quot;السمكة تفسد من رأسهاquot; مثل معروف ينطبق علي ما يجري الآن في مصر، فكل الفساد والفوضى التي تحدث في مصرالآن يتحملها المجلس العسكري وعصام شرف فقد فسد المجلس وفسد شرف فعمت الفوضي، فشل المجلس العسكري في حادث أطفيح وترك من قاموا بهدم الكنيسة أحرارا فضاعت هيبته وهيبة القانون وضاعت هيبة الدولة.

أما السيد عصام شرف فهو رجل أكاديمي، كنت دائما اشعر أن الرجل ٌظلم لأنه يرأس الحكومة في وقت صعب جدا، وانه رجل صاحب فكر ورؤية محترمة ولكن ما حدث عقب حادثة إنزال العلم الإسرائيلي اثبت أن الرجل ليس لديه رؤية ولا يحمل أي فكر ولا يملك أي بعد نظر ولا يختلف كثيرا في طريقة تفكيره عن رجل الشارع العادي!!!

فبعد أنزال احمد الشحات للعلم الإسرائيلي من فوق سفارة إسرائيل في القاهرة، تحول السيد الشحات لبطل قومي وكان صفوت حجازي أول المهللين له!! لا أدري لماذا تحول هذا الشاب لبطل قومي بهذا الشكل وهل إنزال العلم الإسرائيلي عمل بطولي خارق تعجز عنه مصر حكومة وشعبا؟؟ وانتظرنا حتي لحظة وصول البطل الملهم ليريحنا من ذلك العلم الجاثم علي صدورنا!، وتتواصل فصول المسرحية الهزلية من تعامل الإعلام المصري مع القضية ليصبح الشحات ضيف علي كل البرامج والقنوات بطريقة لم يحصل عليها البطل الأوليمبي كرم جابر!! وراح الشحات يصول ويجول ليحكي لنه مغامراته والعقبات التي تغلب عليها في طريق تحقيقه للمعجزة المصرية في إنزال العالم، ثم يدخل علي الخط أشخاص آخرون يدعون انهم الأبطال والشحات ما هو ألا نصاب سرق منهم عملهم، وبالرغم من ذلك فرد الفعل الشعبي والإعلامي يمكن تمريره فالشعوب التي أدمنت الهزائم والانكسار والإحباط دائما ما تكون تواقة لأي نصر ولو بشكل وهمي.

لكن الشئ الذي لا يمكن قبوله هو رد الفعل الرسمي متمثلا في رد فعل المجلس العسكري ورد فعل الحكومة المصرية تجاه ذلك العمل، فأي كان من قام بإنزال العلم من علي السفارة quot; أي سفارة quot; كان لا بد آن يعامل كمجرم ومكانة الطبيعي السجن وكان يجب علي المجلس العسكري أن يصدر قرارا باعتقاله علي ذمة القضية!! وتقديمه لمحاكمة عسكرية وليس مدنيه لأنه ارتكب جريمة متعلقة باتفاقيات عسكرية ومعاهدات دولية!! وهو كسر للقانون الدولي والداخلي للدولة هو تعدي علي سيادة الدولة المصرية أولا وقبل أي شئ، الغريب أن المجرم حر طليق يتنقل من استوديو لأستوديو ومن قناة فضائية لآخري!!!!.

أما الشئ الأغرب فهو موقف السيد رئيس الحكومة المصرية، فقد قام السيد عصام شرف بدعوة البطل المزعوم لمقابلته في مكتب السيد رئيس الوزراء وتهنئته الحارة علي بطولته الخارقة وشكره علي وطنيته وعلي الخدمة الجليلة التي قدمها للوطن الغالي واعترافا من الدولة المصرية بالدور العظيم الذي قام به الشحات قام السيد شرف بتسليمه شقة علشان الواد يتجوز ويهيص ويخلف لينا إبطال ينزلوا كل الإعلام من علي كل السفارات في القاهرة والجيزة!! ونسي السيد شرف انه رئيس وزراء مصر وانه إذا كان يريد إنزال العلم الإسرائيلي عليه أن يبلغ وزير خارجيته ليقوم بإبلاغ الجانب الإسرائيلي بإنزال علم بلادهم من فوق مبني السفارة، علي آن ترسل من ينزل علمها وعلي حسابها هذا إذا كان ذلك رغبة الدولة المصرية!! أما آن لم تكن هي رغبة الدولة فأي عمل ضد رغبة الدولة هو عمل إجرامي ومن يقوم به مجرم يستحق العقاب وليس التكريم. انظروا ماذا فعلت أسرائيل بالإسرائيلي الذي ألقي الحجارة علي سفارة مصر في تل ابيب تم القبض عليه ووجهت له تهمة الاعتداء علي سفارة دولة صديقة ويواجه الحكم بالسجن لاربع سنوات!!!

أن ما حدث من فضيحة دولية يوم الجمعة التاسع من سبتمبر من اعتداء علي السفارة الإسرائيلية لهو جريمة يتحمل مسئوليتها كاملة المجلس العسكري والسيد شرف، فلو كان تم القبض علي الشحات بعد إنزاله العلم لما حدث الاعتداء علي السفارة الإسرائيلية ولا حتي السفارة السعودية، حتي أن مسألة امن الدبلوماسيين الأجانب أصبحت حديث العالم كله فالكل يتكلم عن امن وسلامة بعثتهم الدبلوماسية في القاهرة فبالله عليكم عندما يكون حديث الشارع في بلد ما عن تعرض بعثتهم الدبلوماسية للخطر في القاهرة فكيف لمواطني هذه الدولة آن يفكروا في زيارة مصر للسياحة؟؟

أنا لست ضد الاحتجاج أمام السفارات ولكن هناك فرق بين الاحتجاج الراقي وبين الهمجية هناك فرق بين استخدام الوسائل القانونية المشروعة وبين كسر كل القواعد القانونية والأعراف الدولية، هناك فرق بين التحضر والغوغائية بين النظام والفوضي ولكني للأسف لا أري فرقا في مصر بين بائع quot;الترمسquot; وبين المشير ولا بين رئيس الوزراء....حقا السمكة تفسد من رأسها.