منذ أن بدأت تسونامي الأنظمة المتعفنة تضرب سواحل المتوسط والخليج، مطلع هذا العام وحتى يومنا هذا تهاوت إمبراطوريات كارتونية سخرت كل أجهزتها وإمكانياتها النفطية والسكانية والمخابراتية والإعلامية للشعارات الكاذبة ولحماية كرسي الحاكم ونظامه، وهيأت ارض خصبة لنمو فطريات الإرهاب والتطرف القومي والديني الذي أشاع جوا نفسيا متوترا لدى كثير من الشرائح الشبابية والمحافظة التي تورط الكثير منها في عمليات القتل والتفجير والإرهاب في العراق وافغانستان وكثير من البلدان التي تحاول مغادرة تلك البيئة المتخلفة.
هذه الأنظمة التي دخلت في حرب شعواء غير معلنة مع النظام الجديد في العراق، وحولت مدنه وبلداته وتجمعات سكانه الى ساحات حرب وحلبة صراع لكي ترسل اليها او تسهل عملية إرسال آلاف الإرهابيين القادمين من بلدانها او من بلدان أخرى لإفشال عملية التغيير التي يشهدها العراق، وطيلة أكثر من ثمان سنوات عجاف كان معظم منفذي تلك العمليات الدموية في تفجير السيارات المفخخة او الانتحاريين يتم تدريبهم او إرسالهم او تسهيل عبورهم من جميع هذه الدول التي تحكمها هذه الأنظمة سواء التي سقطت منها أو الآيلة للسقوط.
لقد أكدت إحصائيات رسمية وشبه رسميه انخفاض كبير وملحوظ في عمليات التفجير بواسطة الانتحاريين القادمين عبر سوريا والأردن وإيران ومن جنسيات مصرية وليبية وتونسية وجزائرية وسورية وسعودية ويمنية، سواء باستخدام السيارات المفخخة او من خلال تفخيخ أجسادهم وتفجيرها في مناطق مكتظة بالأهالي سواء من الشيعة او السنة او الكورد او استهداف المسيحيين والصابئة والايزيديين، وذلك لغرض إشاعة الفتنة او الاقتتال الداخلي مما يؤكد ان عاصفة التغيير في هذه البلدان لم تُسقط أنظمتها ورؤسائها الطغاة فقط، بل أسقطت ذلك البرنامج الإرهابي الذي كانت تعتمده وتمارسه أجهزة مخابراتها واذرعها الممتدة عبر الحدود بشتى الوسائل بحيث توقف او تؤخر تطور التحديث الديمقراطي في المنطقة عموما وبالذات النموذج العراقي وعدم السماح له بالانتشار الى دول المنطقة في الشرق الأوسط منذ ثمان سنوات وحتى قبل عدة أشهر قليلة.
وإذا كانت عمليات الإرهاب ما زالت موجودة هنا وهناك فإنها تعتمد أسلوبا آخرا يتمثل في عمليات التصفية الشخصية من خلال الاغتيالات واستخدام كواتم الصوت او العبوات اللاصقة والتي اشتهرت بها تنظيمات حزب البعث تاريخيا السرية منها والعلنية، فهي التي استخدمت ذات الأسلوب منذ عام 1959م وبعد ان استقلت القطار الأمريكي في شباط 1963م وما جرى في بغداد والمحافظات من عمليات تصفية طالت في العاصمة وحدها ما يقرب من ثلاثة آلاف رجل وامرأة في يوم واحد بعد تسلمهم السلطة في 1963م، وما حصل بعد ذلك بعدة سنوات حينما استحوذت على السلطة في انقلابها الذي ادخل البلاد كما يعرف الجميع في حمامات للدماء حتى يومنا هذا؟
ان التغيير الحاصل الآن وسقوط النظم الدكتاتورية يتيح فرصا ذهبية لتطور عملية الانتقال الى النهج الديمقراطي سياسيا واجتماعيا وهو كفيل ايضا بتجفيف منابع الإرهاب في المنطقة عموما وإيقاف المد الديني والقومي المتطرف والمنغلق.
التعليقات