بيته وفي ذروة السعادة التي انتابته وهو يرى حديقته تزهو بالأزهار اليانعة، اكتشف الحسني أن هذه النباتات تحتوي على مادة مخدرة، ليسارع بإزالتها.
في منطقة حي بابل في مركز مدينة الحلة، تجمّل الجزرة الوسطية في الشارع الرئيس، أزهارًا يانعة بشكل (البوق) بألوان مختلفة، حيث اكتشف المسؤولون والمواطنون في ما بعد انها تحتوي على مادة مخدرة ايضًا.
ومنذ العام الماضي منعت بلدية الحلة زراعة نبتة (الداتورا) الزاهية، واعلمت المواطنين والمزارعين بالتوقف عن زراعتها.
حدائق البيوت والمزارع
لكن الحسني يقول إن الأمر انقضى، فـquot;الداتوراquot; انتشرت في حدائق البيوت والمزارع، بل ويحرص البعض اليوم على زراعتها لمردودها المادي، ولجمالها ايضًا.
يزرع سليم حمدي بضع زهيرات في مكان ما بجانب بيته، للاستفادة من المادة المخدرة التي تنتجها، حيث يستخدمها للأغراض الشخصية كما يقول. وما يقصده سليم من دون ان ينطق به، هو تناول هذه المادة المخدرة بالتأكيد.
ونبتة quot;الداتوراquot; الزاهية الألوان التي تنتشر في كل انحاء العراق، هي من نباتات الزينة، لكنها تمتاز بسمّيتها، واحتوائها على مادة مخدرة ثنائية الاستخدام، حيث يمكن انتاج المخدرات منها، مثلما يستفاد منها في انتاج العقاقير الطبية.
تجار المخدرات الصغار
بحسب شهود عيان، فإن معظم المراهقين، وتجار المخدرات الصغار، يحرصون على زراعة الداتورا لأغراض الاستعمال الشخصي والمتاجرة بها بكميات قليلة. وبحسب جاسم الحياني الناشط الاجتماعي في محافظة بابل، فإن الداتورا والخشخاش ونباتات أخرى، تزرع في انحاء من مدن العراق، غالبيتها ليست بكميات تجارية.
ليس صعبًا على العين أن ترى بعض المساحات الخضراء التي زرعت فيها الداتورا بصورة غير متعمدة، في مدن الحلة وكربلاء والنجف. لكن التطور الايجابي في الموضوع ان الناس يدركون ان هذه المادة مخدرة فيتجنبون زراعتها، بحسب الحياني.
وفي مدينة طويريج (25 كم شرق مدينة كربلاء) زرعت البلدية شتلات في الجزرات الوسطية، أينعت عن أزهار الداتورا اليانعة.
غير ان الخبير الزراعي حسن الجميلي، يرى ان هناك مبالغة في الأمر، فهذه الأزهار الجميلة، مزروعة في مناطق متفرقة وبكميات قليلة لا ترقى الى كونها مشروعًا لإنتاج مخدر ما.
ويضيف.. زراعة هذه الازهار تنجح في العراق، حيث جمّلت فيها البلديات مداخل المدن والشوارع، ولا ضرر من ذلك ابدًا. ويتابع: هذه الأزهار تٌستخرج منها العقاقير ايضًا، والمسكنات، فلماذا لا ننظر الى هذا الجانب ايضًا. ويضيف.. ثمةإدعاءات تقوم على الجهل وتنقصها العلمية، فكيف يمكن لشخص ما ان ينتج مخدرًا بسهولة من هذه الأزهار.
ويرى الجميلي ان الكثير من معارفه يزرع هذه النباتات الى الآن في البيوت، حيث تجمل الزهرة حدائقهم، غير ملتفتين إلى مثل هذه الأقاويل. ويضيف... هذه الوردة معروفة في العراق منذ القدم، وليس صحيحًا انها دخلت منذ عهد قريب عبر المنافذ الحدودية.
وتقول عضو اللجنة الزراعية في مجلس محافظة بابل سهيلة عباس ان البلديات لم تسجل أي نشاط لاستخدام الداتورا كمادة مخدرة، وان الأمر فيه تضخيم.
