بعد 3 سنوات تماما لا تزيد ولاتنقص على إزاحته عن موقع مدير إدارة جهاز أمن الدولة الكويتي، إستجابة لضغوط قوى سياسية داخلية، وقعت الحكومة الكويتية أمس قرارا مفاجئا للغاية بإعادة تسميته في ذات الموقع في إطار رغبة مراجع عليا، لكن المفارقة التي سجلت هي أن عودة الشيخ عذبي الفهد الصباح قد جاءت متزامنة مع الذكرى الثالثة لرحيله عن الموقع، كما أنها جاءت بعد 5 أشهر من إعادة شقيقه الأكبر الشيخ أحمد الى العمل الوزاري بعد أن أستبعدا في العام ذاته.
عامر الحنتولي من الكويت: قررت الحكومة الكويتية عبر قرار رسمي أمس الشيخ عذبي الفهد الأحمد الصباح تعيين المستشار في ديوان ولي العهد الكويتي مديرا لجهاز أمن الدولة الكويتي وترقيته الى الدرجة الممتازة، بعد ثلاث سنوات لا تزيد ولا تنقص على قبول إستقالته من المنصب، بعد أن تردد طلب مراجع عليا منه تقديم إستقالته كإستجابة لتفاهمات مع قوى سياسية داخلية في إطار ترتيبات البيت الداخلي وقتذاك، في حين شهد العام 2006 أيضا تنحية شقيقه الأكبر الشيخ أحمد الفهد عن منصبه الوزاري الذي كان يشغله من بعد شكاوى مماثلة من قبل قوى سياسية عدة، إلا أن الشيخ أحمد لم يطل إبتعاده عن المنصب الوزاري إذ عاد في التشكيل الحكومي الأخير في شهر أيار (مايو) الماضي نائبا للشيخ ناصر المحمد الصباح رئيس الوزراء، ووزيرا للتنمية والتخطيط والإسكان، وهي مناصب وزارية مجتمعة رأى فيها خصوم نهجه سياسيا إعادة للتأزيم وأجواء الصراع السابق بين الحكومة والبرلمان، علما أن الشيخ الفهد يبدي حتى الآن نفسا ونهجا هادئا للغاية مستفيدا على الأرجح من عواقب إندفاعاته السياسية في مراحل سابقة.
وشكل قرار إعادة الشيخ عذبي الفهد الصباح الى ذات منصبه السابق مفاجأة كبرى لمتلقيها في الساحة السياسية المحلية، خصوصا أنها جاءت في اليوم ذاته الذي قبلت فيها إستقالته في العام 2006، دون أن يعرف بعد عما إذا كان توقيت توقيع القرار قد جاء بمحض الصدفة، أم أن له علاقة برد الإعتبار لرجل الأمن الموسوم هنا في الداخل الكويتي بأنه صاحب بصمة خاصة في العمل الأمني بعيدا عن الإستعراض، والتركيز على الصورة الإعلامية، إذ قلة داخل الكويت تعرف شكل الشيخ عذبي الذي يجيد التواري عن الأنظار في النشاطات العامة، منعا للتركيز على صورته الإعلامية، لكن خصوم للشيخ عذبي يرون في قبضته الأمنية الصلبية خلال السنوات التي أدار فيها جهاز أمن الدولة ترمز الى تشدده الأمني، ورفضه تعزيز الحريات السياسية والديمقراطية، إذ لوحظ حتى وقت متأخر الليلة الماضية تحاشيا من جهات عدة داخل الكويت التعليق على نبأ إعادة الشيخ عذبي الى موقعه السابق، كما أن صحف كويتية عدة تجاهلت نبأ تعيينه، فيما أفردته غالبية الصحف على صفحاتها الأولى، مكتفية بنص النبأ المقتضب الصادر عن مجلس الوزراء الكويتي.
وحتى الآن لا يعرف موقف جهات برلمانية من هذا التعيين المفاجئ للشيخ عذبي، وسط تقديرات بأن يستمر تجاهل تلك الجهات لهذا القرار بوصفه قرارا من قرارات السيادة، وتقديرات أخرى تقول أن الحكومة إستجابت في هذا الإطار لرغبة مرجعية عليا ترى في الشيخ عذبي إضافة نوعية للحلقات الأمنية العليا في البلاد، خصوصا وأن فترته السابقة في الموقع ذاته حفلت بالعديد من الإنجازات الأمنية، وأظهر مقدرة فريدة في ضبط إيقاع الساحة المحلية، وأظهر صرامة في التعاطي والتعامل مع الحركات والخلايا الإرهابية التي بحثت قبل بضعة سنوات عن ملاذ آمن في الكويت، إلا أن الأجهزة الأمنية الكويتية كانت لها بالمرصاد، خصوصا إبان مواجهات العام 2005 في عدة مناطق كويتية مع خلايا لتنظيم القاعدة، نجح الأمن الكويتي وقتذاك في إماطة اللثام عنها.
