انشق جهاد مقدسي عن النظام السوري أو هرب إذ أدرك أن هذا النظام دخل مرحلة النزاع الأخير؟ هذا هو مثار انقسام المعارضة حوله، لكنّ ثمة كلاماً عن دور له في الحكومة الانتقالية، وهو في طريقه اليوم إلى واشنطن.
بعدما غادر جهاد مقدسي، المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية السورية، بلاده منشقًا عن النظام السوري، ذكرت تقارير مختلفة أن مقدسي في طريقه إلى الولايات المتحدة، بعدما كانت أنباء متضاربة تحدثت عن إقالته أو انشقاقه وعودته إلى لندن، حيث كان يعمل في السفارة السورية.
فقد نقلت صحيفة غارديان البريطانية عن مصادر دبلوماسية وصفتها بالموثوقة أن مقدسي في طريقه إلى الولايات المتحدة أو أنه وصلها بالفعل، بعد نجاحه في الافلات من عيون مخابرات النظام السوري ومغادرته دمشق إلى بيروت. كما أكد مسؤولون بريطانيون أنه ليس في بريطانيا. وفي واشنطن، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية إنها ليست في وضع يتيح لها تأكيد نيات مقدسي أو مكان وجوده.
بلبلة الانشقاق
جهاد مقدسي هو أكبر مسؤول مسيحي ينشق عن نظام الرئيس بشار الأسد. وهو لم يصرح بأي شيء، لكن شقيقه سامي دوّن في صفحته على موقع فايسبوك أن إعلانًا سيصدر قريبًا. وما أثار مزيدًا من البلبلة كان نقل أحد المواقع الاخبارية اللبنانية عن سامي نفيه انشقاق شقيقه، زاعمًا أن حسابه في فايسبوك تعرض للاختراق.
تولى مقدسي مهمة المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية بعد فترة قصيرة على اندلاع الانتفاضة ضد نظام الأسد، في آذار (مارس) 2011. يتكلم الانكليزية بطلاقة وهو خبير في الاتصالات، طرح طيلة فترة عمله وجهة نظر النظام بالأحداث خلال زيارات ممثلي الجامعة العربية والأمم المتحدة والمبعوثين الدوليين إلى دمشق، وفي اعقاب العديد من المجازر التي شهدتها سوريا. وعندما اتُهمت قوات النظام بالمسؤولية عن مجزرة الحولة قرب حمص، التي قُتل فيها 103 اشخاص، بينهم 49 طفلًا، في أيار (مايو) الماضي، شجب مقدسي ما سمّاه حينها بتسونامي من الأكاذيب التي تتعرض لها سوريا.
هروب أو انشقاق
اعتبر عددٌ من المعارضين السوريين رحيل مقدسي هروبًا وليس انشقاقًا، لأنه خدم النظام السوري بإخلاص لفترة طويلة. ونقلت صحيفة غارديان عن معارض سوري وصفه لمقدسي بأنه quot;جرذ يغادر سفينة غارقةquot;، فيما أشاد آخرون بوطنيته ونزاهته. وأفادت تقارير من دمشق بأن قوات النظام أحرقت منزل مقدسي في منطقة المزة في دمشق.
لم يعلق الائتلاف الوطني للمعارضة السورية على انشقاق مقدسي حتى لحظة كتابة هذا التقرير، لكن العضو القيادي في المجلس الوطني السوري أسامة منجد قال إن هروب مقدسي quot;ضربة قوية أخرى للنظام، على غرار انشقاق رئيس الوزراء رياض حجاب، لأنه كان بوق النظام، والشخص الذي يشرّع أفعاله ضد الشعب السوري، وهذا دليل آخر على أن النظام يلفظ أنفاسه الأخيرة، وأن موته بات قريبًاquot;.
أما وسائل الاعلام الرسمية السورية فقد التزمت جانب الصمت بشأن قضية مقدسي، بينما اغتنمت الحكومات الغربية حادثة اختفائه لمهاجمة النظام السوري. فقد قال دبلوماسي غربي: quot;إذا كان الرجل المكلف بالكذب على العالم لا يستطيع أن يعيش مع الأسد بعد الآن، فهذه إدانة قوية للنظام، ورسالة إلى آخرين قد يفكرون في الاقتداء بهquot;.
دور في الحكومة الانتقالية
لاحظ مراقبون أن الولايات المتحدة كانت في السابق تقابل المنشقين السوريين للاستفادة مما لديهم من معلومات، لكنها تكتفي الآن بمبادرة حكومات أخرى إلى مساعدة المسؤولين السوريين الراغبين على الفرار. وحرصت الولايات المتحدة على ألا تكون لها يد في قضية العميد مناف طلاس مثلًا، الذي ساعدته الاستخبارات الفرنسية على الرحيل عن سوريا، فيما ساعد الأردن وقطر رياض حجاب على الفرار.
وأشارت مصادر في المعارضة السورية إلى أن مقدسي ومسؤولين سابقين آخرين يمكن أن يلعبوا دورًا في الحكومة الانتقالية، التي من المتوقع أن تُعلن في المغرب خلال الاسبوع المقبل، ما دامت أياديهم غير ملطخة بالدم. وتدعو الحكومات الغربية إلى تمثيل الأقليات مثل المسيحيين والعلويين في هذه الحكومة.
مسألة الكيميائي
أفادت بعض التقارير بأن وكالة المخابرات المركزية الاميركية أعدت تقييمًا تتوقع فيه سقوط الأسد في غضون ثمانية إلى عشرة أسابيع. وحذر الرئيس باراك أوباما يوم الاثنين الماضي من عواقب لم يحددها بالملموس، إذا استخدم النظام السوري أسلحة كيمياوية ضد قوات المعارضة. وقالت الحكومة السورية إنها لن تستخدمها ضد الشعب.
وأعلن اندريس فوغ راسموسن، الأمين العام لحلف شمالي الأطلسي، للصحافيين الثلاثاء أن quot;استخدام الأسلحة الكيمياوية لن يكون مقبولًا أبدًا من جانب المجتمع الدولي، وإذا لجأ أحد إلى هذه الأسلحة الرهيبة فإني أتوقع ردود فعل فوريةquot;.
تخشى إسرائيل وتركيا والأردن استخدام هذه الأسلحة أو وقوعها بأيدي متطرفين يقاتلون في صفوف المعارضة السورية المسلحة، ويُعتقد بأن هناك خطط طوارئ للسيطرة على هذه الأسلحة وتحييدها. كما ابدت الولايات المتحدة وبريطانيا استعدادهما للتحرك في هذه الحالة.
التعليقات