خلف خلف من رام الله: يشكك الكثير من المواطنين الفلسطينيين بنزاهة الوسيط الأميركي في عملية المفاوضات الجارية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. معتبرين أن استمرار الاستيطان وبخاصة في مدينة القدس يمثل دليلاً دامغاً على عدم جدية الإدارة الأميركية في الضغط على حكومة أيهود أولمرت لإنجاح مباحثات التسوية الدائمة، المتواصلة منذ عدة شهور مضت، دون تحقيق نتائج تذكر على الأرض.

ويعتبر الشاب خالد يوسف أن الوصول لاتفاق سلام سقفه العام الحالي مجرد حلم في ظل التعنت الإسرائيلي، واستمرار الاستيطان، قائلا: quot;في النهاية سنجد أنفسنا نعيش في كنتونات مقطعة الأوصال، والحلم بدولة مستقلة سيتبخر مع الوقت، وباعتقادي لو أن واشنطن معنية في إنجاح المفاوضات لكانت ضغطت على تل أبيب منذ زمن، حتى توقف استيطانها، واعتداءاتها المتواصلة بحق البشر والحجرquot;.

ولا تختلف الطالبة الجامعية سلوى عبد الحق مع حديث سابقها، بقدر ما تزيد عليه، قائلة: quot;لم تكن وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس تغادر إسرائيل متوجهة إلى الأردن، حتى خرج أولمرت ليصرح أن الاستيطان سيتواصل في القدس والكتل الاستيطانية الكبرى، ما معنى ذلك، أليس إفشال واضح للمفاوضات؟quot; وأضافت: quot;أنا من جهتي، استغرب تعليق المفاوض الفلسطيني لأي آمال على الوعود الأميركية التي باعتقادي تأتي فقط من أجل تزيين وجه واشنطن، وإبعاد الأنظار عن مأزقها في العراقquot;.

بينما يعتقد المواطن أيمن محمد أن المفاوض الفلسطيني يدرك تماماً عدم نزاهة الوسيط الأميركي، ولكن لا بدائل أمامه حالياً، قائلا: quot;القوة الآن في يد الولايات المتحدة، بعد سقوط نظرية توازن القوى التي كانت قائمة حتى انهيار الاتحاد السوفيتي بداية التسعيناتquot;. ويضيف: quot;الرئاسة الفلسطينية باعتقادي لا يمكنها رفض المفاوضات، لأن ذلك سيضعها في مأزق محرج، فهي تواصل السير في هذا الموكب، لأنه لا يوجد غيره حالياquot;.

وعقدت عشرات الاجتماعات السرية والعلنية بين فريقي المفاوضات الفلسطيني والإسرائيلي في الشهور الأخيرة، ولكن لم يعلن التوصل لاتفاق حقيقي حول أي من القضايا النهائية التي من المفترض أن تتناولها المباحثات. فيما يعتقد أن الاستيطان بقي العقبة الرئيسية التي تصطدم بها كافة النقاشات والجدالات الخاصة بعملية السلام.

وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت اليوم الاثنين بأن البناء في الأحياء اليهودية في القدس سيستمر لأنها ستظل تحت السيادة الإسرائيلية في أي اتفاق كما سيكون الحال بالنسبة للكتل الاستيطانية الكبيرة أيضاً، ورغم ذلك، أكد أولمرت إن إسرائيل ملزمة بالتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين حتى نهاية العام الحالي.

أما وزير الأمن الإسرائيلي أيهود براك الذي إجتمع في مكتبه قبل ظهر اليوم الاثنين بنظيرته التشيكية فلاستا فيركانوفا، فأعلن بحسب الإذاعة الإسرائيلية العامة أن إسرائيل ستكون مستعدة لدراسة احتمال منح تسهيلات للفلسطينيين في المعابر بين إسرائيل وقطاع غزة بالتعاون مع حكومة سلام فياض إذا ما كانت الظروف مهيأة لوقف إطلاق القذائف الصاروخية وما وصفها بالنشاطات الإرهابية، ولتقليص عمليات تهريب الوسائل القتالية إلى القطاع.

وأجرت وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس العديد من الزيارات المكوكية للمنطقة خلال الفترة الماضية، بهدف دفع العملية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين للأمام، وأعلنت أمس قبل مغادرتها لإسرائيل أن الولايات المتحدة ستشدد الرقابة على إسرائيل، للتأكد من تطبيق التسهيلات على السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية.

وبحسب صحيفة هآرتس الصادرة اليوم فقد أطلعت رايس على تقدم المحادثات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في لقائها مع رئيس الوزراء ايهود اولمرت، ولقائها الثلاثي مع الفريق المفاوض، وزيرة الخارجية تسيبي لفني عن الجانب الإسرائيلي، واحمد قريع (أبو علاء) عن الجانب الفلسطيني.

وأعلنت إسرائيل أمس عن بضعة تسهيلات على الحركة والاقتصاد الفلسطينيين في الضفة. وقالت رايس في القدس إن الولايات المتحدة تتوقع أن تخرج التسهيلات الإسرائيلية إلى حيز التنفيذ quot;في زمن قريب جداquot;.

وحسب رايس، فمن الآن فصاعدا ستكون الإدارة الأميركية أكثر حزما بالنسبة لتطبيق الالتزامات الإسرائيلية. وقالت: quot;الجنرال وليام فرايزر (رئيس جهاز الرقابة على تطبيق التزامات الطرفين) سيتأكد إذا ما رفعت بالفعل الخمسون ساترا ومن أن الأمر يؤثر بالفعل على حرية الحركة في الضفةquot;، وتابعت: quot;وزارة الدفاع الإسرائيلية وصفت السواتر التي سترفع، ولكننا سنتأكد مما سيفعلونquot;.

وأكدت رايس بأنه منذ انعقاد مؤتمر انابوليس في تشرين الثاني/نوفمبر 2007، زادت إسرائيل عدد الحواجز والسواتر في الضفة ولهذا فان quot;الولايات المتحدة تريد أن تراقب وتتأكد من أن رفعها سيبدأ. هذا تعهد محدد جدا من جانب إسرائيلquot;. وأضافت بأنه في الماضي لم تراقب الولايات المتحدة بشكل منهاجي تطبيق التزامات الطرفين، quot;ونحن نريد هذه المرة أن نكون أكثر منهاجية بشأن ما يعدون وما ينفذون على الأرضquot;.

وزير التخطيط الفلسطيني سمير عبد الله قال معقبا على بيان رايس، انه يبارك كل تحسين، ولكنه شدد على أن إسرائيل تتقدم ببطء شديد وبتأخير شديد. أما الدكتور صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، فقد أبدى شكوكا. حيث قال: quot;سمعنا في الستة أشهر الأخيرة الجانب الإسرائيلي ونواياه لإزالة الحواجز وتحسين الوضع على الأرضquot;، وأضاف: quot;كنا نريد أن نرى ذلك بأعيننا وليس أن نسمعه بأذاننا فقطquot;.