هناك فئة من الناس لا هدف لها سوى الهدم والإساءة للاخرين، ترى الدنيا بروح سلبية مليئة بالكره والحقد، وفئة اخرى تتعامل مع العالم بروح إيجابية مفعمة بالحب، هناك من يرى عيوبك لكنه يركز على ايجابياتك، وآخرون يرون ايجابياتك لكنه يركز على عيوبك، إن انتقدك الآخر أو سلط لسانه أو قلمه ضدك فهذا لا يعني إلا أنه يشقى ويبكي غيرة منك وأنه بطريقة الاختبارات النفسية الاسقاطية يسقط عليك ذلك العبء النفسي المدفون في ثنايا نفسه المريضة..

يقول الكاتب الصحفي الراحل مصطفى أمين: quot;إذا قمت بعمل ناجح وبدأ الناس يلقون عليك الطوب فاعلم أنك وصلت بلاط المجد وأصبحت المدفعية تطلق إحدى وعشرين طلقة احتفاء بقدومكquot;، إن قصص الناجحين في العالم العربي كثيرة، للاسف وجدوا أنفسهم يواجهون حزب أعداء النجاح من المرضى النفسيين والحمقى الذين وصل بعضهم الى مناصبهم بالنفاق والتملق لانهم لا يملكون مواهب حقيقية وقدرات، بعضهم يتحدثون باسلوب بليغ وكما قال الشاعر: يعطيك من طرف اللسان حلاوة.. ويروغ منك كما يروغ الثعلب.
يحلو له عقد الاجتماعات، ليتحدث في الفاضي والمليان، وحضور المنتديات كوجاهة اجتماعية، ورغم كل هذا يبقى هؤلاء منحطين وكاذبين، يكثرون من الوعود، ولا يحققون شيئا، لانهم عاجزون ويحقدون على اصحاب المواهب ويستعملون معهم طرقا سافلة ودنيئة تنم عن عقدة النقص وقلة الأخلاق والأدب.

هذه الفئة من البشر إن جاز ان نطلق عليهم صفة البشر لا سبيل لهم للارتقاء إلا بمحاولة النيل ممن هم أفضل منهم بدرجات. إنهم كالحشرات التي تتسلق سيقان الاشجار القوية الباسقة لا يزعجها نفاق وثرثرة التافهين الحالمين بالوصول الى القمة، ولكن عقولهم الضعيفة، وقلوبهم المريضة، مرتبطة بالحضيض وروحهم تسبح في مستنقع من الحقد والغيرة حفروه بأنفسهم وغرقوا فيه ويحاولون الخروج منه بمحاولات يائسة على حساب الآخر، اذا تألقت في مجالك يراقبونك ويتصيدون لك الهفوات وينتهزون الفرصة حتى يزيحوك ويتركوا البلهاء، وعديمي الموهبة، ويستجيبون لما يمليه عليهم سادتهم، فاذا كنت لا تستند الى quot; واسطةquot; قوية فعلوا فيك الافاعيل، اما البلهاء والاميون المستندون الى واسطة قوية لا يجرؤون على أن يفعلوا معهم شيئا وينطبق عليهم المثل quot; صحيح ناس تخاف ولا تختشيشquot;.

إننا نرى هؤلاء البشر كل يوم من حولنا، وهذه النوعية من البشر الضعيف غير واثق من نفسه، تمتلئ روحه حقدا وحسدا، يحمل نفسا مهترءة وعقلا ضيقا عاجزا عن التفكير المتزن، لا يعرف ماذا يريد، وما هدفه في الحياة، يعيش كالانعام يأكل ويشرب ويتكاثر، ولاهم له سوى المال غير مدرك أنه سيغادر الحياة فجأة، ولن ينفعه سوى عمله، لكن كيف لقلب أعمى إدراك تلك المعاني، وكيف لذاته المليئة بالمتناقضات ان تستقر، دون النيل من الاخرين.


إنني اشفق على هذا الانسان المخدوع، فهو بعيد عن التوافق النفسي، ظلمته قدراته العقلية على الفهم وبالتالي نسب ضعفه العقلي للاخرين، يهاجم ويحاول أن يطعن لكن الاشجار المثمرة لا تنال منها رياح عابرة، ولا حصى يقذفه القاصر على الفهم والإدراك.

نحارب الموهوبين وهم كثر لأننا لم نعد نسمع او نطيق نجاح أصحاب الموهبة والكفاءة، وأصبح أنصاف القادرين على ممارسة المهنة ndash;أى مهنة ndash; هم عناوينها البارزة، لذلك يقدمون ويؤخرون من شاءوا، وقتما شاءوا ليصدق قول فولتير quot; النجاح خطيئة يرتكبها المرء بحسن نية ومع ذلك لا يغفرها له الاخرون واذا كان الموسيقار النابه موتسارت قد لاقى تحديات ومؤامرات من انصاف الموسيقيين وعديمي الوهبة لان نجمه كان بازغا بينما لا يلتفت الى أعمالهم أحد ومع ذلك صمد واختفى اعداؤه.
والشخص الناجح صاحب الاخلاق الحميدة لا يكيد للآخرين، أو ينال منهم لأنه في المقدمة، وليس بحاجة للافعال الدنيئة عكس ما يفعل الحاقدون والمتخلفون مظهرا وجوهرا من اعتداء على الآخرين ويحاولون أن يضفوا على أنفسهم هالة من الاهمية وهي وهم لأنهم فارغون ومتعثرون، ويكاد الحقد والحسد يأكلان قلوبهم لذا فان الاعراض عن الجهلاء والسفهاء والمنافقين هو السبيل الوحيد لمعرفة حجمهم الحقيقي، فهم أذلاء في الدنيا، أشقياء في الاخرة.


إعلامي مصري