احتمال فرض عقوبات على موسكو ما زال قائمًا
روسيا والاشارة الأوروبيَّة من قمة بروكسل

فالح الحمراني من موسكو : أرجأت قمة الاتحاد الأوروبي الطارئة المكرسة لجورجيا في بروكسل الاثنين فرض أي شكل من شكل من إشكال العقوبات روسيا، وأعطت موسكو مهلة اخرى لسحب كافة قواتها المسلحة من الأراضي الجورجية وأعادت النظر بقرارها بالاعتراف بجمهوريتي اوسيتيا الجنوبية وابخازيا وتحويل القضية الى المنظمات الدولية لمناقشها وقول الكلمة الحاسمة بمستقبلهما. واكتفت القمة وكاجراء تهديدي بوقف المباحثات مع روسيا بشان عقد اتفاقية علاقات الشراكة بين الطرفين. وسواء في الاتحاد الاوروبي او في روسيا فان هناك قوى تسعى لتصعيد المواجهة بين روسيا والاتحاد الاوروبي، مفسرة ذلك اما بتراجع روسيا عن القيم الديمقراطية او استخدامها النفط والغاز كسلاح للضغط السياسي لاستعادة اوروبا الشرقية لمحورها المفقود، او كما ترى بعض القوى بروسيا بوجود قوى في الغرب لاحتواء روسيا وشلها كقوة دولية وبالتالي عزلها والسيطرة على مصالحها الحيوية.

ولكن الزعماء الاوروبيين يدركون بجلاء ان العقوبات كورقة لتحقيق اهداف سياسية قد استنفذت مفعولها. فالتجارب الدولية على مدى القرن العشرين وما بعده برهنت على ان فرض العقوبات لارغام الدول على الامتثال للقرارات الدولية او الخاصة وحتى لو كانت ذات نوايا واهداف طيبة لم تحقق اهدافها المرجوة، وانتهت على الغالب بكوارث على الامم وباندلاع الحروب والازمات. واوربا تعرف ايضا ان فرض العقوبات على دولة قوية مثل روسيا مسألة غير مجدية تماما، لان قدراتها وحضورها على الدولية سيفرغ الكثير من فعالية تلك العقوبات، وربما ستعود عليها بكثير من الاضرار لذلك فان الرئيس نيكولا ساركوزي اطلق عبارة ستدخل في قاموس المأثورات السياسية quot; عقوبات على عقوبات من سيربح؟quot;.

وفضلت اوروبا ابداء حسن النوايا بالتعامل مع روسيا كشريك تجاري وسياسي كبير، ووضع الكرة كما يقال في ساحتها. وكل ما تطمح له اوروبا الان هو وقف الزحف الروسي ليس فقط على الهيمنة على منطقة القفقاز وحدها وانما على مناطق اخرى يسعى الغرب لفرض سيطرته عليها واحتواء الخطر الروسي للابد، فهناك في الافق اوكرانيا وماوراء القوقاز واسيا الوسطى. وستكون اداة الضغط الفعالة بيد الغرب لانتزاع التعهدات الجديدة من الروس مسالة الضغط على موسكو لسحب اعترافها بجمهوريتي ابخازيا واوسيتيا الجنوبية. اي ان تكف روسيا عن التوغل اكثر في جورجيا وما يحيطها مقابل غض اوروبا النظر عن خطوة موسكو باعتراف بالجمهوريتين. فروسيا لن تتراجع عن ما افرزته حرب اوسيتيا الجنوبية ولن تعيد الجمهورتين مثلما لن تعيد وزارة الدفاع الروسة الغنائم من الاسلحة والاليات العسكرية اميركية الصنع التي استحوذت عليهاخلا المعارك مع الجيش الجورجي.والعودة عن الاعتراف غير واردة.

ان الهواجس تقض مضاجع اوروبا من الخسائر المتوقعة في حالة فرض العقوبات على روسيا، وستنعكس على الاقل في الفترة الراهنة التي وضعت فيها quot; الكثير من بيضها في السلة الروسيةquot; بصورة مؤلمة على اقتصادياتها والحالة الاجتماعية في بلدانها وتستفز المشاكل الكامنة. كما انها تبحث عن طريق خاص بها في معالجة المشاكل يتميز بعض الشئ عن المدخل الاميركي. فالبوارج والتهديد بتحريك الماكنة العسكرية طريق لايروق لاوروبا، وانما ترى الحوار وتشغيل عتلات الضغط الدبلوماسي وسائل افضل السبل لتحقيق الاهداف في القرن الواحد العشرين. اضافة الى ضرورة الاخذ بالاعتبار مصالح الطرف الاخر وهواجسه ومخاوفه نظر الاعتبار.

