أسامة العيسة من القدس: انتهى مؤتمر طهران حول المحرقة النازية (الهلوكوست) ولكن تداعياته لم تنته على الأقل إسرائيليا، ولدى اللوبي الداعم لها في اكثر من مكان في العالم، فإسرائيل التي شنت حملة ضد المؤتمر قبل وفي أثناء وبعد عقده، أثارها مشاركة وفد من جماعة ناطوري كارتا في المؤتمر، وصور القبلات التي تبادلها بعض أعضاء الوفد مع الرئيس الإيراني احمدي نجاد.
ويسكن أفراد هذه الجماعة الصغيرة في حي مائة شعاريم بالقدس، وهو أحد اقدم أحياء مدينة القدس الذي يقطنه اليهود المتدينون، ويعرفون أنفسهم كفلسطينيين ويرفضون قيام دولة إسرائيل باعتبار ذلك مخالفا لإرادة الرب، ويعادون الحركة الصهيونية، وفي كل محفل يعرفون أنفسهم بأنهم يهودا غير صهيونيين، كما حدث في مؤتمر طهران الأخير. ويتواجد أفراد الجماعة أيضا في اكثر من مكان في العالم مثل بريطانيا وأميركا والنمسا وفرنسا، ويشاركون في النشاطات الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني مثل التظاهرات والاعتصامات، وعندما مكث ياسر عرفات رئيس السلطة الفلسطينية الراحل في مشفى عسكري قرب باريس، في أيامه الأخيرة، رابط أعضاء من الجماعة على مدار الساعة أمام المشفى.
وبعد وفاة عرفات، توجه وفد من الجماعة حاملين الأعلام الفلسطينية وبايعوا خلفه محمود عباس (أبو مازن) واعلنوا عن دعمهم له كمرشح للانتخابات الرئاسية. وابرز أعضاء الجماعة في القدس هو الحاخام موسى هيرش، الذي يوصف بأنه وزير خارجية الجماعة، والذي توارى الان عن الإعلام خصوصا بعد غياب صديقه عرفات، ويظهر الان جيل قيادي جديد من الجماعة من بينهم ابن هيرش نفسه، الذي تولى الحملة الإعلامية المضادة دفاعا عن مشاركة الجماعة في مؤتمر طهران، الذي دافع عن المؤتمر قائلا بأنه يريد البحث في المحرقة وليس إنكارها أو تأكيدها، مشيرا إلى أن المحرقة تستخدم لتبرير إقامة إسرائيل، وانه إذا كان الغرب مسؤولا عن المحرقة فلتقم دولة إسرائيل هناك وليس على حساب الفلسطينيين.
وتعايشت إسرائيل مع وجود هذه الجماعة الصغيرة غير المؤثرة، وغضت النظر عن زيارات سابقة لوفود من الجماعة لطهران، ولكن مشاركة هذه الجماعة في مؤتمر لإنكار المحرقة، الذي يعتبر إحدى أهم الأبقار المقدسة في إسرائيل، اخرج هذه عن طورها، وشنت الصحف ووسائل الإعلام هجوما لاذعا على المشاركين في طهران، وأجرت حوارات صحافية معهم، وتستقبلهم الان بعد عودتهم بموجة عداء واسعة.
ويواجه أعضاء الجماعة اليهودية الأرثوذكسية، المنشقين عن الإجماع الصهيوني، عداء وسط الجماعات الأرثوذكسية الأخرى، واصبح ينظر إليهم كأعداء، ويعامل أبنائهم في المدارس على انهم أبناء quot;الخونةquot;.ونظمت تظاهرات حول منازلهم، وأغلقت بعض الشوارع المؤدية إلى مواقعهم، واستمرت الصحف بتوجيه النقد اللاذع quot;لليهود ناكري المحرقةquot;. ولم يقتصر العداء على إسرائيل، فوفقا لمصادر جماعة ناطوري كارتا، فان أحد الحاخامات الذين شاركوا في المؤتمر، بقي في طهران، ويخشى العودة إلى النمسا، حيث يقيم، لان إنكار المحرقة في النمسا يعتبر جريمة يحاكم عليها القانون.
ويواجه أعضاء الجماعة في بروكلين، حيث تتواجد جالية يهودية كبيرة ومؤثرة، نبذا من باقي الجماعات اليهودية. ويتوقع أعضاء الجماعة أن تشملهم أية إجراءات يمكن أن تنتج عن الحملة التي تقودها إسرائيل في العالم ضد الرئيس الإيراني وناكري المحرقة، وتقود إسرائيل حملتها محذرة مما تسميه إبادة جماعية جديدة لليهود.
التعليقات