المالكي مجتمعًا مع الصدر في منزله في مدينة النجف

بعد أيام من زيارته إلى مدينة النجف ورفض المراجع الشيعية الأربعة الكبار استقباله تمسكًا بمقاطعتهم للسياسيين العراقيين احتجاجًا على سوء أدائهم، فقد أمر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بتخفيض عدد أفراد حماياتهم الى النصف تعبيرًا عن استيائه من تعاملهم معه. فيما دعاه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر إلى العمل من أجل العراق لا لحزبه أو شخصه.


كشفت مصادر شيعية عراقية أن المالكي قد أمر بتقليص عدد حمايات مكاتب المراجع الدينية في مدينة النجف إلى النصف. وأشارت إلى أنّ رئيس الوزراء أمر فور عودته من النجف (160 كم جنوب بغداد) الاثنين الماضي، وبعد رفض المراجع الدينية فيها لاستقباله، الى تقليص عدد افراد حمايات مكاتب هذه المراجع في المحافظة.

وأكدت المصادر أن مكتب رئيس الوزراء قد أصدر خطابًا رسميًا يقضي بتقليص عدد أفراد حمايات مكاتب المراجع الشيعية الأربعة الكبار آيات الله علي السيستاني ومحمد سعيد الحكيم وبشير النجفي واسحاق الفياض الى النصف لكنه لم يعرف بعد عدد أفراد هذه الحمايات.

وقالت وكالة quot;الفرات نيوزquot;، الناطقة بلسان المجلس الاعلى الاسلامي العراقي، برئاسة عمار الحكيم، إن اجراء المالكي يأتي على الرغم من تعرض مكاتب المرجعيات والشخصيات الدينية منذ أسابيع الى اعتداءات عدة بالعبوات الناسفة واللاصقة والقنابل اليدوية والصوتية، الامر الذي يستدعي تأمين حماية أكبر لها بدلاً من تقليصها، الامر الذي فسر على أنه رد من المالكي على عدم استقبال المراجع له ومقاطعتهم للسياسيين بشكل عام.

وكان المالكي زار النجف الاثنين الماضي من دون أن يتمكن من لقاء أي من مراجعها واكتفى بتفقد عدد من المشاريع والاطلاع على سير الاعمال فيها وحضر احتفالاً أقامه حزب الدعوة الاسلامي الذي يتزعمه لمناسبة الذكرى 32 لقيام النظام السابق بارتكاب جريمة اعدام مؤسس الحزب آية الله السيد محمد باقر الصدر في مثل هذا الشهر من العام 1980.

يذكر أن المراجع الشيعية الأربعة الكبار كانت قررت منذ أشهر عدم استقبال السياسيين العراقيين تعبيرًا عن استيائها من ادائهم وعدم التزامهم بوعودهم التي قطعوها لتحسين الوضع المعيشي في البلاد.

وقال الشيخ علي النجفي، نجل بشير النجفي، احد المراجع الكبار الاربعة في النجف، في تصريح صحافي اواخر العام الماضي، quot;قررت المرجعيات الدينية عدم استقبال أي سياسيquot; في مكاتبها في النجف. وأوضح أن هذا الموقف جاء quot;بسبب عدم التزام السياسيين بالوعود التي قطعوها من اجل تحسين الواقع المعيشي في العراق وعدم التزامهم بتوصيات المرجعية الدينيةquot;.

وأضاف أنّ quot;المرجعيات الدينية عبرت عن امتعاضها من تصرفات السياسيينquot;. وأشار إلى أنّ بعض المرجعيات لجأت الى quot;وسائل مختلفة (للتعبير) عن هذا الامتعاض. فمنهم من أصدر بيانًا بهذا الخصوص ومنهم من صرح بذلك، والنتيجة المحصلة لهذا الامر أن المرجعية الدينية في النجف، ممتعضة من تصرفات السياسيين لذلك قررت عدم استقبالهمquot;.

