مقاتلون معارضون لنظام الأسد في حلب

ترى فرنسا أنّ تسليح المعارضة السورية ما زال محفوفًا بالمخاطر، لكنها تبدي حماسة لهذه المسألة خلافًا للأوروبيين الآخرين، إذ ترى الفرصة متاحة الآن لتقديم مساعدات عسكرية فعلية للثوار.


بعد أن عززت قوى المعارضة السورية المسلحة سيطرتها على مناطق انتزعتها من النظام ترى حكومة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن لدى الغرب الآن فرصة تتيح تقديم مساعدات عسكرية إلى المقاتلين لأول مرة، كما أفاد مصدر دبلوماسي.

وكانت القوى الغربية تصر حتى الآن على الاكتفاء بتقديم مساعدات quot;غير فتاكةquot; فقط الى مقاتلي المعارضة السورية خشية وقوع الأسلحة بأيدي جماعات اسلامية متطرفة في غمرة الفوضى والهيكل التنظيمي المفكك للمعارضة المسلحة.

ورغم اعتراف فرنسا بأن تسليح المقاتلين ما زال محفوفًا بمخاطر فإنها أُعجبت بطريقة المعارضة في إدارة البلدات الخاضعة لسيطرتها بعد تشكيل مجالس ثورية محلية لفرض القانون والنظام. ونقلت وكالة رويترز عن المصدر الدبلوماسي quot;انه موضوع نعمل عليه بجدية ولكن له دلالات خطيرة ومعقدةquot;.

وقامت فرنسا التي انتدبتها عصبة الأمم لحكم سوريا بعد الحرب العالمية الأولى بدور حازم على نحو متميز في السياسة الدولية تجاه النظام السوري. وطالبت باريس بإقامة quot;مناطق محررةquot; في سوريا وسط الدعوات المتزايدة الى تحرك المجتمع الدولي على نحو أشد فاعلية لوقف سفك الدماء.

وبدأت فرنسا مؤخرا تقديم مساعدات مالية مباشرة الى خمس بلدات تسيطر عليها المعارضة واستخدام هذه المساعدات لإعادة إمدادات الماء وتشغيل الأفران وفتح المدارس في محاولة لتحقيق قدر من التطبيع في حياة السكان في هذه المناطق.

وكثفت فرنسا اتصالاتها بفصائل المعارضة المسلحة وبدأت تقديم مساعدات الى المجالس الشعبية المحلية في البلدات الخمس، كما افاد مصدر دبلوماسي غربي لوكالة اسوشيتد برس.

وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس تعهد الاسبوع الماضي إرسال مثل هذه المساعدات. وتسهم المساعدات في اعادة خدمات اساسية تضررت بالحرب الأهلية السورية وتمكين المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة من إدارة شؤونها، كما أوضح المصدر الدبلوماسي الذي طلب عدم ذكر اسمه.

وقال المصدر ان حلفاء فرنسا يريدون تقديم مساعدات مماثلة دون ان يذكر اسماء البلدات التي تصلها هذه المساعدات أو كيف تصلها متعللا بأسباب أمنية. وقال ان اجمالي سكان هذه البلدات يبلغ نحو 700 الف شخص وهي تحررت من سيطرة نظام بشار الأسد منذ شهر الى خمسة أشهر.

ولكن الأسد يواصل تصعيد حملته الدموية ضد المناطق التي تسيطر عليها المعارضة حيث وجه المقاتلون مناشدات لمدّهم بالسلاح في مواجهة طيران النظام الحربي.

وكان مقاتلو المعارضة اسقطوا مروحية وطائرة مقاتلة في الاسابيع الأخيرة ولكنهم أسقطوهما بضربة حظ في الحالتين. وقال ناشطون في المعارضة ان تمكين المقاتلين من التصدي لطيران الأسد من شأنه ان يقلب موازين القوى في الحرب الأهلية التي راح ضحيتها حتى الآن نحو 26 الف قتيل.

