ضابط سوري كبير رفض اعتراض المروحيات الأميركية
التايمز : شكوك قوية حول تواطؤ سوريا في الغارة على حدودها !
محمد حامد ndash; إيلاف :
رغم انتقاد سوريا للغارة التي قامت بها الولايات المتحدة على منطقتها الحدودية مع العراق، وكان لها ردة فعل غاضبة على مستوى التصريحات وبعض الإجراءات، لكن هناك مصادر تقول بأن دمشق قد أيدت هذه الغارة سرا. ووفقًا لصحيفة quot;التايمزquot; اللندنية ، فقد وصف شاهد عيان وهو أحد الفلاحين من المنطقة السورية التي استهدفتها الغارة الأميركية، ما رآه عن تلك الغارة، حيث كان يقوم بري حقل الذرة التابع له في المنطقة بعد ظهر ذلك اليوم، عندما حلقت أربع طائرات هليكوبتر فوق المنطقة على ارتفاع منخفض، بالقرب من أسطح المنازل الريفية التي لا تعلو عن طابق واحد في قرية السكرية التي حدث بها الهجوم.
وقد هبطت طائرتان منهما بالقرب من منزل متهدم ثم بدأ جنود في زيهم الرسمي يطلقون النار منهما. ثم قامت الطائرتان الأخريان بتغطيتهما في الجو. وقد رأي هذا الفلاح السوري الذي يدعى محمد العلي، ثمانية جنود أو تسعة تقريبا مسلحون تسليحا قويا ويحملون أسلحة من نوع إم 16 ، والتي يحملها الجنود الأميركيين وهي الأسلحة التي جعلت الفلاح يتعرف عليهم منها، فالجنود السوريون يحملون بنادق روسية الصنع من ماركة آى كى 47. واتجه الجنود إلى مجموعة من المنازل الجديدة الموجودة في المنطقة والتي تقيم بها عائلة آل حمد، و بدؤوا إطلاق النار قبل أن يهبطوا من الطائرة واستمروا في إطلاق النار لمدة من 10 إلى 15 دقيقة تقريبا تاركين وراءهم سبع جثث.
وقد ذكر شاهد عيان آخر أن الجنود الأميركيين قد أخذوا معهم رجلين ولا يعرف إن كانا حيين أم ميتين. فقد كان هدف الجنود الأميركيين هو القائد التابع لتنظيم القاعدة والمعروف باسم بدران تركي هاشم المزيده، والذي يعرف أيضا باسم أبو غايده، وهو إرهابي عراقي المولد، ويقارب الثلاثين من عمره. ويعتقد أنه توفي أثناء تلك الغارة وقد تم التخلص من جسده.
من جانبها أعلنت الحكومة السورية في الحال أن تلك الغارة هي انتهاك لسيادتها، و أعلنت تجميد علاقاتها الدبلوماسية على مستوى عال مع واشنطن واحتجت لدى الأمم المتحدة بشكل يوحي بالغضب. ومع ذلك فقد كشفت مصادر في واشنطن الأسبوع الماضي لصحيفة الصنداي تايمز عن خلفيات غامضة لما حدث في بلدة السكرية الأسبوع الماضي.
حيث ذكر أحد المصادر أن تلك العملية التي قامت بها قوات الكوماندوز الأميركية قد تمت بتعاون كامل مع جهاز الاستخبارات السورية. فقد أظهرت الاستخبارات السورية تعاونا كاملا مع واشنطن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. ثم توقفت تلك العلاقات ثم استؤنفت مرة أخرى مؤخرا.
وقد كان أبو غايدة مصدر قلق للسوريين لأنه يمثل التيار الأصولي الإسلامي الذي يعادي الحكومة المدنية في دمشق. كما أنه من الممكن أن يكون أداة تستخدمها سوريا إذا لم تتخلص منه أمريكا. والتهديد الموجه إلى الحكومة السورية جعل الطبقة الحاكمة حول الرئيس بشار الأسد في حالة رعب. ففي شهر سبتمبر وقع تفجير لسيارة مفخخة في دمشق بالقرب من مقر المخابرات السورية. وكان الضحايا جميعهم وعددهم 17 من الشيعة الذين كانوا في زيارة لأحد الأضرحة الشيعية بالقرب من المكان.
وقد ذكر مصدر من واشنطن أن الأميركيين يتصلون باستمرار مع السوريين عن طريق سري يمر عبر مخابرات القوات الجوية السورية وهي إدارة المخابرات الجوية. ففي الوقت الذي يتم فيه تغطية جميع العمليات التي تتم في منطقة الشرق الأوسط جاءت تلك العملية بشكل خطأ. فالسوريون الذين وافقوا على أن يغضوا الطرف على تلك الحملة السريعة للخطف والاغتصاب، لم يتمكنوا أن يغضوا الطرف عن إطلاق النار التي توفي فيه الكثير من الأشخاص.
