طالب برلمان إقليم كردستان العراق خلال جلسة استثنائية في آربيل اليوم الخميس الحكومة المركزية في بغداد بدعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد لبحث تواصل القصف التركي لمناطق الشمال العراقي مشدداً على ضرورة إعتذار أنقرة وتقديمها تعويضات... فيما بحث نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني نجيرفان بارزاني في طهران مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تواصل قصف مدفعية بلاده لمناطق الاقليم حيث يواصل مئات السكان الأكراد بالفرار من قراهم هربا من القصف الإيراني التركي.


ناقش برلمان كردستان خلال جلسة استثنائية عقدها اليوم تقريرا للجنة الداخلية في البرلمان عن الاوضاع في المناطقة المستهدفة بالقصف اثر زيارة قامت بها الى هناك امس الاول الثلاثاء حيث نقلت مطالب سكان هذه المناطق بضرورة الاسراع بأتخاذ اجراءات جذرية لانهاء هذا القصف.

وبعد ان دانت اللجنة انتهاك سيادة العراق فقد دعت الحكومة الإتحادية في بغداد الى الطلب من مجلس الأمن لعقد جلسة خاصة وإتخاذ قرار بشأن هذا القصف والدعوة الى إزالة المقرات العسكرية والمخابراتية لدول الجوار داخل الأراضي العراقية وإحترام سيادة البلاد.

وطالبت اللجنة حكومة إقليم كردستان برفع دعوى ضد تركيا الى محكمة لاهاي والأمم المتحدة وأن تقدم حكومة تركيا إعتذاراً الى حكومة وشعب كردستان وتقوم بتعويض العوائل المتضررةومطالبة أطراف النزاع quot;الجيش التركي وعناصر حزب العمال التركي الكردستانيquot;بعدم إستخدام إراضي إقليم كردستان لحل مشاكلهم وانما حلها عبر الوسائل السلمية.

ودعت اللجنة حكومة الاقليم الى تكثيف جهودها لإيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة الحدودية عبر الحكومة الإتحادية ومراجعة علاقاتها وسياساتها الإقليمية وأن تقوم على وجه السرعة بإغاثة المنكوبين وتعويض المتضررين.

وشددت اللجنة على ضرورة تكثيف رئاسة برلمام كردستان جهودها لإقناع رئاسة مجلس النواب العراقي لإلزام الحكومة الإتحادية بإيجاد حلول لهذه المشكلة وذلك وفق المادة 110 من الدستور العراقي التي تنص على حماية الاراضي العراقية. ثم جرى عرض عدد من البيانات حول الأضرار الناجمة عن القصف وعدد الضحايا والعوائل النازحة وصور لضحايا القصف.. ثم تحدث عن الموضوع أكثر من أربعين عضواً برلمانيا مقترحاتهم وملاحظات حول وسائل العمل لإنهاء هذه المشكلة.

ومن جانبها فقد اعلنت الحكومة العراقية اليوم عن تخصيص ملياري دينار عراقي quot;حوالي مليوني دولارquot; لتعويض المتضررين جراء القصف التركي والإيراني على القرى الحدودية في كردستان. وقال مصدر عراقي رسمي ان مجلس الوزراء العراقي قرر تخصيص ملياري دينار عراقي لتعويض المتضررين من جراء القصف الإيراني والتركي على قرى الإقليم الحدودية.

وبارزاني بحث قصف إيران مع رئيسها نجاد

وفي طهران بحث وفد كردي برئاسة نيجيرفان بارزاني نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني رئيس حكومة الاقليم سابقا مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد القصف الإيراني لمناطق الاقليم. وأعلن بارزاني عقب الاجتماع quot;ان أمن وهدوء إيران يهمنا بقدر ما يهمنا أمن وهدوء العراق، ونعتقد بأن مشاكل المنطقة ينبغي حلها عن طريق التعاون والحوارquot; مشيراً الى ان العراق يعارض أي عمل من شأنه تعريض مصالح إيران للخطر.

ومن جانبه اشار عضو في الوفد في تصريحات للصحافيين quot;بأن الاجتماع كان ناجحاً جداً وان اخباراً سارة سيعلن عنها قريباً حول عودة الأمن والهدوء للمنطقةquot; في اشارة الى اتفاق لانهاء القصف الإيراني. وقال ان نجاد قد أشاد quot;بالعلاقات التاريخية التي تربط العراق وإيرانquot; مؤكداً أن إيران راغبة في تقديم العون للعراق في مختلف الجوانب.

وقال إن أحمدي نجاد قد اكد quot;ان وجود عراق مزدهر وآمن يصب في مصلحة إيران والمنطقةquot;. ومن المقرر ان يجتمع وفد اقليم كردستان في وقت لاحق اليوم مع سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي ووزير الخارجية الإيراني علي اكبر صالحي.

وتزامنت هذه التطورات مع تظاهرات احتجاج ضد القصف التركي الإيراني لمناطق حدودية عراقية شهدتها بغداد ومدينتي اربيل ودهوك الشماليتين. وطالب المتظاهرون الذين تجمعوا امام مبنى وزارة الخارجية وسط العاصمة العراقية في شعارات رددوها ولافتات رفعوها الحكومة العراقية الى اجراءات حازمة توقف لهجمات الإيرانية والتركية على مناطق العراق الشمالية.

وندد المتظاهرون بما اسموه الصمت الحكومي تجاه استمرار الاعتداءات بالقصف المدفعي والجوي الذي تمارسه تركيا وإيران منذ اسابيع لمناطق حدودية عراقية شمالية الامر الذي تسبب في تهديم دور قرى هناك اضافة الى مصرع العديد من الاشخاص والمواشي وتهديم جسور. وقد سلم المتظاهرون الى وكيل وزارة الخارجية محمد الحاج حمود مذكرة احتجاج ضد مواقف الحكومة المهادنة لهذه الاحتجاجات مطالبين باتخاذ مواقف حازمة منها.

