العراق لا يزاليجاهد لإعادة الإعمار بعد عقد على اعتداءات 11 ايلول |
رغم ثروته النفطية وإجراء انتخابات تشريعية حرّة مرتين منذ الإطاحة بالرئيس صدّام حسين، لا تزال أعمال العنف والخلافات السياسية والفساد في العراق تعوق إعادة إعمار بنيته التحتية المتداعية واقتصاده المتأخر. وتشكل تلك الأعمال الهاجس الأبرز قبيل بضعة أشهر من الانسحاب المقرر للقوات الأميركية.
بغداد: بعد مرور عقد من الزمن على هجمات 11 ايلول (سبتمبر) التي مهدت الطريق لغزو العراق عام 2003، لا يزال هذا البلد بالرغم من ثروته النفطية يلقى مشقة في إعادة الإعمار التي تعوقها أعمال العنف والخلافات السياسية والفساد المزمن.
وبالرغم من ان البلاد اجرت انتخابات تشريعية حرة إلى حد كبير مرتين، إضافة الى استفتاء شعبي منذ الاطاحة بالرئيس صدام حسين، لا تزال اعمال العنف التي حصدت اكثر من مئة الف قتيل تعوق إعادة إعمار بنيته التحتية المتداعية واقتصاده المتأخر.
وفي الوقت الذي عاود انتاج النفط الخام انطلاقته وتضاعف ببطء، فضلاً عن ارتفاع اسعاره، ما يوفر ثروة لبلد في حاجة ماسة للأموال، لا تزال الخلافات مستمرة منذ 18 شهرًا منذ اجراء الانتخابات، على المناصب الوزارية، وكذلك حول بقاء او انسحاب القوات الاميركية بعد نهاية عام 2011.
وقال علي الصفار هو محلل عراقي في quot;ايكونوميست انتليجنت يونيتquot; في لندن quot;ان موضوع العراق ينقسم الى شقينquot;. واوضح quot;في ما يتعلق بالسياسة، فإن المسألة في غاية الركودquot;. اما quot;في ما يتعلق بالاقتصاد فإن المستقبل يبدو مشرقًا بفضل النفطquot;.
وبعد هجمات 11 ايلول (سبتمبر) 2001 روّجت ادارة الرئيس الاميركي السابق جورج دبليو بوش معلومات فقدت مصداقيتها بأن صدام حسين كان له علاقات مع تنظيم القاعدة، ويمتلك أسلحة دمار شامل لتبرير الغزو.
ولا يزال العنف على الرغم من انخفاضه بشكل كبير بعدما بلغ ذروته بين عامي 2006 و2007 مخلفًا عشرات آلاف القتلى في أعمال عنف اكتست، خصوصًا طابعًا طائفيًا، يمثل الهاجس الأبرز قبيل بضعة أشهر من الانسحاب المقرر للقوات الاميركية.
منذ ذلك الوقت، عززت القوات العراقية قدراتها، سواء من حيث العديد او التجهيز، لكنها لا تزال غير قادرة على تأمين اجواء البلاد وحدودها ومياهها وفقًا لبغداد وواشنطن.
وقال سياسيون عراقيون انهم بدأوا في اب/اغسطس محادثات مع واشنطن بشأن الابقاء على عدد من المدربين العسكريين الاميركيين في البلاد، بعد الانسحاب المقرر نهاية العام.
ولكن حتى هذه اللحظة لم تجر محادثات رسمية، ولا يزال الاتفاق النهائي محط تساؤل، حيث يصرّ المسؤولون الاميركيون على ان قواتهم يجب ان تحصل على حصانة من البرلمان العراقي تحميهم من الملاحقة القضائية، في حين ان عددًا قليلاً من النواب يدعمون علنًا الوجود الاميركي.
الى ذلك، فانمعظم الجماعات المتمردة في البلاد، وعلى رأسها تنظيم القاعدة، قد اضعفت بشكل كبير، بحسب التقييم العملي على الارض.
