تمرد لافت على قيود لا حصر لها
المدونات تحدث انقلاباً سياسياً واجتماعياً في المجتمع الإيراني

ترجمة محمد حامد ndash; إيلاف: حينما تتصفح عالم المدونات الإيرانية يمكنك أن تكتشف انتقادات قاسية غير متوقعة لحكومة الجمهورية الإسلامية من جانب الإصلاحيين الذين يسبون الحكومة والمحافظين الذين يساندونها. حيث ستجد أحد المدونين ينتقد بشدة التضخم الهائل الذي أضعف الطبقة المتوسطة في المجتمع الإيراني، حيث قال إن هذا التضخم أجبر الفتيات على ممارسة البغاء من أجل مساعدة أسرهن. وهناك مدونين آخرين يسمون أنفسهم بأنهم معجبين بالرئيس محمود أحمدي نجاد، ولكنهم مع ذلك يدينون فساد الحكومة وما يسمونه حالات الاعتقال الظالمة. وهناك مدون آخر أعلن أن بيانات الحكومة الإحصائية لا أساس له من الصحة.

وفي تقرير لها قالت صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; أن ما ستسفر عنه هذه المدونات لا يمكن التنبؤ به. فهناك بعض الأمور الدينية غامضة وغير مقبولة. فقد أغلقت الحكومة موقع لأحد المدونين الذي يعارض زواج المتعة المنتشر بين الشيعة والذي يعتبر طريقة قانونية معترف بها لدى الشيعة، كي يفرغ الشباب طاقاتهم الجنسية دون التعدي على الحدود الدينية.

وعموما فقد أظهرت دراسة جديدة قام بها مركز بيركمان عن الإنترنت والمجتمع، في كلية هارفارد للقانون، بأن عالم المدونات الإيرانية يعكس الخصائص الشاذة والمتقلبة والغريبة للحياة في الجمهورية الإسلامية نفسها. حيث أن قوانين المباح تتذبذب بشكل غير سوي، ولهذا يلجأ الناس إلى اختبار الحدود التي يجب أن يلتزموا بها أو يتخطوها.

مثل أن تقوم النساء بزحزحة غطاء الرأس من فوق رؤوسهن إلى الخلف بمقدار صغير كي يعرفوا المدى المسموح لهن به بإظهار شيئا من شعورهن، أو أولئك الأشخاص الذين يسخرون من تحريم تناول الكحوليات فيتناولونها في المنزل، ويبدو أن المدونين يحاولون استكشاف إلى أي مدى يمكنهم التقدم فيما ينتقدون، ولكنهم مثل آخرين ممن انتهكوا القانون الإيراني، فالبعض منهم يدفعون الثمن غالياً .

ففي عام 2004، ووفق ما ذكرته منظمات مراقبة حقوق الإنسان، هناك حوالي 21 من المدونين أو الأشخاص الذين يعملون في مجال الإنترنت على المواقع التي تنتقد الحكومة ، قد تم اعتقالهم، وبعضهم قد خضع لعمليات تعذيب. وقد أجريت هذه الدراسة خلال العام الماضي بواسطة مركز بيركمان، وتعد جزءا من مشروع أكبر وطويل المدى عن تأثير وسائل الاتصالات الحديثة على الديمقراطية في العديد من البلدان. وإن هذا البحث يوثق أنواع المدونات التي يتم إرسالها من إيران على الإنترنت.

وقد استخدم الباحثون برامج كمبيوتر من أجل تحليل أكثر من 6000 مدونة من أجل التوصل إلى رأي عام عن القضايا التي يناقشها الإيرانيون، كما ضم البحث فريق عمل يضم طلابا يتحدثون اللغة الفارسية حيث قرأوا ما يزيد عن 500 مادة من المواد المرسلة عبر المدونات. ومن أجل الحصول على صورة كاملة عن المدونات الإيرانية، استخدم الباحثون نتائج دراسة موازية توثق المدونات التي تم غلقها بواسطة السلطات في 60 دولة بما فيها إيران. وقد تمت هذه الدراسة أيضا في مركز بيركمان بالتعاون مع جامعات كندا وبريطانيا.

وقد كانت النتيجة النهائية التي توصل إليها الباحثون هي أنه على الرغم من الاضطهاد المستمر ، فإن العديد من الإيرانيين قادرون على استخدام المدونات للتعبير عن وجهات نظرهم التي تعارض الإيديولوجية الحاكمة للجمهورية الإسلامية. وقد وجدت الدراسة ، على سبيل المثال، أن أقل من ربع أصحاب المدونات كانوا مضطرين للتغيير، خاصة أولئك المنفيين خارج إيران، فقد تم غلق مدوناتهم. إضافة إلى ذلك، فإن المحافظين من كافة الشرائح كانوا يجرون مناقشات عن الرئيس أحمدي نجاد.

وقال جون كيلي، مؤسس شركة الفجر للفلسفة التحليلية في نيويورك والتي شاركت في الدراسة وابتكرت برنامج ساعد مجموعة الباحثين على التواصل معا من خلال شبكة عمل : إن الجدل حول الطبقة الحاكمة والأمور العامة هو الأساس في عالم المدونات على الجانب المحافظ، أما على الجانب الإصلاحي فالأمور على العكس تماما. ونحن لا نعرف إذا كانت الحكومة لا تحاول أو غير قادرة على غلق هذه المدونات. فربما يسمحون بقدر معين من النقاش على الإنترنت من أجل إضفاء بعضا من الشرعية على النظام الحاكم.

وتستمتع الجماعات السياسية بالجدل الدائر بين كلا جانبي الشقاق السياسي. حيث سخر أحد المدونين المحافظين من الإصلاحيين لكونهم يهتمون بالأمور الاقتصادية. وقد رد مؤيدو الإصلاحيين قائلا: بأنه حتى لو كان السياسيون الإصلاحيون ضعفاء، فإنه خير من الجلوس ومراقبة كيف أن دولتنا تتراجع إلى العصور الوسطي. كما كتب احد المدونين .