بيروت: يشن الاعلام السوري الرسمي هجومًا مضادًا في الحرب الاعلامية الشرسة الجارية، ردا على ما يصفه بـ quot;أكاذيب وسائل الإعلام المغرضةquot; وتأكيدًا على مسؤولية quot;مجموعات إرهابية مسلحةquot; عن اعمال العنف التي تشهدها البلاد.
ففيما اتهم ناشطون معارضون الاثنين مجموعات quot;الشبيحةquot; بارتكاب مجزرة في حي كرم الزيتون في مدينة حمص (وسط) وبثوا مشاهد مروعة لنساء واطفال قتلى اثارت ضجة في العالم، كان للاعلام السوري الرسمي رأي آخر في ذلك.
فقد وجد الاعلام الرسمي في هذا الاتهام quot;حملة اعلامية هستيرية للنيل من سورياquot;، واتهمت وسائل الاعلام الحكومية والمقربة من النظام quot;مجموعات ارهابية مسلحةquot; بانها quot;تخطف الأهالي في بعض احياء حمص وتقتلهم وتمثل بجثامينهم وتصورهم لوسائل اعلام بهدف استدعاء مواقف دولية ضد سوريةquot;.
وعرض التلفزيون السوري نسخته الخاصة من مجزرة كرم الزيتون، وعلقت مذيعة في التلفزيون على صور القتلى قائلة quot;نعتذر عن هذه المشاهد القاسية، لكن الحقيقة دائما لها ثمنquot;. وذكرت وكالة الانباء الرسمية سانا ان quot;مجموعات ارهابية مسلحة ارتكبت هذه المجازر لتروي عطشها للدمquot;.
وتفرض السلطات السورية قيودا مشددة على عمل الصحافيين الاجانب منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا في منتصف اذار/مارس. غير ان فريقا من التلفزيون الرسمي توجه الاثنين الى حمص حيث قابل سكانا من حي كرم الزيتون ليتحدثوا عن quot;اجرام العصابات المسلحةquot;.
ويقول احد السكان للتلفزيون quot;لقد قتلوهم لانهم يؤيدون الدولةquot;، ويضيف آخر quot;هذه في الحرية التي يتحدث عنها الارهابيون!quot;. ويقول مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن quot;انها حرب اعلامية ونفسية، الاعلام الرسمي يتحدث عن الحقائق التي تخدم النظام، وليس عن الحقائق على الارضquot;.
ولا تقر السلطات السورية بوجود انتفاضة شعبية واسعة النطاق ضد النظام، ولا تعترف بقمعها لهذه الاحتجاجات، وهو ما يعمل ناشطون على توثيقه باعداد كبيرة من مقاطع الفيديو يبثونها على مواقع التواصل الاجتماعي على مدار الساعة.
في المقابل، يركز الاعلام السوري على الانتهاكات التي ترتكبها اسرائيل في الاراضي الفلسطينية المحتلة، ويعطي حيزا كبيرا لقمع الاحتجاجات الشعبية في البحرين. وادرجت واشنطن هيئة الاذاعة والتلفزيون السورية على القائمة السوداء، متهمة الاعلام الرسمي quot;بتغطية اعمال العنفquot;، وهو ما اعتبرته دمشق quot;مصادرة لحرية الرأي والصحافةquot;.
ويصر التلفزيون السوري على القول ان quot;كل شيء على ما يرامquot; في سوريا الاسد. ويعرض التلفزيون يوميا مشاهد تظهر مواقع اثرية، وزحمة سير، وسوريين يتبضعون، واطفالا يلهون. والاسبوع الماضي ركز التلفزيون على تصوير اطفال يلعبون بالثلج، فيما كانت مذيعة التلفزيون تردد quot;الثلج، رمز النقاوة والسلام، يجلب معه كل الخير لسورياquot;.
ويقول الخبير في الشؤون السورية اندرو تابلر صاحب كتاب quot;في عرين الاسدquot; لوكالة فرانس برس quot;في الماضي كانت هذه السياسية تلاقي نجاحا، اما الان، فان الامر بات اصعب، مقاطع الفيديو (التي يبثها الناشطون) بالغة التعبير، ولم يعد ممكنا اخفاء العنفquot;.
ولاثبات ان سوريا تتعرض الى quot;مؤامرة عربية وغربيةquot;، بث التلفزيون السوري اخيرا تحقيقا يظهر فيه ناشطون مفترضون تتصل بهم قناة الجزيرة القطرية، وقناة العربية ذات التمويل السعودي وشبكة سي ان ان، وهم quot;يفبركون شهودا عيانquot; بحسب قول التلفزيون السوري.
والاثنين، قال وزير الاعلام السوري عدنان محمود لفرانس برس ان quot;بعض الدول التي تدعم المجموعات الارهابية المسلحة مثل قطر والسعودية هي شريكة في الارهاب الذي يستهدف الشعب السوري في كل اطيافه ومكوناته، وتتحمل مسؤولية نزيف الدم السوري من خلال دعمها للمجموعات الارهابية المسلحة بالمال والسلاحquot;.
ويبث التلفزيون السوري بانتظام quot;اعترافات لارهابيينquot; غالبا ما يعبرون عن quot;توبتهمquot;. وفي حي بابا عمرو المنكوب، الذي دخلته القوات النظامية في الاول من اذار/مارس بعد قصف وحصار لمدة شهر، يعلق صحافي على الدمار على وقع موسيقى تذكر بافلام الرعب quot;هنا، دفنت احلام الارهابيينquot;. وفي هذه التقارير عن بابا عمرو ايضا تتداول الالسن كلمة quot;ارهابيينquot;، لكن احدا لا يتحدث عما شهده الحي من قصف.
التعليقات