ويمكن ان تشذ فرنسا عن موقف الدول الغربية الأخرى بتسليح المعارضة بمدافع ومضادات جوية، كما افاد مصدر دبلوماسي. واضاف المصدر ان فرنسا تبحث عن قادة ميدانيين جديرين بالثقة يسيطرون على اراض quot;محررةquot; في محافظات دير الزور وحلب وادلب.

ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن المصدر الدبلوماسي قوله quot;ان من الضروري ان نعمل بجدية ونقيم علاقة ثقة لنتبين مع من نتعامل بحيث يمكن اتخاذ قرار نهائي وهذا يحتاج الى وقتquot;. في غضون ذلك، تلقى مقاتلو المعارضة ضربة في حملتهم لتوسيع مكاسبهم على الحدود السورية بتمكن قوات النظام من استعادة السيطرة على بلدة حدودية يستخدمها اللاجئون السوريون للعبور الى الاردن.

وبادرت باريس خلال الأسابيع الماضية الى توسيع حوارها مع مقاتلي المعارضة رغم انها لم ترسل حتى الآن مستشارين عسكريين فرنسيين لمساعدتهم، كما افاد المصدر الدبلوماسي مضيفا ان فرنسا تعمل على اقامة صلات بين المعارضة السياسية السورية والمنشقين والمقاتلين.

من جهة أخرى سارعت الولايات المتحدة ايضا الى تعزيز وجودها على الحدود السورية التركية بإرسال مزيد من الجواسيس والدبلوماسيين للمساهمة في تقديم استشارة الى المقاتلين في معركتهم غير المتكافئة مع قوات النظام الأحسن تسليحا، ومراقبة الوضع عن كثب تحسبا لتسلل تنظيم القاعدة الى صفوف المقاتلين.

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين اميركيين مطلعين على خطط الولايات المتحدة ان هذه الزيادة المتواضعة في عدد العناصر الاميركية ساعدت في تطوير المهارات التنظيمية السياسية للمقاتلين وتنظيمهم العسكري ايضا.

ويأتي هذا النشاط الاميركي المتزايد في اطار تحرك على محورين اعتمدته ادارة اوباما لتدعيم قدرات المعارضة عسكريا دون مساهمة فعلية بشحن اسلحة الى المقاتلين، وسياسيا مساعدتهم في التصدي لتحديات داخلية على السلطة من جانب اسلاميين متطرفين حسني التنظيم وكثيرا ما يكونون أفضل تمويلا. وكان هؤلاء تدفقوا الى سوريا قادمين من العراق ودول أخرى في منطقة الخليج، بحسب صحيفة واشنطن بوست.

ويهدف النشاط الاستخباراتي الاميركي المتزايد الى مساعدة البيت الأبيض على البت في ما إذا كانت سياسته الحالية بتقديم مساعدات غير فتاكة فقط تكفي للحفاظ على زخم المعارضة في الانتفاضة المستمرة منذ نحو 18 شهرا ضد نظام الأسد.

وامتنع البنتاغون والبيت الأبيض يوم الخميس عن التعليق. ولكن صحيفة واشنطن بوست نقلت عن مسؤولين اميركيين ان الدبلوماسيين وجواسيس وكالة المخابرات المركزية والأجهزة الاستخباراتية الأخرى يبقون خارج الأراضي السورية ويلتقون قادة الفصائل المسلحة لمساعدتهم على تنظيم صفوفهم مع دراسة قوام هذه الصفوف ومن ينخرط فيها وكيف يجري تسليحهم ومن يكونون مسؤولين امامه.

كما تُجمع معلومات من منشقين ولاجئين سوريين فضلا عن مقاتلي المعارضة انفسهم، بحسب هؤلاء المسؤولين.

وقال الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية رويل غيريكت الذي يعمل الآن باحثا في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن ان النموذج المعتمد هو إبقاء عناصر الوكالة بعيدا عن النزاع وجمع المعلومات من خلال القوى المحلية.

واوضح مسؤول اميركي ان هذا النشاط يتركز على الحدود التركية بدلا من الحدود مع الاردن حيث ينزح الكثير من اللاجئين السوريين لأن الحركة بين سوريا وتركيا أكبر بكثير.