دعوة رئيس الجمهورية اللبناني ميشال سليمان إلى التزام خطاب سياسي هادئ وموزون، يأتي في وقت تشهد المنطقة المحيطة بلبنان، وخصوصًا سوريا، أجواء مضطربة، والغرض منها، بحسب المعنيين، النأي بلبنان عن أي إثارة للفتنة، انطلاقًا من أي خطاب سياسي حاد.


بيروت: كشفت مصادر مطلعة على موقف الرئيس اللبناني ميشال سليمان أن هذا الأخير طلب من المعنيّين ألا يكون خطابهم السياسي تحريضيًا، ما يمكن أن ينعكس سلبًا على الأرض، خصوصًا في ظل الأوضاع القائمة في سوريا.

والمتتبع للخطابات السياسية أخيرًا يلاحظ أن كل الزعماء السياسيين، إن كان على المنابر أو ضمن الحلقات التلفزيونية والإذاعية، يتكلمون بأسلوب الشتائم، والمعروف أنه لا بد من الخصامات والاختلافات في وجهات النظر، ولكن هناك حدًا أدنى من اللياقة، وبالتالي فإن هذا الكلام، الذي نسمعه في الآونة الأخيرة، يُحدث جوًا من التنافر في البلد، ومن الخصام العنيف والتوتير، وصولاً إلى فوضى، يراد منها، برأي البعض، ملاقاة التوتير الأمني، الذي يراد جره إلى الساحة اللبنانية، خدمة لما يحصل في المنطقة، وتحديدًا في سوريا.

يقول النائب مروان فارس لـquot;إيلافquot; إن الخطاب السياسي ينقصه الكثير من الثقافة، وأصبح يدخل في المهاترات أكثر من المصالح الفعلية للمجتمع، والسياسة بقدر ما تعبّر عن مصالح المجتمع بقدرما يكون خطابها على مستوى المجتمع. أما إذا كان الخطاب فرديًا وأنانيًا، فيعبّر حينها عن مصالح حزبية.

ومقارنة مع الخطاب الماضي، يقول فارس لا نستطيع قياسه بالماضي، ودائمًا للخطاب السياسي مقاييسه، وهي الحياة الديموقراطية، وبما أن لبنان يتمتع بالحرية الإعلامية الكاملة،فالمفترض أن تكون الحياة الديموقراطية على مستوى الإعلام، ولكن المشكلة في لبنان أن القصة الديموقراطية تشوبها المسائل المذهبية والطائفية، ولبنان لا يرتقي إلى مستوى خطاب لائق بالنسبة إلى الحضارة، التي ينتمي إليها، إلا إذا ارتفع فوق الخطاب الطائفي.

عن ميثاق الشرف، يقول فارس إنها مسألة شكلية، لأنه حتى الآن لم يحترم هذا الميثاق، ولكن يحتاج جوهرًا وتحديدًا، حتى نرى بماذا يجب أن نلتزم، وهو لا يزال كلامًا بلا مقاييس.

ويضيف نحتاج في لبنان إعادة صياغة الحياة السياسية، بمعنى أن نرتفع من الطائفية إلى المواطنية.

دكاش

بدوره تحدث النائب السابق بيار دكاش لـquot;إيلافquot;، فاعتبر أن هناك 3 مشكلات في لبنان، الأولى سياسية واقتصادية وأخلاقية، والخطاب السياسي يقع ضمن مشكلة الأخلاق في لبنان بكل أسف.

ويتابع: quot;هناك أسباب لانحدار المستوى في الخطاب السياسي اللبناني، ومنها عدم وعي الشعب اللبناني بأبنائه كافة في أي موقع كان، وإلى أي فريق انتمى، لمسؤولياته، ولمعرفته لحقوقه، فهو أتى بممثلين يوم الاستحقاق الكبير، ما أدى إلى انقسام مريع تسقط فيه كل المبادئ والقيم.

إضافة إلى مشكلات عدة في لبنان، تجعل هذا الخطاب السياسي ينحدر إلى هذا المستوى، أولها الشخصانية وتأليهها، بمعنى أن مشكلة الناس هي أنهم يعبدون الأشخاص،لا المبادئ، وهذا ناتج من قلة الوعي، على الرغم من الشهادات العالية والكفاءات التي يتميز بها اللبناني.

ثم العائلية، أي لإننا لا نزال نمشي في الحياة القبلية العائلية، ثم الطائفية، والمذهبية، فالوحدة تبدأ بأن ينضم الواحد إلى الآخر، ونحن لا نزال بعيدين عن الوحدة في الجماعة، المصلحة الذاتية تتقدم على المصلحة العامة، وقديمًا قال الرئيس رفيق الحريري من يعطي يأمر، ونسأل هنا إن كان هناك تمويل لتلك الخطابات، وهي ليست نابعة من إرادة ذاتية، بل تقع ضمن الولاءات الخارجية، التي تدفع بهذا الفريق أو ذاك إلى أخذ المواقف.

والخطاب السياسي في لبنان لا يحتاج تقويمًا، بل صمتًا أعمق منه، وإذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا، لأن الصمت أفضل من الكلام.

عن خطابات السياسيين في الأمس، يقول في كل العهود كان هناك من يخرج عن اللياقات والآداب والقيم، ولكن بكل أسف في وقتنا الحاضر، ونظرًا إلى المآسي التي مر بها لبنان، انحدر الخطاب السياسي إلى مستوى مخجل محزن مبكي ومخز وجارح. أما ضوابط هذا الخطاب فتكون من خلال توعية الشعب اللبناني، ويجب أن يعرف حقوقه وواجباته، وأن يختار جيدًا الطاقم السياسي، وأن يكون فعلاً وليد إرادة الشعب اللبناني، مع وجود الوعي، الذي يرفض التدخل الخارجي من الشرق أو الغرب، حينها يصبح الخطاب السياسي منسجمًا مع إرادة الشعب اللبناني وحقه في الاختيار.

ويتابع: quot;نعرف أن هذه الفوضى الموجودة في لبنان مدمّرة، بسبب كل كلمة تخرج من فم الخطيب، وقبل أن تخرج الكلمة من فمه، يكون ملك الكلمة، وبعدها يصبح عبدها. والانفجار العسكري ممكن أن يكون خطاب غير موزون أو ممحَّص من مسبباته.