إسلام آباد: لا يرى الباكستانيون بلادهم عادة بنفس الطريقة التي يراها بها الرئيس الأميركي لكن الخوف الذي بثه ظهور مقاتلي حركة طالبان على مبعدة بضع ساعات بالسيارة من اسلام اباد دفعهم أخيرا الى التفكير بنفس الاسلوب. وحين قال الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم الاربعاء ان الوضع في باكستان المسلمة التي تتمتع بقدرة نووية يثير quot;قلقا بالغاquot; لم تختلف باكستان معه في الرأي.
وغمر الساسة من جميع الاطياف ووسائل الاعلام والجماهير شعور بالحاجة الماسة الى الدفاع عن أنفسهم. وقال مسؤول باكستاني بارز مطلع على السياسة الخارجية والشؤون الامنية quot;المزاج الوطني يتغير... الناس شعروا بالخوف. والشعور بالخوف امر جيد.quot; ويأتي هذا التغيير في الوقت الذي يستعد الرئيس الباكستاني اصف علي زرداري للاجتماع مع أوباما ونظيره الافغاني حامد كرزاي في واشنطن في السادس والسابع من مايو ايار لمناقشة كيفية تدمير ملاذات تنظيم القاعدة وحركة طالبان على الحدود بين باكستان وافغانستان.
وتعاني باكستان من آثار تمرد طالبان في افغانستان ويقول منتقدون انه الثمن الذي تدفعه لدعمها المتشددين فيما مضى. ويقول فاروق سليم المدير التنفيذي لمركز الابحاث والدراسات الامنية ان حركة طالبان تسيطر الان ونشطة او تتمتع بنفوذ في 12 في المئة من الاراضي الباكستانية. وفي هذه الايام تتصدر الانباء المتعلقة باداء الجيش في هجوم مستمر منذ اسبوع ضد مقاتلي طالبان في وادي بونر والحاجة الى دعم الجيش عناوين الصحف الباكستانية وتحتل موقعا بارزا في تغطية القنوات التلفزيونية.
ولا يشيد كثيرون بزرداري لكن على الاقل كفت وسائل الاعلام العداءية يدها عنه لدعم قرار الحكومة بارسال قوات الى واد على مبعدة 100 كيلومتر فقط من اسلام اباد. وقتل اكثر من 170 متشددا في القتال وعندما تنتهي عملية بونر من المتوقع أن يتعامل الجيش مع معقل طالبان في وادي سوات الى الشمال. وقال مساعد قريب من زرداري quot;على الاقل هناك الان بعض التركيز داخل باكستان على أن هذه حربناquot; وأضاف quot;الرئيس ظل يقول هذه الكلمات لمدة عام لكنها لم تلق صدى. الان تلقى صدى.quot;
وأوضح أوباما حجم الدعم الذي سوف يقدمه في محادثات هذا الاسبوع حين وصف حكومة باكستان بأنها هشة وتفتقر الى المال وأشار الى أن جيشها بدأ يدرك أن عليه قتال المتشددين المحليين بدلا من الهوس بشأن الهند. ويتفق محللون أن زرداري سوف يعود من واشنطن على الارجح بالدعم لحكومته المدنية التي وصلت للسلطة منذ عام وبتعهدات أميركية بتقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية عاجلة والاسراع بسداد تعويضات عن النفقات التي تكبدتها باكستان من جراء مكافحة المتشددين.
ويشير المسؤول الباكستاني البارز الى أن من الممكن أن تقدم الولايات المتحدة وحدها 1.5 مليار دولار هذا الشهر مما يعطي الحكومة المعسرة فرصة لمساعدة شعبها حين تعلن الميزانية السنوية في يونيو حزيران.
وتوقع المسؤول أن يعطي أوباما quot;اشارة الى الباكستانيين مفادها أن سواء كنتم ضعفاء ام اقوياء فلديكم حكومة شرعية ستتمتع بدعم أميركي ما دامت باكستان قد عقدت العزم على السعي وراء التهديد الحقيقي وهو الارهاب.quot; ومن المتوقع أن يوافق زرداري على اتخاذ اجراءات لبناء الثقة مع افغانستان للحد من الارتياب الذي ألقى بظلاله على العلاقات حين كان الجنرال برويز مشرف رئيسا لباكستان.
وسوف يؤكد أوباما لزرداري هذا الاسبوع الحاجة الى بذل مزيد من الجهد لمكافحة انتشار التشدد والتطرف الديني تماما مثلما فعلت ادارة الرئيس السابق جورج بوش مع مشرف. وزرداري لا يتمتع بشعبيه وتلاحقه وصمات عار قديمة تتصل بالفساد اضافة الى شكوك بشأن نهجه في الحكم ويواجه انتقادات كثيرة. وكان خلف زوجته بينظير بوتو في زعامة حزب الشعب الباكستاني بعد اغتيالها في أواخر عام 2007 .
وفي حين يتحدث زرداري بقوة عن الحاجة الى هزيمة التشدد واقامة علاقات ودية مع الهند تظل مصداقيته عند الناس قضية كبرى. وبدا أن الثقة الأميركية في قدرة زرداري على تحقيق شيء قد تضاءلت بعد أن ضعف موقفه اثر أزمة تتعلق بمواجهة مع نواز شريف زعيم المعارضة في مارس اذار. وهبطت اسهم زرداري اكثر حين اضطر للرضوخ لمطالب طالبان بتطبيق الشريعة الاسلامية في أنحاء جزء كبير من الشمال الغربي بالبلاد بما في ذلك وادي سوات.
ولم تكن امامه خيارات تذكر نظرا لضعف شعبيته وتهديد شريك في الائتلاف بالانسحاب والدعم الغامر الذي قدمه البرلمان لتطبيق الشريعة لاسترضاء المتشددين واحجام الجيش عن القتال دون دعم شعبي. وبدأ مسؤولون أميركيون في تشجيع شريف بشكل اكبر على الرغم من القلق بشأن الميول الاسلامية لرئيس الوزراء الاسبق.
ويقول محللون ان من المرجح أن تحاول الولايات المتحدة الان اقناع شريف بالعمل مع حكومة زرداري مرة أخرى. وأضافوا أن زرداري كان يعلم دائما أن ما يسمى باتفاق سوات الذي ينص على تطبيق الشريعة مقابل السلام محكوم عليه بالفشل اذ ان مقاتلي طالبان سوف يفرطون في استخدام قوتهم. ولم يكن على زرداري الانتظار طويلا. ويقول نجم سيثي المحلل السياسي البارز ورئيس تحرير صحيفة ديلي تايمز ان بوسعه ان يخبر الأميركيين quot;فعلت هذا بأسلوبي وأقوم به بالطريقة الصحيحة.quot; وأضاف quot;جلب الجميع في صفه ضد طالبان... دون أن يعاني من الازدراء الذي كان ليعانيه لو فعل هذا بأمر أميركا.
التعليقات