كامل الشيرازي من الجزائر: عقد البرلمان الجزائري إجتماعا صباح الأربعاء للنظر في مشروع لتعديل الدستور يتضمن بصورة خاصة إلغاء الحد الأقصى لعدد الولايات الرئاسية المتتالية لرئيس واحد، ما سيسمح للرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالترشح لولاية ثالثة. ويستهدف مشروع التعديل الدستوري بصورة خاصة المادة 74 من الدستور فينص على امكانية quot;اعادة انتخابquot; رئيس الجمهورية في حين يحدد الدستور الحالي عدد الولايات المتتالية بولايتين، بدون ان يعدل مدة الولاية الرئاسية التي تبقى خمس سنوات. علما أنّ الرئيس الجزائري ظلّ يؤكد منذ توليه الحكم في ربيع 1999 على ضرورة الانتصار لنظام رئاسي يزيل نهائيا ما سماها quot;هجينية الحكمquot;، رغم رفض معارضين وملاحظتهم بأنّ المعطيات العامة في البلاد ترشح لقيام نظام شبه رئاسي، بجانب اعتبارهم أنّ فرص نجاح نظام رئاسي في الجزائر معدومة.
بالمقابل، يجزم ملاحظون لتطورات المشهد السياسي في الجزائر، أنّه أمام حسم مسألة التمديد لبوتفليقة إلى غاية العام 2014، باتت إمكانية ترشح شخصيات لها وزنها للانتخابات الرئاسية القادمة شبه معدومة، ويشكّك كثيرون في قبول الرئيس الجزائري السابق quot;اليامين زروالquot; ورئيس الوزراء السابق quot;سيد أحمد غزاليquot; تماما مثل وجوه تقليدية كـquot;مولود حمروشquot;، quot;أحمد بن بيتورquot;، quot;عبد الله جاب اللهquot; في دخول الحلبة، وهو من شأنه تعقيد حسابات أصحاب القرار، طالما أنّ الدفع بأسماء أخرى على غرار quot;موسى تواتيquot; وquot;لويزة حنونquot; وquot;سعيد سعديquot; لن يكون له كبير أثر في تبديد الانطباع السائد بتموقع هؤلاء كأرانب سباق ليس أكثر ولا أقلّ.
ويتصور متابعون للحياة النيابية في الجزائر، أن يشهد العمل البرلماني الراكد أصلا، حالة أكبر من الهزال، تبعا لكون التعديلات الجديدة تجعل أفواه النواب quot;مكمّمةquot; وتكرّس وضع الغرفتين التشريعتين كمجردّ آلية رقابية مقصورة، لا تلزم حكومة الوزير الأول في شيء، ويلفت خبراء قانونيون إلى أنّ الرقابة البرلمانية للعمل الحكومي ستكون محدودة، طالما أنّ الدستور المستحدث يجعل الوزير الأول غير ملزما بتقديم بيان سياسته العامة، أو طرح برنامج عمل كما كان معمولا به في السابق، مثلما أنّ الوزير الأول لم يكون مسؤولا عن تقديم حصيلته أمام مجلس الشعب بغرفتيه.
كما أنّ اختيار الوزير الأول لن يكون من الحزب صاحب الأغلبية في البرلمان، والملاحظ أنّ هذه النقطة تحديدا جرى الشروع في العمل بها قبل أشهر، من خلال امتناع رئيس الوزراء السابق عبد العزيز بلخادم وخليفته quot;أحمد أويحيىquot; عن عرض بيان السياسة الحكومية العامة أمام نواب البرلمان، علما أنّ أويحيى يقود الحزب العلماني quot;التجمع الديمقراطيquot; وهذا الأخير لا يتمتع بالأغلبية في الهيئة التشريعية، بيد أنّ هذا الواقع يجعل مراقبون يخشون أن يؤدي تعيين وزير أول من خارج سرب quot;حزب الغالبيةquot; تبعا لما ينص عليه الدستور المعدّل، إلى حدوث احتباس مستقبلا، إذا ما ارتضى نواب قوى الأكثرية في مجلس الشعب، عدم التصويت لصالح برنامج الحكومة، وما يترتب عن ذلك من تداعيات.
الأمر الثالث، أنّ متغيرات المرحلة الحالية، ستعزز من مكانة الرجل القوي في دواليب النظام quot;أحمد أويحيىquot; المرشح لخلافة نفسه على رأس الحكومة وتولي منصب quot;الوزير الأولquot;، وعلى ضوء ذلك، تقول معلومات توافرت لـquot;إيلافquot;، أنّ الطريق بات معبّدا أمام أويحيى لتغيير بعض الوجوه في الطاقم الحكومي الحالي، ويدور الحديث حول تغيير يطال عدة وزارات، رشح منها أسماء الثقافة والتضامن والصحة.
في غضون ذلك، يُنتظر أن تعزز المراجعة الدستورية من دور أضلاع الائتلاف الحاكم داخل الجهاز التنفيذي، حيث يرجّح قيام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتعيين quot;عبد العزيز بلخادمquot; زعيم جبهة التحرير (حزب الغالبية) وحليفه quot;أبو جرة سلطانيquot; رئيس حركة مجتمع السلم، كنائبين للوزير الأول، وهو إجراء من شأنه امتصاص الخلافات الناشبة بين حلفاء الرئيس على خلفية طموح كل طرف لتولي لمناصب قيادية في أعلى هرم الدولة.
التعليقات