زراعة الخشخاش
لكن شهود عيان يتحدثون عن مزارع لانتاج المخدرات على نطاق تجاري في ديالى والديوانية والبصرة وكركوك. إلا أن عباس تنفي وجوده هذه الظاهرة في بابل. وتقول إن الحقول الزراعية تراقب من قبل لجان زراعية متخصصة. الى جانب الداتورا، يتحدث عراقيون عن انتشار زراعة الخشخاش في بعض مناطق العراق.
ففي مدينة كركوك (240كم شمال بغداد) عثر في شهر تشرين الأولالماضي، على مزرعة نباتات مخدرة في شمال المدينة من ضمنها الخشخاش.
ويروي أحمد الدليمي عن تجوله بين مزارع صغيرة للنباتات المخدرة في الأنبار(محافظة عراقية تقع في غرب العراق) بين المناطق الزراعية والوديان. وقال ان هناك حالات تسمم عدة للمواشي بسبب انتشار هذه النباتات. ويضيف الدليمي ان الذي يساعد على زراعة النباتات المخدرة قدرتها على تحمل الجفاف ودرجات الحرارة العالية.
ويتخوف مسؤولون وخبراء زراعة وصحة عراقيون ان يتحول العراق مع مرور الزمن الى منتج للمخدرات، وهو الذي يعد ممرًا للتهريب فقط طيلة السنوات المنصرمة.
ففي الأسبوع الماضي، اكتشفت الشرطة نباتات مخدرة في ثلاث مناطق زراعية في ديالى (55 كلم شمال شرق بغداد). كما عثر على 120 نبتة مخدرة مزروعة في قضاء المقدادية (35 كم شمال شرق بعقوبة)، على ضفاف نهر صغير.
تمويل الجماعات المسلحة
وبحسب الملازم شرطة محمد طارق، فإن هناك تخوفًا من توسع زراعة المخدرات من قبل جماعات مسلحة لتمويل نشاطاتها.
ويضيف: الخطر الأكبر ان تنتشر هذه الظاهرة.ويتابع: الأمر الواقع يشير الى ان زراعة المخدرات في العراق موجودة في العراق على نطاق ضيق، وهي مرشحة للتوسع، ليس من قبل المواطنين، بل من قبل الجماعات المنظمة.
ويقول حسين الكريطي، الخبير الزراعي في مدينة الديوانية (180 كم جنوب العاصمة) ان المناطق الزراعية في المحافظة شهدت في الفترة بين الأعوام 2003 و 2008 محاولات زرع نباتات مخدرة مثل الخشخاش بكميات تجارية لغياب الرقابة الأمنية والكساد الاقتصادي الذي أصاب زراعة الأرز على طول نهر الفرات غرب المدينة، حيث استبدل المزارعين زراعة الأرز بزراعة الخشخاش لمردوده الاقتصادي الجيد.
ويضيف.. في الديوانية هناك مزارع للحبة الحلوة والسوداء واليانسون، وهي نباتات تحتوي مواد سامة ومخدرة، لكن هذا لا يعني ان المزارع العراقي يحرص على زراعة المخدرات.موضحًا أنه: حتى النباتات التي تحتوي على مواد مخدرة فإن المزارع العراقي يزرعها ولا يستخدمها، بل هي للتصدير الى إيران للأغراض الطبية.
الجدير بالذكر أن البصرة (545 كم جنوب بغداد) شهدت في السنوات المنصرمة ايضًا لجوء بعض المزارعين الى زراعة نباتات مخدرة في منطقة الشعيبة الصحراوية، وعلى ضفاف نهر الخورة الذي يتفرع من شط العرب.
ويعتقد مواطنون وخبراء زراعة عراقيون أنمعظم زراعات النباتات المخدرة في البيوت وساحات المدن تحدث بشكل عفوي غير مقصود، باستثناء من يزرع في البرية والصحراء وضفاف الانهار بكميات كبيرة، الغرض منها انتاج المخدرات والمتاجرة بها.
التعليقات