أعلن الديوان الأميري الكويتي عن وفاة أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الذي يعتبر من أبرز الشخصيات السياسية في البلاد منذ أن نالت استقلالها عام 1962، فمن هو الشيخ نواف؟
الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح هو الأمير السادس عشر لدولة الكويت، والسادس منذ استقلال البلاد عن بريطانيا. وهو الأخ غير الشقيق لأمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، والابن السادس لأمير الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر الصباح (الذي حكم الكويت بين عامي 1921-1950).
تولى الشيخ نواف منصب ولي العهد على مدى 14 عاما، إذ أصدر الأمير الراحل الشيخ صباح قراراً بتزكيته في السابع من فبراير/ شباط 2006، أي بعد أسبوع من تولي الأمير الحكم، وبايعه أعضاء مجلس الأمة في جلسة خاصة حسبما ينص دستور البلاد.
ولد الشيخ نواف في 25 يونيو عام 1937 في فريج الشيوخ (موقع مجمع المثني حالياً) بمدينة الكويت، بحسب ما جاء على الموقع الرسمي لديوان ولي العهد، ونشأ وترعرع في "قصر دسمان"، الذي كان بيت الحكم في عهد والده الأمير أحمد الجابر، وتلقى تعليمه في المدارس النظامية بالكويت، ومن بينها المدرسة المباركية.
تزوج الشيخ نواف من السيدة شريفة سليمان الجاسم الغانم في خمسينيات القرن العشرين، وله أربعة أبناء وبنت واحدة.
تقلد الشيخ نواف مناصب سياسية ووزارية عدة، بداية من عمله محافظا لحولّى منذ عام 1962 ولستة عشر عاما، ثم وزيراً للداخلية عام 1978.
في 1988، تولى وزارة الدفاع، وقادها خلال أشهر الغزو العراقي السبعة، والتي انتهت بتدخل الولايات المتحدة على رأس تحالف عسكري في حرب الخليج الثانية عام 1991.
وعند تشكيل أول حكومة كويتية بعد تحرير الكويت من الغزو العراقي، كُلف الشيخ نواف بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ثم أصبح نائبا لرئيس الحرس الوطني في 1994، قبل أن يتولى منصب وزير الداخلية من جديد عام 2003، إلى أن تمت تزكيته وليا للعهد في 2006.
تحديات كبيرة
تولى الشيخ نواف إمارة البلاد إثر وفاة الشيخ صباح الأحمد، الذي ترك بصمة واضحة في الداخل، كما كان له دور كبير على صعيد السياسة الخارجية، حيث لعب دور الوساطة في العديد من الأزمات الإقليمية، ولقب بـ"شيخ الدبلوماسيين العرب"، و"عميد الدبلوماسية العربية والكويتية".
أُسندت الإمارة إلى الشيخ نواف في 29 سبتمبر/أيلول 2020، وأدى اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة (البرلمان) في اليوم التالي.
جاء توليه الإمارة في وقت كانت تشهد فيه منطقة الخليج تغيرات كبرى. فقد كانت الأزمة الخليجية مستمرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام، والكويت وسلطنة عمان لم تنضما إلى السعودية والبحرين والإمارات في مقاطعة قطر، كذلك لم تنضم الكويت إلى البحرين والإمارات في التطبيع مع إسرائيل. إضافة إلى أن توليه للمنصب جاء بينما كانت تشهد العلاقات بين السعودية وإيران توترا متصاعدا.
داخلياً، كانت تواجه الأمير تحديات كبيرة، من بينها محاربة الفساد، والخلافات المستمرة بين الحكومة ومجلس الأمة، ومواجهة أزمة وباء كورونا، فضلا عن إيجاد حلول لأزمة العجز في الميزانية، واختيار ولي جديد للعهد، والمطالبات بالعفو عن المتورطين في حادثة اقتحام مجلس الأمة و"خلية العبدلي" التي أدينت في عام 2017 بالعمل لصالح إيران وحزب الله.
بعد نحو أسبوع من توليه الإمارة، أنهى الشيخ نواف التكهنات بشأن ولاية العهد، حيث أصدر مرسوما يقضي بتسمية الشيخ مشعل الأحمد الصباح وليا للعهد، وهو الأخ غير الشقيق للشيخ نواف والشيخ صباح.
على صعيد السياسة الخارجية، واصل الشيخ نواف نهج سلفه الشيخ صباح، حيث نجحت جهود الوساطة التي كان قد بدأها الأخير في المساعدة في حل الأزمة الخليجية وإنهاء مقاطعة قطر من قبل الثلاثي الخليجي (السعودية والإمارات والبحرين) بالإضافة إلى مصر، بعد التوقيع على اتفاق العلا الذي أنهى الأزمة في مطلع عام 2021.
لكن الأمير الجديد واجه تحديات كبيرة على الجبهة الداخلية، إذ لم يمض شهران على توليه الإمارة حتى أجريت انتخابات اكتسحت فيها المعارضة المقاعد النيابية وفازت بأغلبية 31 مقعدا مقابل 19 مقعدا مواليا للحكومة. وقد اعتُبرت نتائج الانتخابات تعبيرا عن غضب شعبي إزاء أداء الحكومة في مواجهة أزمة كورونا.
كما استقالت الحكومة الكويتية برئاسة الشيخ صباح الخالد الصباح مرتين خلال عام 2021، بسبب خلافات مع مجلس النواب.
وشهد العام الأول لولاية الأمير نواف محاسبة مسؤولين كبار متورطين في قضايا فساد، حيث احتجز رئيس مجلس الوزراء السابق جابر المبارك الصباح، ووزير الخارجية السابق الشيخ خالد الجراح الصباح، على خلفية اتهامهما بالتورط في اختلاسات ما يعرف بـ"صندوق الجيش"، كما تواصل احتجاز مدير إدارة الجنسية والجوازات السابق، مازن الجراح، بعد اتهامه بالتورط في الإتجار بالبشر.
وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2021، أصدر الشيخ نواف مرسومين أميرييين بالعفو عن مواطنين ونواب سابقين بالبرلمان. وتضمن العفو إنهاء عقوبة 11 شخصا وتخفيفها لـ 24 آخرين كانوا مدانين في قضيتي اقتحام مجلس الأمة عام 2011 و"خلية العبدلي" التي أدينت في عام 2017 بالعمل لصالح إيران وحزب الله.
واعتبر ذلك ثمرة للحوار الوطني الذي بدأ في أكتوبر/ تشرين الأول بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، والذي دعا إليه الشيخ نواف لإيجاد حل للأزمة المستمرة بين الحكومة ومجلس النواب.
ولاقى العفو ترحيبا كبيرا في الأوساط السياسية والإعلامية الكويتية، التي أشادت به بوصفه بداية لمرحلة جديدة من العمل السياسي والوحدة الوطنية.
التعليقات