بيد أن النائب الكويتي فيصل الدويسان الإعلامي الكويتي المرموق يرى في الشيخ عذبي quot;حرفية ومقدرة أمنية في ظروف بالغة الصعوبة على المستويين المحلي والإقليميquot;، علما أن قرار تعيين الشيخ عذبي جاء متسقا مع قرار حكومي قبل نحو أسبوعين بتعيين أربع وكلاء جدد لوزير الداخلية ضمن توجه لإحداث العديد من التغييرات في المواقع داخل الهيكل الوظيفي لوزارة الداخلية، قبل أن تأتي عملية تعيين الشيخ الفهد كمقدمة لتلك التغييرات، خصوصا وأن منصب مدير عام جهاز أمن الدولة الكويتي هو من أعلى المواقع المتقدمة في وزارة الداخلية، ويسمى شاغله وكيل وزارة الداخلية لشؤون أمن الدولة.
وحتى وقت قريب تحفل الصحف الكويتية بإنتقادات حادة للشيخ عذبي و والشيخ أحمد والشيخ طلال ويطلق عليهم لقب quot;أبناء الشهيدquot; في إشارة ضمنية الى والدهم الشيخ الراحل فهد الأحمد الصباح الذي توفي في الثاني من آب (أغسطس) من العام 1990 بعد إشتباك مع القوات العراقية المهاجمة لقصر الأمير الكويتي الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، إذ كان مولعا بالعمل الفدائي الى أبعد حاد، وكان صاحب شعبية واسعة داخل الكويت وخارجها، ورفض مغادرة الكويت، بصحبة أبناء الأسرة الحاكمة الذين آثروا المغادرة بإتجاه المملكة العربية السعودية قبل تمام عملية الغزو العراقي لإطلاق معركة الكويت سياسيا في المحافل الدولية، لكن الأبناء ظهروا في المشهد السياسي أولا عبر الإبن الأكبر للشهيد الشيخ أحمد الذي تولى أولى مناصبه الوزارية كوزير للإعلام في العام 2001 من بعد مناصب رياضية داخلية وخارجية، وتولى لاحقا حقائب النفط والطاقة والصحة، وهي حقبة أهلته للإحتكاك مع جهات برلمانية لم تكن راضية عن أدائه، وكانت عرضة للإستجواب عام 2006، وكانت له تحركات ضد المواقف البرلمانية، لكن إنتخاب برلمان جديد في العام 2006 إستدعى أن تعيده القيادة السياسية الى الخطوط الخلفية رغم إيمانها بأدائه فتح صفحة جديدة لطي مسلسل الأزمات السياسية التي لم تتوقف حتى الآن، في ظل إتهامات للشيخ الفهد بأنه على صلة بكل الأزمات المثارة لكن من وراء ستار، وهي التهمة التي يقول الشيخ الفهد في مجالسه الخاصة أن الوقائع على الأرض تكذبها، فأشد خصومه وفقا للشيخ الفهد هم الموسومين بالتأزيم فكيف يستطبع تحريكهم بشكل مناوئ للحكومة.
وعلى المستوى الرياضي أيضا يتهم الشيخ طلال الفهد رئيس نادي القادسية بأنه وراء أزمة كرة القدم الكويتية من خلال تزعمه لتكتل رياضي يضم رؤساء أندية ترفض تطبيقات الإتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) بشأن عدد أعضاء مجلس إتحاد كرة القدم الكويتي، ففيما ترى أندية التكتل بقيادة طلال الفهد أن القوانين الرياضية تتماشى مع قوانين الفيفا بشأن إتحاد لا يزيد عدد الأعضاء فيه عن 5، يرى خصوم كثر لهذا الإصرار بأن العدد يجب أن يتماشى بالضرورة مع القوانين الدولية التي تجيز مجلسا يتكون من 14 عضوا تمثل جميع الأندية الرسمية في الكويت، علما أن أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح كان قد وجه الحكومة إعتماد القوانين الدولية في هذا الشأن، إلا أن أندية التكتل برئاسة الشيخ الفهد لا تزال تماطل في التنفيذ، وتصر على رأيها الأمر الذي يعني إطالة أمد معاناة الكرة الكويتية وسط إخفاقات كثيرة لها، ومخاطر تشمل شطب عضويتها إذا ما إستمرت في مخالفة القوانين الدولية.
التعليقات