فقد كان من المقرر أن تكون العملية سريعة ودون إراقة الدماء. فوفق ما ذكرته المصادر فقد أخبرت المخابرات السورية الأميركيين عن مكان أبو غايدة. ثم قام قسم التتبع الإلكتروني للمخابرات الأميركية بتتبع مكانه بدقة من خلال تتبع هاتفه الجوال وتم توجيه الطائرات المروحية إليه مباشرة. وقد كان من المفترض اختطافه وأخذه إلى العراق لاستجوابه.
ضابط سوري كبير رفض اعتراض المرحيات الأميركية !
ووفقا لمصادر من وزارة الدفاع الأميركية، عندما اقتربت الطائرات المروحية الأميركية من الحدود السورية، اكتشفها الرادار السوري، وتم توجيه طلب إلى قيادة القوات الجوية في دمشق للقيام باعتراضها. فبعد الضربة الإسرائيلية التي قامت بها إسرائيل ضد ما كان يظن أنه مفاعل نووي في نفس المنطقة العام الماضي، أصبحت القوات الجوية السورية على أعلى درجات الاستعداد. وقد تم رفض طلب اعتراض الطائرات بواسطة ضباط على أعلى مستوى لأن العملية الأميركية كانت متوقعة.
ولكن يعتقد أن الطائرات المروحية الأميركية قد اعترضتها بعض النيران من قبل الجنود العسكريين واندلعت أصوات طلقات نارية. كما وصف ذلك زعيم عشائري من المنطقة، حيث أطلقت بعض الطلقات الصاروخية من مركبة عسكرية على أحد الطائرات المروحية. وقد أدى هذا الإطلاق للنار إلى كشف سرية العملية التي كان من المفترض أن تتم بشكل سري. وبعد الغارة بحوالي تسعين دقيقة، كما ذكر الزعيم العشائري بالمنطقة، وصل ضباط من المخابرات السورية وطافوا بالقرية. وقاموا بتهديد الأهالي أنه إذا تحدث أي شخص عن أي شيء مما حدث في المنطقة، فسوف يباد جميع أفراد أسرته.
ووفقًا لتقرير quot;التايمزquot; فقد استطاع سكان المنطقة تحديد هوية المتوفين في تلك الغارة وهم داود الحمد، صاحب الأرض، وأبناؤه الأربعة الذين كانوا يساعدونه في بناء المنازل الجديدة، بالإضافة إلى حارس المكان وابن أخيه. حيث أن تلك المنطقة تعد معزولة وفقيرة. ويتحدث أهلها باللهجة العراقية حيث تمتد قبائلهم عبر الحدود، ويعد التهريب هو المهنة الرابحة لهم في تلك المنطقة. كما كشف الزعيم العشائري بأن كل شخص في القرية كان يعلم أن الجهاديين يعملون في المنطقة. حيث يمكنك أن تستمع في الغالب إلى أصوات إطلاق النار بالقرب من الحدود، والتي كانت طلقات تدريب المحاربين وليست أصوات طلقات معارك بين طرفين.
وهناك العديد من المناطق بالقرب من الحدود والتي لا تسمح المخابرات لأحد بالاقتراب منها وهي المناطق التي يعتقد أن بها المجاهدين. فتلك المناطق هي أفضل المناطق لاختراق العراق. وعلى الرغم من الضجة التي حدثت حول تلك الغارة فمازال هناك الكثير من الشك من أن الأميركيين سوف يحتفلون بمقتل أبو غايدة الذي وصفه الأميركيون بأنه أخطر مهرب يتبع تنظيم القاعدة في العراق. حيث أنه يقوم بتهريب الأسلحة والأموال والمحاربين الأجانب عبر الدروب الصحراوية إلى شمال العراق وأحيانا يقود بنفسه تنفيذ بعض الغارات.
وفي شهر فبراير الماضي، صنفت جهات رسمية أميركية أبو غايدة على أنه أغلى قائد في تنظيم القاعدة مسؤول عن تهريب الأموال والأسلحة والإرهابيين والموارد الأخرى إلى تنظيم القاعدة في العراق. كما قالت بأنه مسلم سني ولد في أواخر عقد السبعينيات من القرن العشرين،وقيل أنه كان مساعدا لقائد تنظيم القاعدة في العراق، أبو مصعب الزرقاوي، الذي قتل في عام 2006.
وربما لدى دمشق دوافعها للتعاون مع واشنطن. حيث يعتقد بعض الدبلوماسيين أن الحكومة ترغب في توجيه عملياتها الحدودية إلى الجماعات اللبنانية والتي ترى أنها تهديد لها. حيث ذكر أحد المصادر أن تدخل سوريا عبر الحدود الشمالية اللبنانية لمطاردة جماعة فتح الإسلام ، المتحالفة مع تنظيم القاعدة، يعد أمرا واضحا. وربما يريد السوريون من واشنطن أن تغض الطرف عن هذا التدخل في شمال لبنان في المقابل.
وقد رفض المسؤولون الأميركيون الاعتذار عن تلك الغارة التي قاموا بها على سوريا. وقالوا بأن الإدارة الأميركية قد قررت تنفيذ تلك العملية كنوع من الدفاع عن النفس داخل أي دولة ترعى الإرهاب. فسوريا بالنسبة لمحاربي تنظيم القاعدة تعد ملاذا آمنا بلا شك مع حلول فصل الشتاء.