سوبا: امام صعوبة وتعقيد الانتخابات التي يجهلون عنها كل شىء تقريبا والدعوات الى المقاطعة التي قلما تصلهم اصداؤها، ليس لدى الجنوبيين من سكان حي سوبا الفقير على تخوم الخرطوم سوى رسالة واحدة: نريد التعليم، نريد الرعاية الصحية.
ويقع حي سوبا على بعد كيلومترات من وسط العاصمة السودانية فوق ارض صحراوية مغبرة وسط الركام وبقايا حركات النزوح الكثيفة خلال 22 عاما من الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب والتي انتهت بتوقيع اتفاق سلام في 2005.
وبين اكوام الخيام الممزقة ومنازل الطين، يبدو السكان بمنأى تماما عن اصداء الحملة الانتخابية واخرها انسحاب الحركة الشعبية لتحرير السودان، التي قاتلت على مدى عقدين حكومة الشمال باسم الجنوبيين.
وقال جاكسون جوزف (28 عاما) الطالب في الهندسة والنازح من ولاية شرق الاستوائية في اقصى جنوب البلاد، quot;لا اعرف شيئا عن قرار الحركة الشعبية امسquot;. وبالمثل رد جيمس.
واضاف جيمس البالغ من العمر ثلاثين عاما quot;كنت انوي التصويت، ولكني الان لن اذهبquot;. ونزح جيمس من قرية قريبة من ملكال، في ولاية اعالي النيل.
وتجمع بعض الشباب حولهما للاستماع للمحادثة. وقال جيمس ان قرار الحركة الشعبية quot;ايجابي، على ما اظن. ولكن لاكون صريحا لا اعرف تماما ما يحصل. كل ما اريده هو ان يستمر اتفاق السلامquot;.
ولم ينتظر سكان سوبا الذين ليس لديهم لا كهرباء ولا ماء، قرار المقاطعة ليحجموا عن المشاركة في الانتخابات التعددية الاولى منذ نحو ربع قرن في السودان.
وقال جاكسون جوزف quot;لو ان (ياسر) عرمان غير مشارك، فسوف اعطي صوتي الى لام اكولquot;. وبدا ان الشاب يخلط بين الانتخابات الرئاسية لعموم السودان وانتخابات رئيس حكومة جنوب السودان. فياسر عرمان كان مرشح الحركة الشعبية لرئاسة السودان امام الرئيس عمر البشير قبل ان ينسحب.
كما ان النازحين الجنوبيين في شمال السودان لا يمكنهم التصويت لانتخابات رئيس حكومة جنوب السودان التي ترشح لها لام اكول وسالفا كير، الرئيس الحالي لحكومة جنوب السودان.
ويضيف جيمس، معبرا عن حالة الارباك التي تسيطر على الجميع quot;لقد سجلت اسمي واصوت من اجل الرئيس سالفا لانه ممثلناquot;.
اما عبود (22 عاما) الذي وصل طفلا الى الخرطوم quot;لان الوضع كان صعبا جدا بسبب الحرب في ملكالquot;، فعبر عن رغبته في المشاركة في الاقتراع، بقوله quot;طلبت من ابي ان يحصل لي على بطاقة تصويت في ملكال، لكني لم اتسلمها بعدquot;.
ورغم عدم فهمهم لحيثيات الاقتراع، يوجه سكان هذا الحي الفقير رسالة واضحة.
وفي حين كان الناس يمرون بالقرب منه حاملين صفائح مملوءة بمياه الشرب، قال جيمس quot;نريد رعاية صحية. لو ان احدا يؤمن لنا التعليم، والصحة والعمل، ساصوت لهquot;.
ومثل جيمس، تحلم الغالبية العظمى من سكان الحي بالعودة الى quot;البلدquot;، ويقول وليام غالز (21 عاما) quot;اريد ان انهي دراستي واصبح طبيبا، ليس في خرطوم بالطبعquot;.
ولم يكن وليام سوى طفل رضيع عندما هرب اهله من الحرب، وهو يعتبر الاستفتاء على استقلال الجنوب المقرر مطلع 2011 quot;اكثر اهمية بكثيرquot; من هذه الانتخابات.
وتقول ربيكا (31 عاما) التي عاد اولادها التسعة الى ملكال، quot;اذا لم تشارك الحركة الشعبية في الانتخابات هنا، اريد العودة الى البلدquot;، وتضيف هذه المراة التي تعمل في خدمة المنازل، quot;لكني مضطرة للبقاء هنا الان، لاني محتاجة لجمع بعض المالquot;.
ويقول مايكل (25 عاما) الذي جاء لزيارة اخوته ان quot;هناك مشكلات قبلية كثيرة في ملكالquot;، ويضيف quot;وان كان الناس هنا يعيشون كلهم معا، فان الوضع ليس آمنا، والشرطة غالبا ما تداهم الحيquot;.
التعليقات