وكان الشيخ عبد المهدي الكربلائي، معتمد السيستاني، قد أكد مؤخرًا أن السياسيين لم يلتزموا بالنصح الذي قدمته لهم المرجعية، وطالبهم بالكف عن التناحر السياسي. وقال في خطبة الجمعة في صحن الامام الحسين في كربلاء إن quot;المساحة الاوسع في هذا التناحر والاختلاف في الرؤى والافكار تتعلق بخلافات سياسية لا علاقة لها بمصالح البلادquot;.

وأوضح الكربلائي أن quot;بعض السياسيين يقولون إننا نحتاج الى نصح المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة اية الله العظمى السيد علي السيستانيquot;. وأضاف: quot;نقول إن النصح من شخصية حكيمة غير كافٍ اذا لا يتم الالتزام بهذا النصح ولو أن السياسيين التزموا بما قدمته المرجعية من نصح في السابق لما كان وضع العراق على ما هو عليه اليومquot;. وقال إن quot;هذا النصح يحتاج الى امور عدة،اولها اننا بحاجة الى رجال دولة لديهم نكران للذات فإن كل الطروحات التي تطرح اليوم من قبلهم هي فئوية وحزبيةquot;.

وتساءل quot;ما الفائدة من تقديم نصح يواجه عدم التطبيق؟، معتبرًا أن quot; ما سبب أن يكون هذاالبلد القوي بثرواته وعقوله مثل العراق ضعيفًا مستهاناً به من دول هي أقل قوة منه، هوعدم توحد الموقف السياسي في العراق، فإن النصح يحتاج الى من يطبقه وينفذه ويستمع اليهquot;.

الصدر يدعو المالكي إلى العمل من اجل العراق لا لحزبه أو شخصه

إلى ذلك، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر رئيس الوزراء نوري المالكي الى العمل من أجل العراق لا من أجل حزبه أو شخصه واصفًا محاولاته لربط الهيئات المستقلة بالسلطة التنفيذية بالمؤشر الخطير.

جاء ذلك في رد للصدر على سؤال وجهه له أحد اتباعه قال فيه: quot;ذكرت تقارير نية الحكومة ضم بعض الهيئات المستقلة الى سلطتها مع أن الدستور كفل لهذه الهيئات حقها في الاستقلالية عن السلطة التنفيذية كالبنك المركزي وهيئة النزاهة ومفوضية الانتخابات وبقية الهيئات الأخرى، حيث أن هذا الموضوع أحدث ضجة على الصعيدين الشعبي والسياسي كونه يمثل بداية الهيمنة على مفاصل الدولة برمتها وبمخالفات دستورية وقانونية واضحة. فما هو موقفكم من ذلكquot;.

وقد رد الصدر قائلاً: quot;يعتبر ذلك مؤشرًا خطيرًا جدًا فأرجو من الاخ المالكي عدم السعي إلى ذلك، فإنه صاحب المسؤوليات الكثيرة مثل رئاسة الوزراء والمناصب الامنية كوزارة الدفاع، وكذلك الداخلية، إضافة الى رئاسة البنك المركزي وبعض الهيئات الاخرى وغير ذلك من رئاسة حزبه وما شابه ذلك وهذا حقًا يدعو إلى القلق. وانصحه بالعمل من أجل العراق لا من أجل حزبه أو شخصهquot;.

وكان رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني قال في الحادي والعشرين من الشهر الماضي:quot; قد اتهم المالكي بتشكيل جيش مليوني في البلاد يدين بالولاء quot;لشخص واحد جمع السلطة بيديهquot;، وشدد على أنه quot;كفىquot; لذلك الشخص الذي يحمل صفة القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والداخلية ورئيس المخابرات وغيرها من المناصب، معتبرًا أن العراق يتجه نحو quot;الهاويةquot; بسبب فئة في السلطة تريد جرهباتجاه quot;الدكتاتوريةquot;.

