لاريب من أن النظام الديني المتطرف في طهران هو أکثر جهة تفاجأت و تضررت من المقال المفصل الذي کتبه رئيس تحرير صحيفةquot;نيويورك تايمزquot;، والذي سعى من خلاله لتبرير موقف الصحيفة(غير المهني)و غير المنطقي من منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة بحسب ماجاء في التقرير الخاص الذي نشره صحفي يعمل في نفس الصحيفة سبق له ان رافق السفير باتلر في احدى زياراته لمخيم أشرف في العراق و قدمه لسکان المخيم على أنه موظف في وزارة الخارجية الامريکية، لکنzwnj; عندما عاد کتب تقريره المثير للجدل و الملئ بالمغالطات بخصوص اوضاع سکان مخيم أشرف مما أثار في وقته عاصفة من الجدل و الانتقادات المتباينة، ولاسيما وان التقرير المذکور، لم يأخذ بالحسبان مواقف سکان أشرف و لاعکس وجهة نظرهم بالصورة المطلوبة.

هذا المقال، کتبه رئيس تحرير أهم صحيفة ليست في امريکا لوحدها وانما في العالم کله و تمنح الاوساط السياسية و مراکز القرار المختلفة في العالم، أهمية إستثنائية لما يکتب او ينشر فيها خصوصا فيما لو کان الامر متعلقا بشأن حيوي و حساس، بعد أن قادت منظمة مجاهدي خلق حملة إعتراضات قوية داخل أمريکا نفسها ضد الصحيفة و طعنت بقوة بمصداقية ذلك التقرير و اعتبرته خروجا على نهج الحياد و المهنية في العمل الصحفي، و لم تمل المنظمة او تکل من الاستمرار في إصرارها على الصحيفة على ضرورة عکس موقف ينصف المنظمة و يطعن بمصداقية و ماهية ذلك التقرير، حتى إضطر أخيرا رئيس التحرير بنفسه و عندما دفعته روحquot;الحرص المهنيquot;، على الاقرار بالخطأ و قول کلمة الفصل، وعلى الرغم من أنها تميزت بشئ من الضبابية و عدم الوضوح التام، لکنها مع ذلك أيدت و بصورة لاغبار عليها مطالب المنظمة و بينت انه قد کان هنالك ثمة ثغرات کبيرة في ذلك التقرير لابد من العمل على تجاوزها.

رئيس تحرير نيويورك تايمز، ولکي يبرر بصورة او بأخرى موقف الصحفي التابع لصحيفته و الذي رافق السفير باتلر على أنه موظف في الخارجية الامريکية، قال بأن الصحفي المذکور لم ينقل شيئا من أقوال او مواقف سکان أشرف في تقريره، لأن ذلك کان ينافي إدعائه بأنه صحفي، وهو تبرير واه و غير منطقي و تلفه ضبابية غير عادية، خصوصا وان ذلك التقرير ملئ بالمزاعم الخاطئة و البعيدة کل البعد عن روح الحقيقة، لکن رئيس التحرير و لکي يبرر دفاعهquot;الضمنيquot;عن ذلك الصحفي و لايجبر الصحيفة على دفع ثمة تعويض للمنظمة من جراء إلحاق الضرر المعنوي و الاخلاقي بها، فقد أکد في مقاله على ضرورة ذهاب الصحيفة الى أشرف و الالتقاء بسکانها لنقل أقوالهم و مواقفهم الى العالم، وهذه النقطة بالذات و في هذا الوقت الحرج، قد تشکل إحراجا ليس بعده من احراج لحکومة نوري المالکي التي تؤکد من أنها ستقوم بإخراج سکان مخيم أشرف عنوة من هناك حتى حلول نهاية هذا العام، کما انها تحرج و تغيض أکثر من ذلك النظام الايراني نفسه و تضعه في زاوية حرجة و ضيقة قد لايحسد عليها أبدا أمام الشعب الايراني لما لهذا الامر من تأثيرات و تداعيات قوية على الساحة الايرانية.

مقال رئيس تحرير نيويورك تايمز الامريکية، جاء بمثابة منبه قوي لکل من نوري المالکي و رجال الدين المتطرفين في إيران من أن قضية إغلاق مخيم أشرف و حسمه ليست بتلك البساطة و السهولة التي يتصورونها، وانما صارت قضية أبعد و أعمق و أعم و أشمل من مجرد قضية حفنة لاجئين سياسيين کما يريدون أن يصوروهم في کل من بغداد و طهران، وانما هي قضية رهان على مستقبل بلد و شعب قبل ذلك، والاجدر بأولئك الذين يعتقدون في الاعلامين العالمي و العربي بعدم أهمية دور منظمة مجاهدي خلق في الداخل الايراني، أن يفسروا معنى قيام النظام الايراني بإقامة معارض في أکثر من 72 مدينة إيرانية بخصوص عمليات(الضياء الساطع) کما سمتها منظمة مجاهدي خلق اوquot;المرصادquot;، کما سماها النظام الايراني و التي أعقبت وقف إطلاق النار بين العراق و إيران قبل 23 عاما، حيث توغلت قوات جيش التحرير الوطني الى العمق الايراني حتى وصلت الى مشارف مدينة کرمانشاه الاستراتيجية، تلك العمليات قد هزت في وقتها النظام الايراني من جذوره و دفعته لإعلان حالة استثنائية من الانذار و دفع بکل قواته الى جبهة المواجهة مع تلك القوات المندفعة لتحرير إيران، والغريب بأن وزير الامن الايراني حيدر مصلحي يدلي بتصريح غريب بمناسبة إقامة تلك المعارض، تصريح يمکن أخذه على أکثر من سبعين محمل لغير صالح النظام، مصلحي قال: ليس مهما توضيح الحقائق لجيلنا لأنه يعرف من هم المنافقين(يقصد المنظمة)، لکن من المهم توضيح هذه الحقائق لجيل الشباب حيث أن آذانه مفتوحة و من الممکن أن يصغي لأقوال المنافقين!

مقال رئيس تحرير نيويورك تايمز بما عکسه من نصر إعلامي مبين للمنظمة، و تلك المعارض الغريبة و ذلك التصريح الاغرب لمصلحي، کلها شواهد قوية على أن هناك ثمة عاصفة بإتجاه النظام الايراني، عاصفة لايمکن التنبأ ببدايتها لکن من السهل جدا التکهن بنهايتها و نتيجتها!