موسكو: تبدو العلاقات الروسية الألمانية صافية الآن حتى ينظر بعض الأوروبيين لها نظرة ارتياب وخاصة البولنديون الذين رأوا أوجه شبه كثيرة بين الاتفاق الروسي الألماني لمد خط أنابيب جديد لنقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق دون المرور بالأراضي البولندية والأوكرانية والبيلوروسية وبين quot;اتفاق مولوتوف - ريبنتروبquot; (وهو اتفاق عدم الاعتداء الذي عقده الاتحاد السوفيتي وألمانيا قبل ثمانية أيام من بدء الحرب العالمية الثانية).
وجرى توفير الأمن لأوروبا الغربية في النصف الثاني من القرن العشرين وفقا لرؤية الأمين العام الأول لحلف شمال الأطلسي، هاستينغس إسماي، الذي حدد مهام الحلف الرئيسية في الآتي: منع دخول الروس إلى أوروبا والحفاظ على الحضور الأميركي لها وردع ألمانيا.

ولا يزال الغرب يعمل بهذه القاعدة رغم أنها أصبحت باطلة بعد انتهاء الحرب الباردة حيث لم تعد روسيا عدو الغرب ولم تعد ألمانيا الديمقراطية تمثل تهديدا بينما انتقلت أولويات أميركا إلى مناطق أخرى. وإذ استوعبت الأمم الأوروبية دروس الحربين العالميتين الأولى والثانية، بذلت قصارى جهدها لدمج الألمان في المجتمع الأوروبي العام لكيلا يصيروا مناوئين شرسين للمجتمع الأوروبي ثانية. والآن، وفيما تسير كل من ألمانيا وروسيا إلى التقرب من الأخرى، ينتاب المزيد من الخوف بلدان أوروبا الوسطى والشرقية، وتعتريها مخاوف مفادها أن quot;محور موسكو - برلينquot; الذي لاح شبحه سيعطي روسيا ما يمكّنها من الضغط على باقي أوروبا. والأغلب ظنا أن ألمانيا ستمضي قدما في مد الجسور إلى روسيا، متصرفة من منطلق مصالحها الاقتصادية. ولا يستبعد في الوقت نفسه ألا تخرج ألمانيا عن نطاق الرؤية النمطية التي لا تسمح بالارتقاء بمستوى العلاقات مع روسيا.