وقال الميجور جنرال جيفري بوكانن المتحدث باسم القوات الاميركية في العراق لوكالة فرانس برس quot;اعتقد ان تنظيم القاعدة كان يمثل (بين عامي 2005 و2007) تهديدًا أساسيًا للدولةquot;.
واضاف quot;اما الآن انهم ما زالوا هناك في مكان ما... لكنني أعتقد أنهم لا يمثلون تهديدًا وجوديًا، كما كانوا في السابقquot;.
لكن القوات الاميركية اشارت في الاونة الاخيرة الى التهديد الذي تمثله إيران من خلال دعمها الميليشيات الشيعية التي تعهدت باستهداف القوات الاميركية.
وقد أثر العنف على عملية إعادة الإعمار، كما تم تضييع الكثير من الوقت في أعقاب الغزو.
في هذا الصدد قال سامي الاعرجي رئيس هيئة الاستثمار الوطنية العراقية quot;لو كانت سارت الامور في عام 2003 و2004 كما كنا نأمل في ذلك الوقت، لكان هناك قدر كبير من الإصلاحات الاقتصادية، والكثير من الاستثمارات تأتي الى البلادquot;.
ويطمح العراق الآن الى استثمار 86 مليار دولار في القطاع الخاص بين عامي 2010 و2014 من اجل بناء منازل جديدة ومحطات طاقة وبنى تحتية اخرى.
لكن تفشي الفساد أعاق ايضًا النمو في العراق. وقد لفتت الأمم المتحدة الى ان بغداد قطعت شوطًا كبيرًا في مكافحة الكسب غير المشروع، الا ان quot;الفساد لا يزال يشكل عائقا كبيرًا أمام النمو والاستثمار وخلق فرص العملquot;.
واعتبرت منظمة الشفافية الدولية في تقرير لها العراق الدولة الرابعة الأكثر فسادًا في العالم.
ولا يزال امام العراق كذلك حل الخلاف مع اقليم كردستان حول مساحات شاسعة من المناطق المتنازع عليها تتمحور حول محافظة كركوك المختلطة القوميات والغنية بالنفط والواقعة الى شمال بغداد.
واعتبرت الولايات المتحدة ومسؤولون عراقيون هذه القضية من أكبر الأخطار التي تهدد استقرار البلاد على الامد البعيد.
على الرغم من كل هذه المشاكل، الا ان البلد لا يزال قادرًا على الاعتماد على مخزونه من الطاقة، بحيث تمثل مبيعات الخام حصة الأسد من مداخيل الحكومة.
وقد زاد الانتاج من نحو مليوني برميل يوميًا في عام 2006 الى نحو 2.7 مليون برميل يوميًا. وقد أدى ذلك مقرونًا بارتفاع أسعار النفط التي تجاوزت 100 دولار للبرميل الواحد فيمعظم اوقات السنة الى ان يحقق العراق عائدات من مبيعاته للخام خلال الأشهر الثمانيةالماضية أكثر مما حققه خلال عام 2010 بكامله.
وتقول السلطات ان انتاج النفط سوف يرتفع، وسيصل الانتاج الى 12.5 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2017، وذلك على الرغم من ان صندوق النقد الدولي عبّر عن شكوك ازاء هذه الأهداف.
ويقول الصفار انه لم يكن يتوقع ذلك عند غزو التحالف للعراق، على الرغم من حجم ثروة العراق النفطية. واضاف quot;عند سقوط صدام، كان هناك شعور كبير بالتفاؤلquot;.
واوضح quot;عندما ننظر إلى الوراء على هذا التفاؤل، فاننا لم نكن نعرف انه سيكون هناك تنظيم قاعدة وتفجيرات، ولم نكن نعرف انه ستكون هناك حرب طائفية، ولم نكن نعرف ان السياسيين الذين بدوا قريبين من بعضهم ايام المعارضة سيقومون بتمزيق بعضهم البعضquot;.
التعليقات