ان احتمال فرض عقوبات و اجراءات عقابية على روسيا ما زال قائما . لكن موسكو على ما يبدو ادركت الاشارة الأوروبيَّة فسارعت بتقديم تنازلات اولها قبول تواجد شرطة دوليين الى جانب قوتها ، لمراقبة وقف اطلاق النار على الحدود الاحداث في القفقاز، ووافقت على مشاركة قوة من المروحيات في عمليات الاتحاد الاوروبي في تشاد. واذا ما نجحت رويا بتحقيق نجاحات دبلوماسية في الحوار مع الغرب والوصول الى تفاهمات ترضي مصالح الاطراف، فانها ستظهر واوربا لكلاعبين هامين لرسم السياسة الدولية بادوات جديدة .ربما على ساب الاطراف الاخرى.

روسيا وتركيا لوضع اسس الاستقرار بالقوقاز
من جهة ثانية قال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي عقده في اسطنبول مع نظيره التركي علي باباجان ان موسكو تعقد الامال على ان الاتحاد الاوروبي سيرسل ممثليه الى اوسيتيا الجنوبية في اطار بعثة منظمة الامن والتعاون الاوروبي وفي اطار الشرطة الدولية المحتمل وصولها لمنطقة النزاع. ويذكر ان هذه اللهجة تشير الى ان موسكو تعطي اشارات واضحة للغرب بانفتاحها للحوار والتفاهم لاحقا بشان ازمة القوقاز.

واشار الى ان روسيا سبق وان بادرت لتوسيع الحضور الدولي في منطقة الامن المحيطة باوسيتا الجنوبية وابخازيا.وتعهد بان القوات الرسمية لاتخطط للمرابطة هناك لاجل غير محدود. واعاد لافروف الاذهان الى ان روسيا اقترحت على منظمة الامن والتعاون الاوروبي بزيادة عدد المراقبين في منطقة النزاع الى 100 شخص وانها مستعدة للموافقة على زيادة هذا العدد اذا تطلب الامر. واشار الى ان حفظ النظام لم يدخل في وظائف السلام وان روسيا اقترحت نشر شرطة دولية برعاية منظمة الامن والتعاون لهذا الغرض. وقال اذا ما جرى تبنى مثل هذا القرار فان موسكو تعقد الامال على ان الاتحاد الاوروبي سيهتم بارسال ممثليه للعمل في المنطقة، بما في ذلك في اطار بعثة منظمة الامن والتعاون الاوروبي او الشرطة الدولية المحتمل ان تصل المنطقة.

من ناحيته اشار وزير خاجية تركيا علي باباجان ان الاستقرار والامن في القوقاز مسالة حيوية بالنسبة لبلدان المنطقة. وافاد بان الوضع في القوقاز كان احد المواضيع في المباحثات مع لافروف. وان تركيا تنطلق من اساس مبدا وحدة اراضي وسيادة تركيا. منوها باهمية حل القضايا الناشبة في اطار القانون الدولي وعدم اتاحة الفرصة لنشوب مواجهة مسلحة.

ويشار الى ان تركيا تنطلق في موقفها من احداث اوسيتيا الجنوبية من وجود قضية مماثلة لديها تتمثل بمطالبة الاكراد بنيل حقوقهم القومية بما في حقهم بتقرير المصير مثلما تطالب شعوب اوسيتا الجنوبية وابخازيا.الى جانب ذلك فانها لايمكن ان تكون بعيدة عن موقف الاتحاد الاوروبي الساعية للانضمام اليه. وابلغ وزير خارجية تركيا الى انه ناقش مع لافروف قضية الاسس التي يجب ان يقوم عليها الاستقرار والتعاون في القوقاز.منوها بضرورة الاتفاق على التفاصيل حول المبادرة التي طرحها بهذا الشان رئيس الوزراء التركي طيب اوردغان.

وفي معرض تناوله العلاقات الثنائية اشار الوزير التركي الى محصلة نصف العام الحالي تؤكد ان روسيا تحتل المرتبة الاولى في لائحة شركاء تركيا في مجال التجارة الخارجية، ولاسيما في مجال الطاقة. ومن المرتقب ان يقوم الرئيس التركي وفقا لما قاله وزير الخارجية لافروف روسيا في نهاية العام الحالي.