وأضاف متسائلاً: quot;ما غاية تشكيل جيش مليوني يكون ولاؤه لشخص واحد، فمتى حصل وفي أي بقعة من العالم يوجد هناك شخص يجمع في يديه مناصب مثل القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع ووزير الداخلية ورئيس المخابرات ورئيس مجلس الأمن القوميquot;. وأكد بارزاني قائلاً: quot;لقد حان الوقت الذي نقول فيه كفى، لأن العراق يتجه نحو الهاوية، وأن فئة قليلة على وشك جرّ العراق باتجاه الدكتاتورية، فالعراق يشهد أزمة جدية، وإن دوام وضع كهذا غير مقبول بالنسبة إلينا على الإطلاقquot;.

وفي مواجهة محاولات للهيمنة، يسعى المالكي من خلالها إلى الهيمنة على السياسات النقدية للبلاد وعمل البنك المركزي، فقد أكد رئيس البرلمان أسامة النجيفي الاربعاء الماضي علىضرورة عدم تبعية البنك للحكومة، وذلك لمنع وضع اليد على اموال العراق أو تنفيذ الاحكام الدولية الصادرة ضدالعراقمن قبل الدائنين. فيما حذرت اللجنة المالية النيابية من خطورة هذه المحاولات على احتياطي العراق البالغ 64 مليار دولار.

وأشار النجيفي الىquot;دعم مجلس النواب المطلق لعمل البنك المركزي وفق الدستور والقانونquot;، ومشددًا على ضرورة تواصل البنك المركزي مع اللجان النيابية ذات الصلة في مناقشة وتوضيح المشكلات التي يعاني منها العراق في مجالات السياسة النقدية والبنكية، كما نقل عنه بيان صحافي تسلمته quot;ايلافquot; اليوم.

وشدد على quot;ضرورة عدم تبعية البنك المركزي للحكومة وذلك لمنع وضع اليد على اموال العراق أو تنفيذ الاحكام الدولية الصادرة ضد العراق من قبل الدائنينquot;. وأوضح أنquot;مجلس النواب سيستضيف محافظ البنك المركزي في جلسة استماع لشرح واقع عمل البنك وتبيان مسألة سعر صرف الدولار امام الدينار العراقي والاوضاع الاقتصادية والسياسة النقدية المتبعةquot;.

وقد وجه النجيفي رسالة الى المالكي، اثر التفويض الذي منحته المحكمة الاتحادية للمالكي بالسيطرة على المؤسسات المستقلة والحاقها بمكتبه الشخصي، يطالبه فيها بعدم التدخل في امور البنك المركزي وفيها بيان لمهام وواجبات هذا البنك الذي يعدّ من المؤسسات المستقلة.

وتؤكد مصادر مالية أن محاولة استيلاء المالكي على البنك المركزي هو بسبب رفض محافظه سنان الشبيبي على طلبات متكررة من رئيس الوزراء بتقديم الديون للحكومة وتغطية عجزها المالي رغم الايرادات الكبيرة المتحصلة من تصدير النفط.

وكان ممثل المرجعية في كربلاء عبد المهدي الكربلائي أشاد في خطبة الجمعة مؤخرًا بالسياسة المالية للبنك المركزي العراقي..داعياً الى quot;دعمه والحفاظ على استقلاليته من اجل ارتفاع قيمة الدينار العراقي امام العملات الأخرى ودعم القدرة الشرائية للمواطن العراقيquot;. وشدد بالقول إن quot;البنك المركزي العراقي بسياسته المهنية والعلمية استطاع أن يحافظ على قيمة العملة العراقية منذ العام 2003quot;.

يذكر أن الفصل الرابع من الدستور العراقي لسنة 2005 قد ادرج الهيئات المستقلة، ضمن المواد (102 إلى 108) وعد الدستور في المادة (102) كلا من المفوضية العليا لحقوق الإنسان والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهيئة النزاهة، هيئات مستقلة تخضع في عملها لرقابة مجلس النواب وبذلك ترتبط هذه الهيئات بأعلى مرجع تشريعي في الدولة العراقية، ويتم تنظيم أعمالها بقانون يصدر عن مجلس النواب.