ما أن انهار نظام صدام حسين الدكتاتوري حتى انقسمت مجاميع الطبالين والزمارين من وعاظ السلاطين الى عدة أقسام أهمها من بقي هنا يمارس ذات المهنة مع الحاكم الجديد بتغيير غير كبير في بعض الإكسسوارات والأسماء، وبعض غير قليل هاجر ليدغم في الدول ذات الأنظمة الشبيهة في المنطقة، وبالذات الى دول أنظمة الحزب القائد أو القائد الأسطورة في سوريا واليمن وليبيا والى حد ما الى مصر وتونس، وآخرين لملمتهم عطايا وحنايا بعض المؤسسات الإعلامية هنا وهناك في دول الخليج وغيرها؟
وربما ظن الكثير منهم على خلفية تلك الشعارات الافيونية التي أدمنهم عليها نظام القائد الضرورة وعطاياه التي أعمت أبصارهم وبصيرتهم، انهم في إجازة قصيرة أو فاصل قصير على عادة مذيعي فضائياتنا اليوم، وسيعودون سالمين غانمين الى امبراطويتهم التي انهارت خلال أيام فقط لا غير، بتأييد وتأميل من تلك الأنظمة والدول التي احتضنتهم وحولتهم الى أبواق دعائية بعد أن أحالت العراق الى ساحة حرب ينزف فيها العراقيون دما ودموعا وأموال بذات الشعارات الجوفاء التي أدمنتها شعوبنا منذ ما يقرب من نصف قرن!؟
وخلال سنوات مريرة منذ سقوط أولى الدكتاتوريات المخزية في بغداد قبل تسع سنوات، عملت كل الأنظمة الشبيهة التي احتوت تلك المجاميع المريضة والكئيبة من أصنام ذلك النظام المتحجر على إدامة وتغذية دوامة العنف والإرهاب والتقتيل في عراق يئن من جروح غائرة تركها النظام وأدامها الاحتلال وأخطائه المفجعة، وسخرت وسائلها الإعلامية على تشويه الحقائق والدفاع عن نظام موغل بالجريمة والإرهاب وإعاقة تقدم البلاد وإشاعة اليأس والإحباط بتورطها في كثير مما جرى ويجري في البلاد، ابتداءً من تدخلاتها في العملية السياسية وإعاقة تقدمها وتشتيت جهود المخلصين في توحيد الصفوف من خلال عملائها ومريديها، وانتهاءً في مشاركتها وعملائها في عمليات الفتنة والإرهاب وتعطيل الدستور ومواده؟
وصدق من قال ( تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ) لتعصف تسونامي بالأنظمة المتعفنة، وتتهاوى أصنام دكتاتور بغداد الكبير في كل من تونس وليبيا ومصر، وقريبا في دمشق وصنعاء، لتواجه تلك المجاميع من وعاظ السلاطين سقوطها الكبير وأزمتها في جغرافية وجودها ومجالها الحيوي، خصوصا وإنها تعاني الآن من تضخم سرطاني بسبب التحاق الكثير من أقرانها في تلك الأنظمة المتهاوية التي تشد الرحال هي الأخرى هذه المرة الى صحراوات لا أول لها ولا آخر في أفريقيا، أو تركب البحر من بانياس وسرت وتونس والحديدة وعدن، لترحل هذه المرة الى حيث مراضعها الحنونة، وعربات القطار التي حملتها ذات يوم بائس الى دفة الحكم، ترحل الى دول الاستعمار والامبريالية لتنعم هناك بالأمن والسلام الثوريين، مثل أكثر قادة المتطرفين الإسلاميين المقيمين في دول الكفر والخنازير كما يطلقون عليها في أدبياتهم المظلمة، بينما ينعمون بخيراتها ومساعداتها هم وعوائلهم؟
ويبقى السؤال هل ان سقوط أصنام الدكتاتورية وأنظمتها سينهي حقبة وعاظ السلاطين واوبأتهم، وان الديمقراطية كفيلة بتقليص مستوطناتهم، أم إن من بقى منهم وتكيف مع الأوضاع الجديدة سينجح في صناعة وتطوير أجيال وموديلات أكثر تطورا وخطورة في غياب العدالة الاجتماعية والمساواة!؟
[email protected]
التعليقات