في الوقت الذي وصف فيه مسؤولون أميركيون تنظيم القاعدة بأنه quot;طرف ثانويّquot; في ساحة المعركة الأفغانية، يبدو انّ quot;القاعدةquot; قد غيرت بالفعل إستراتيجيتها في أفغانستان، خصوصا بعد أن قصر التنظيم دوره بصورة كبيرة في أعمال التمرد التي تقودها طالبان على المساعدة في العمليات التدريبية، والاستخباراتية، والدعائيّة.

أشرف أبوجلالة من القاهرة:يؤكد تقرير نشرته اليوم صحيفة واشنطن بوست الأميركية، نقلا ً عن مسؤولين عسكريين أميركيين ومحللين، على أن القاعدة قد غيرت بالفعل من إستراتيجيتها في أفغانستان، بعد أن قَصَرَت دورها بصورة كبيرة في أعمال التمرد التي تقودها طالبان على المساعدة في العمليات التدريبية، والاستخباراتية، وكذلك الأمور المتعلقة بالدعاية.

وتمضي الصحيفة الأميركية تقول في السياق عينه إنه وعلى الرغم من أن الشبكة الإرهابية ما زالت تنظر إلى مسألة quot;تحريرquot; أفغانستان على أنها هدفها الاستراتيجي الرئيس، إلا أنها تنتظر الوقت المناسب حتى يفقد الكفار صبرهم ويرحلوا عن البلاد. وفي الوقت الذي كثيرا ً ما سبق للمسؤولين الأميركيين أن وصفوا فيه تنظيم القاعدة بــأنه طرف ثانوي في ساحة المعركة الأفغانية، أكد تحليل أجري مؤخرا ً على 76 ألف تقرير عسكري أميركي نُشِروا عبر موقع ويكيليكس على المدى الذي أصبح من خلاله أسامة بن لادن ورفاقه أمراً ثانويا ً في الحرب الدائرة هناك.

ثم تشير الصحيفة إلى أن التقارير، التي تغطي تصاعد أعمال التمرد خلال الفترة ما بين 2004 ونهاية 2009، لم تذكر القاعدة سوى عدد قليل من المرات وكانت تتحدث عنها بعد ذلك بصورة عابرة في بعض الأحيان.

وكانت معظم هذه الأحاديث عبارة عن إشارات مبهمة لأناس تربطهم اتصالات غير محددة بتنظيم القاعدة أو من المتعاطفين معها، أو اختزالا لعدو أيديولوجي غير متبلور. وتلفت الصحيفة في السياق ذاته إلى أن بن لادن، الذي يُعتَقد أنه مختبئ عبر الحدود في باكستان، نادراً ما تم ذكره في تلك التقارير.

وهو الحال ذاته الذي ينطبق على زعماء آخرين في التنظيم. حيث ورد في أحد هذه التقارير وصف لتلك المحاولة الفاشلة لاعتقال أو قتل أبو ليث الليبي، ذلك القائد العسكري البارز بتنظيم القاعدة، في حزيران/ يونيو عام 2007. فحينها أخطأت القوات الخاصة الأميركية في هدفها، وقتلت بدلا ً من ذلك عن طريق الخطأ سبعة أطفال في مدرسة دينية في إقليم بكتيكا.

كما توجد إشارات عابرة إلى شخص يدعى أبو الإخلاص المصري، الاسم الحركي لمواطن مصري يعمل كقائد في التنظيم في إقليم كونار.
وفي عام 2008، أكد مسؤول أفغاني في المقاطعة لضباط أميركيين على أنه قد تنامى إلى أسماعه شائعة تفيد بأن أبا الإخلاص يعاني quot;التواء في الكاحلquot;.

لكن على خلاف ذلك، طبقاً لما ورد على الأقل في تقارير ويكيليكس، ظل القائد العسكري في الظل.

وتتابع الصحيفة حديثها بالقول إن زعماء وقادة التنظيم سعوا بصورة كبيرة إلى اللجوء عبر الحدود في باكستان، منذ الغزو الأميركي لأفغانستان في عام 2001. وهناك، تم استهدافهم بوساطة الطائرات الأميركية التي تعمل من دون طيار خلال محاولاتهم الابتعاد عن متناول القوات الأميركية.

ورأت الصحيفة أن هذا الهروب يمثل ابتعادا ً عن النهج الذي كانت تتبعه القاعدة في المواجهات والصراعات السابقة. وتنقل الصحيفة في هذا الشأن عن بروس هوفمان، خبير الإرهاب والأستاذ في جامعة جورج تاون، قوله :quot; الأعداد ليست كبيرة، لكن قدرتهم على مساعدة القوات المحلية على الظهور بشكل أقوى تقوم بدور العامل المضاعف. فلقد تعلموا من تجاربهم السابقة، حين يكون مقاتلوهم الأجانب في المقدمة والوسطquot;.

وفي الوقت الذي مضى فيه هوفمان ليقول إن أتباع القاعدة في العراق ينفرون السكان المحليين من خلال محاولتهم خطف هذا التمرد، أشار مسؤولون عسكريون أميركيون إلى أن القاعدة تدرك الخطر نفسه في أفغانستان. وطبقا ً لما قاله الجنرال مايكل فلين، رئيس الاستخبارات العسكرية الأميركية في أفغانستان، خلال جلسة إحاطة غير سرية أجريت في كانون الأول / ديسمبر الماضي، فإن قادة حركة طالبان غالبا ً ما ينظرون إلى تنظيم القاعدة، حليفهم السابق، على أنه quot;عائقquot; بالنسبة لهم.

وختاماً، تلفت الصحيفة إلى أن مراجعة أجريت على تقارير عسكرية أميركية مُسرّبة قد أشارت إلى أن المقاتلين العرب، الذين يُرجح انتماؤهم للقاعدة، يقصرون أنشطتهم عموماً على حفنة من المقاطعات الأفغانية بطول الحدود مع باكستان. فيما يقول محللون إن أدلة أخرى تؤكد أن تواجد القاعدة في أفغانستان يتركز في شرق البلاد، فقط عبر الحدود حيث يوجد مقر قيادة القاعدة في المناطق القبلية في باكستان. ومع هذا، تقدم بعض التقارير لمحات ثانوية عن الحملة السرية التي تلاحق من خلالها قوات العمليات الخاصة الأميركية ووكالة المخابرات المركزية زعماء المتمردين في أفغانستان.