وكانت رئاسة إقليم كردستان قد دانت الثلاثاء مقتل سبعة مدنيين جراء قصف الطائرات الحربية التركية سيارة كان يستقلها الضحايا بالقرب من إحدى القرى الحدودية في الإقليم في حين طالب رئيس الإقليم مسعود بارزاني تركيا بوقف قصفها وتبني الحوار والحلول السلمية لحل مشاكلها فيما دعا حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا وحزب الحياة الحرة الكردستاني المعارض لطهران (بيجاك) الى عدم شن هجمات على الأراضي التركية والإيرانية إنطلاقا من إقليم كردستان وعدم منح الدولتين حجة لإستئناف قصفهما للمناطق الحدودية في الإقليم.

كما تظاهر المئات من أهالي محافظتي أربيل ودهوك بشمال العراق امس للتنديد بالقصف الجوي والمدفعي التركي الإيراني والمطالبة بوقفه. وحمل المتظاهرون أعلام إقليم كردستان ولافتات تطالب بوقف القصف التركي الإيراني منها quot;لا للقصف التركيquot; وquot;لا للقصف الإيرانيquot; وquot;أوقفوا القصف العدواني عليناquot;.

وشارك في التظاهرتين أعضاء من منظمات المجتمع المدني وطلبة وفعاليات اجتماعية أخرى ،طالبوا حكومة وبرلمان إقليم كردستان العراق بالضغط على الحكومتين التركية وإلإيرانية لوقف هجماتهما الجوية والمدفعية من خلال التهديد بوقف العلاقات التجارية معهما.

وتقوم إيران منذ اسابيع بقصف اهداف في اقليم كردستان العراق قرب الحدود المشتركة مستهدفة عناصر حزب quot;الحياة الحرةquot; (بيجاك) فيما تقصف تركيا منذ الاسبوع الماضي معاقل حزب العمال الكردستاني في الاقليم ذاته.

وبعد توقف استمر اكثر من عام استانفت تركيا في السابع عشر من الشهر الحالي القصف الجوي ضد المتمردين الاكراد في الجبال العراقية وذلك عقب هجوم لعناصر حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق تركيا اسفر عن مقتل تسعة عسكريين اتراك. واعلن الجيش التركي الثلاثاء الماضي ان غاراته الجوية قتلت بين 90 الى 100 متمرد كردي من حزب العمال فيما قتل سبعة مدنيين عراقيين في غارة تركية يوم الاحد.

ومن جهتها شنت إيران في الثالث والعشرين من الشهر الماضي هجوما واسعا نفذه الحرس الثوري الإيراني على قواعد حزب quot;الحياة الحرةquot; المعارض على جانبي الحدود مع كردستان العراق حيث قتل ثمانية من عناصره. وسبق ذلك قصف مدفعي متكرر ادى الى مقتل ثلاثة مدنيين عراقيين فيما تضررت 35 قرية وشردت مئات العائلات من منازلها.

فرار مئات الاكراد العراقيين من قراهم

وقد فر المئات من النازحين على طول المناطق الكردية الواقعة في شمال العراق على الحدود مع إيران وتركيا منذ منتصف الشهر الماضي إلى مخيمات صغيرة هربا من هجمات جارتي العراق على متمردين مختبئين على طول الحدود يسعون منذ زمن لمنح الاكراد حكما ذاتيا.

وترك المزارعون محاصيلهم ومواشيهم وفروا إلى مخيمات نازحين صغيرة في تلال عند سفح جبال قنديل التي تحلق فوقها هذه الايام طائرات تركية على ارتفاع منخفض لملاحقة متمردي حزب العمال الكردستاني الذين يلجأون إلى شمال العراق وجنوب تركيا.

وكانت إيران وتركيا قد قصفتا في الماضي مواقع يشتبه بأنها مخابئ لحزب العمال الكردستاني وحزب الحياة الحرة لكردستان الإيراني لكن الحملة العسكرية التركية التي بدأت قبل أسبوع أدت إلى خروج احتجاجات للاكراد بعد مقتل سبعة مدنيين في غارة جوية تركية بالقرب من بلدة رانية قرب الحدود مع إيران.

وقال الجيش التركي أمس إنه قتل ما يصل إلى مئة متمرد كردي في ستة أيام من الغارات الجوية على شمال العراق لكن الميليشيات مازالت تشن هجمات في عمق تركيا. والغارات التركية هي الأولى على جبال شمال العراق منذ أكثر من عام وتأتي ردا على تصعيد لهجمات الميليشيات بعد انهيار جهود التفاوض بشأن تسوية للصراع الذي اندلع قبل 27 عاما.

وتشهد المناطق الحدودية العراقية مع تركيا وإيران منذ أكثر من ثلاثة أعوام هجمات بالمدفعية وغارات للطائرات الحربية التركية بذريعة ضرب عناصر حزب العمال الكردستاني المتواجد في تلك المناطق وحزب بيجاك المعارض لطهران ما أسفر عن سقوط العشرات من المدنيين العراقيين وتهجير المئات من أهالي القرى.

ويطالب حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تركيا ودول أخرى منظمة quot;إرهابيةquot; بمنح المناطق الكردية في تركيا حكما ذاتياً وهو الأمر الذي كانت الحكومات التركية المتعاقبة ترفضه بشدة لكن حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان بدأت باتخاذ مواقف تختلف عن سابقاتها باتجاه الاعتراف بحقوق الكرد في تركيا ومنحهم حرية أكبر لاسيما على الأصعدة الثقافية والاجتماعية.