في هذه اللحظات التي اكتب فيها هذه السطور،ينطلق الى ساحات الجهاد في المدن السورية الشباب الذين يضعون حياتهم على اكفهم لانقاذ الوطن المنكوب من براثن النظام المجرم.

وفي نفس الوقت هناك من يخطط ويناور ويشكل الشلل والاتباع من خلف الابواب المغلقة لتوزيع المناصب والامتيازات بعد انهيارالنظام دون وازع من ضمير او اخلاق ازاء اللحظة التاريخية وابطالها الذين قد يسقطون شهداء في ميادين الوطن.

الاختلاف في السياسة امر طبيعي بل وواجب.

منذ يوم امس انطلقت شرارة الانتفاضة من جهة سياسية وقد تكون قد تسرعت ودون تنسيق مع الآخرين.هل سنقف ضدها؟. هل سنتركها لقمة سائغة في فم النظام واجهزته القمعية وتحت ذريعة عدم التنسيق مع الغير؟.

هل كان هناك تنسيق وتوزيع المناصب في ثورات تونس ومصر وليبيا؟

لا بكل تأكيد.

علينا الوقوف معها ودعمها بكل قوة حتى الانتصاروبعدها سنتوافق على بناء الوطن من جديد. هل ستتغلب الانانية القاتلة والمصلحة الذاتية الضيقة على الواجب اتجاه الوطن؟ أليس حرياً بنا ان نستخلص العبرمن التجارب الاليمة السابقة والتي لا نزال ندفع اثمانها باهظاً حتى الآن؟

في مجزرة حماة الاولى عام 1964 والتي كادت ان تودي بنظام البعث لم تنجح وذلك عندما وقفت المدن السورية الاخرى موقف المتفرج بالرغم من الخسائر الفادحة من الضحايا وهدم جامع السلطان الذي جرح ضمائر كل السوريين.

في عام 1965 وكنت حينها طالباً في ثانوية ابو حيان التوحيدي في حي الميدان بدمشق وشاهدت كيف سُدت الشوارع وتوقفت حالة السير وكانت متاجر دمشق قد اغلقت أبوابها واعتصم عدد كبير من الناس في المسجد الأموي احتجاجاً على ما آلت إليه حال البلاد. النظام كاد ان ينزلق الى القبر لولا سذاجة وبساطة الرئيس امين الحافظ وقساوة الضابط سليم حاطوم، والانكى كان صمت كل المدن السورية مرة اخرى.

هكذا تمكن النظام من القضاء على انتفاضات ديرالزور وجسرالشغور وحلب. النظام نجح في اصطيادنا فرادى وحداً تلو الآخر.

اما مجزرة حماة الثانية فهي غنية عن البيان ولسوف تشكل وصمة عار على جبين كل سوري شريف وقف متفرجاً على تلك المجازر في المحافظات والمدن الاخرى والتي كانت السبب في استمرار النظام في التسلط الى يومنا هذا.

في عام 2004 جاء الدورعلى القامشلي وسال الدم السوري في ابشع مجزرة ترتكب ضد العزل. انتشرت الانتفاضة في كل المدن السورية التي كان يقيم فيها الكرد بما فيها دمشق العاصمة. بقية الاطياف السورية الاخرى ظلت كالعادة تتفرج ولعدة ايام.

لو تحركت الاطياف الاخرى حينها لكان النظام قد انتهى منذ سبعة سنين.

هل سنرتكب نفس الخطأ بل نفس الجريمة مرة اخرى ونتفرج على اخوتنا الذين اشعلوا نار الانتفاضة لحالية؟
معاذ الله............

أم ان هناك من لايزال يفكر بعقلية الانقلابات التي كان كل طموحاتها الاستئثار بامتيازات السلطة ويقف متوارياً ليقتنص الفرصة للإنقضاض؟ وان من وصل اولاً الى quot;دار الاذاعةquot; سينتزع الكرسي من الآخرين.

لا.الزمن تبدل والشباب لن يقبل الا النظام الديمقراطي بديلاً.لهذا ننصح الذين يتخندقون في الغرف المظلمة الخروج على الملأ سلباً او ايجاباً مع او ضد الانتفاضة بكل شفافية وبأسمائهم الشخصية الواضحة واسماء الحركات السياسة التي يمثلونها وفي بيانات رسمية لتحمل المسؤولية الاخلاقية.

كل مايدور خلف الابواب المغلقة يصل اولاً الى السلطة واجهزتها الامنية لحظة بلحظة وهو امر عادي، إذ انه لا توجد حركة سياسية ولم تخترقها اجهزة السلطة في الخارج والداخل. السرية مطبقة فقط ضد المواطن الذي يتحدث الجميع بإسمه.

ايتها الاخوات وايها الاخوة السوريون لهذا علينا جميعاً الوقوف صفاً واحداً وراء هذه الثورة دون اي سؤال استفهام......ليس الوقت لحساب المناصب والمصالح الشخصية والشللية.الى الانتفاضة جميعاً وكل من ينتطر سوف يندم ولكن يوم لا ينفع الندم.علينا ان نتخلص من المصالح الشخصية الضيقة وكل من يحاول تجميع الشلل والمحسوبيات سوف يلفظه الثوارفي المستقبل....يجب ان ينهار النظام اولاً وبعد ذلك سوف نتفق على بناء الوطن.التاريخ لن يرحم المتقاعسين واصحاب المصالح الضيقة.

المؤسف انه لايزال هناك الكثيرون ممن يعتقدون ان كل من لا ينتمي الى النخب السياسية هو بليد وغبي، بينما العكس هو الصحيح في القرن الحادي والعشرين.

quot;الاناquot; بدلاً من الوطن في الاوقات المصيرية قد تعني الخيانة.


طبيب كردي سوري