متظاهرون يطالبون بإسقاط عبدالله صالح في صنعاء

حين غادر الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، في حزيران (يونيو) الماضي إلى السعودية من أجل تلقي العلاج إثر الهجوم الذي تعرّض له أثناء تأديته الصلاة في مسجده الرئاسي، ظنّ معظم المراقبين أن أزمة اليمن السياسية سيتم تسويتها لمصلحة المعارضة السياسية والمتظاهرين المطالبين بإسقاط الرئيس.


عندما غادر الرئيس اليمني إلى السعودية لتلقي العلاج إثر الهجوم الذي تعرّض له، كان السيناريو يتحدث عن أنه حتى في حالة عدم وفاة صالح، فإنه سيبقى في السعودية، خاصة وأن قليلين هم من كانوا يتوقعون عودته، ما جعل الآمال تزداد آنذاك لدى المعارضة في أن يتم تشكيلة حكومة انتقالية، تشرف على انتخابات جديدة، من شأنها التمهيد لحقبة جديدة في البلاد في مرحلة ما بعد عبد الله صالح.

بيد أن ذلك لم يحدث، بعدما أثبت أقرباء صالح قدرتهم على الاحتفاظ بمنصبهم السياسي، من خلال أعمال القتال المتقطعة، التي خاضوها في مدن عدة،منها تعز وصنعاء وأرحب وأبين وعدن.

وقد سقطت مجموعة كبيرة من القتلى المدنيين في صنعاء، وكان يتلذذ على ما يبدو أنصار صالح باستفزاز المنشقين عن الجيش المتحالفين مع علي محسن الأحمر، القائد البارز الذي انضم إلى الثوار في آذار/ مارس الماضي.

رأت في هذا السياق مجلة فورين بوليسي الأميركية أن الهجمات التي تم شنّها على المدنيين لم تبعث برسالة فقط إلى المتظاهرين، بل كشفت أيضاً عن ضعف قوات الأحمر. وأكدت المجلة كذلك على عدم تمكن كل الجماعات المناهضة لحكم صالح من ترجيح ميزان القوى لمصلحتهم، خاصة في ظل عدم وجود انتخابات، وعجز المعارضة عن تشكيل حكومة انتقالية ناجحة، رغم كل المحاولات التي بُذِلت في هذا الشأن.

ثم لفتت المجلة إلى استمرار إصرار عبد الله صالح على مزاولة مهام عمله الرئاسي، بعدما نجا من محاولة الاغتيال التي استهدفته. ورغم المحاولات التي قام بها مسؤولون غربيون من أجل التعامل على وجه السرعة مع بعض الحقائق المفروضة على أرض الواقع مع نائب الرئيس، عبد الرب منصور الهادي، إلا أن أحمد، نجل الرئيس اليمني وقائد الحرس الجمهوري، نجح في إبعاد الهادي عن القصر الرئاسي، وأجبره على العمل من منزله، ليبعث بذلك إشارة واضحة بشأن الشخص الذي يمسك في واقع الأمر بزمام الأمور ويتولى المسؤولية الفعلية في البلاد.

وقالت المجلة إن الهادي لم يثبت جدواه بالنسبة إلى اللأميركيين، خصوصاً وأنهم، إلى جانب الأوروبيين، كانوا يريدونه أن يذهب إلى ما هو أبعد من مكافحة تنظيم القاعدة، عبر إقدامه على تنفيذ المبادرة الخليجية، التي تدعو صالح إلى التنحّي بعد شهر واحد من التوقيع عليها، وإقدامه كذلك على تشكيل حكومة انتقالية من أجل الإشراف على انتخابات جديدة. وهم بذلك كانوا يرغبون في التوصل إلى تسوية سياسية، تعنى بحل الأزمة التي عززت أجواء عدم الاستقرار، وحالت دون معالجة اقتصاد البلاد المتدهور.

لكن أقرباء صالح حالوا دون ذلك، وبدامن كلامالأخير أنه ليس هناك من ثمة أمل في إمكانية التوصل إلى حل سياسي.

وبعد حالة الضبابية، التي اكتنفت المشهد على الصعيد الداخلي خلال الأشهر الأخيرة، مع تواصل أعمال القتال واستهداف المدنيين، رأت فورين بوليسي أن ثمة تطور جديد قد حدث حين عاد عبدالله صالح بصورة مفاجئة إلى صنعاء، وأعلن وقتها رسمياً أنه عاد من أجل الإشراف على إتمام تسوية سياسية للأزمة الحاصلة في البلاد، مدّعياً أن الحوار هو الحل الوحيد، وأنه قد أتى وهو يحمل في يديه غصن زيتون وحمامة سلام. غير أن أعمال عنف جديدة قد اندلعت من جانب أنصاره.

وفي ظل الموقف المراوغ، الذي يلتزمه صالح بشأن التوصل إلى تسوية تنهي الصراع القائم في بلاده، بدأت تتزايد مشاعر الضجر لدى المسؤولين الأميركيين من الغطرسة التي يتعامل بها صالح مع الأزمة، وأعلنوا مرتين رسمياً عقب عودته الأخيرة إلى البلاد أنهم يريدون منه الشروع في تشكيل حكومة انتقالية، ومن ثم التنحّي من منصبه.

لكن، في ظل تشبث صالح بموقفه، أكدت المجلة الأميركية أن ذلك يعني أن اليمن لن يرى أي تسوية سياسية، وأن موجات العنف ستستمر، خاصة وأن الثوار الموجودين في الشوارع لن يستسلموا، مع إصرار علي محسن الأحمر وباقي الأشقاء على مواصلة الصراع، بعدما لم يعد أمامهم سوى هذا الخيار.

وقالت المجلة ختاماً إن الأمل الحقيقي الوحيد لليمن الآن هو أن تحدث مفاجأة سياسية أخرى غير متوقعة، من شأنها أن تؤدي إلى تشكيل حكومة انتقالية، وكذلك إلى إجراء انتخابات شرعية.