طلال سلامة من روما: ارتفعت حرارة الطقس السياسي هنا لدرجة خرجت عن سيطرة برلسكوني نفسه الذي يسارع الى إخماد ما قد يتحول الى حريق سياسي. هكذا، أمسك برلسكوني بالقانون الذي أقره مجلس الشيوخ مؤخراً، المتعلق بقطع موازنة الجامعات الإيطالية، من جهة، وعزله على نحو مرضي، من جهة أخرى. بمعنى آخر، فان الإصلاحات الجامعية التي صاغتها quot;ماريا ستيلا جيلمينيquot;، وزيرة التعليم، لن ترى النور قريباً. هكذا، نستطيع القول ان المظاهرات الطلابية السلمية التي أغرقت كافة المدن الإيطالية نجحت في تحقيق جزء من أهدافها. فالفارس برلسكوني لا يريد خوض مغامرات سياسية خطرة على بقاء حكومته على قيد الحياة. فثورة المتقاعدين هي التي أطاحت به بعد توليه منصب رئاسة الوزراء للمرة الثالثة على التوالي في عام 2001. إذن، يتفادى برلسكوني رمي جمرات وزرائه المتوهجة على الساحات لا سيما تلك الطلابية التي تعتني بتأسيس مستقبل مختلف للبلاد.

هذا ودخلت المظاهرات الطلابية مرحلة متقدمة رأت من خلالها طلاب المدارس والجامعات سوية مع أساتذتهم في خط واحد. ويتزامن ذلك مع أزمة مالية مجهولة الأبعاد بعد. هكذا، لا يبقى على برلسكوني إلا التريث قليلاً وإسكات وزيرته مؤقتاً. وستدخل الخطوة الثانية التي درستها حكومة روما، لاعادة هيكلة البنية التعليمية الرسمية، الى مرحلة معالجة مبطئة. بالطبع، يعتبر المراقبون موقف برلسكوني تراجعياً مقارنة بالتحدي الذي أطلقه أمام الجميع، في الأسبوع الماضي، لتغيير الأنسجة الجامعية من أساسها.

ويبدو أن الأزمة المالية لعبت دوراً لصالح الطلاب. فبرلسكوني لا يستطيع مواجهة أزمة ذو حدين، في الوقت ذاته. لذلك، فانه يرى اليوم الإصلاحات التي ابتكرتها وزيرة التعليم بأنها غير شعبية، استشعرتها الأسر بصورة سلبية. ومن غير المنطقي الإصرار على فرض قانون مرفوض من الطلاب، اليساريين واليمينيين معاً!