جلسة سابقة لمجلس الوزراء اللبناني

تتصاعد وتيرة السجال في لبنان بين فريقي الأكثرية والمعارضة حول قضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. فمن تصريح السفير الفرنسي في بيروت الذي تناول فيه القرار الظني المرتقب صدوره وردّ quot;حزب اللهquot; عليه إلى الخلاف حول بند تمويل المحكمة الدولية والتلويح بالثلث المعطل مع اللجوء إلى التصويت في مجلس الوزراء حول هذا البند.

ريما زهار وإبراهيم عوض من بيروت

توجهت الزميلة ريما زهار الى كل من النائب الدكتور عمار الحوري والنائب السابق حسن حب الله وسألتهما هل التلويح بالثلث المعطل لتمويل المحكمة الدولية باب لاستقالة وزراء المعارضة وهل يحتمل لبنان العودة الى ما كان عليه من تعطيل وكيف يمكن تفادي هذا الامر؟

يعود الثلث المعطل الى الواجهة مجددًا مع اللجوء الى التصويت في مجلس الوزراء من اجل تمويل المحكمة، وهذا الامر سيضع الحكومة والبلد امام مأزق جديد، والسؤال الذي يطرح هل يكتفي وزراء المعارضة بالثلث المعطل أم يلجأون الى الإستقالة كما جرى في الماضي؟

يقول النائب عن تيار المستقبل الدكتور عمار الحوري لإيلاف ان بعض الفريق الآخر عوَّدنا على مبدأ معارضة الدولة والشرعية والإستقرار، ويبدو ان بعض الفريق الآخر نهجه هو التعطيل، ومعاداة قيام الدولة لذلك هذا أمر غير مستبعد، واكرر من بعض الفريق الآخر وليس كل الفريق الآخر، وهم حزب الله على الارجح، والعماد ميشال عون الذي اصبحت مرجعيته حزب الله.

وردًا على سؤال هل يحتمل لبنان اليوم العودة الى ما كان عليه عندما انسحب الوزراء الشيعة من الحكومة؟ يجيب:quot;كل من ينطلق من تحمل مسؤولية وطنية يعتبر ألا مجال ولا مكان لاي خلل في مجال الإستقرار، ونعتبر أن مصلحة المواطن هي في قيام الدولة واستقرارها، ولكن ربما بعض الفريق الآخر لا يريد ان يتحمل مسؤولية في هذا الشأن.

اما كيف يمكن تفادي هذا الامر دون المساس بشرعية المحكمة الدولية وأحقية تمويلها؟ يجيب:quot; لا شيء اليوم يؤثرفي شرعية المحكمة الدولية فهي صدرت وفق القرار 1757 تحت الفصل السابع، ومؤتمر الحوار الوطني العام 2006 اعطى إجماعًا لبنانيًا لهذه المحكمة، وكل البيانات الوزارية اللاحقة ايضًا دعمت المحكمة بما فيها الحكومة الحالية، بما فيها إقرار الموازنة للعام الحالي، لذلك القطار قد فات ومن يريد ان يغير رأيه فهذه مشكلته لا اكثر، ويضيف:quot;لا مساومة على موضوع المحكمة، ومن يريد ان يستقيل هذا شأنه، وهذا يخضعه لتقييم مدى تحمله مسؤوليته الوطنية ومدى قدرته على متابعة قضايا الناس وهمومهم. واذا شل البلد فهم يتحملون المسؤولية وهم يُسألون عن نتائج ماذا سيفعلون.

النائب السابق في حزب الله حسن حب الله تحدث بدوره لإيلاف واعتبر ان اللجوء الى الثلث المعطل هو قانوني وبالتالي هناك بعض المواد التي تنص عليها، وبعض السياسات التي يجب اعتمادها من قبل الحكومة تحتاج الى نصاب الثلثين، وهو يؤمن الاكثرية لجميع اللبنانيين، وفي موضوع تمويل المحكمة والموازنة بشكل عام يحتاج الى الثلثين، والثلث المعطل حق طبيعي للقوى المعارضة،التي اجتمعت مع وزراء آخرين، في ان يبدوا رأيهم لان الموازنة هي من الامور الاساسية التي لا يمكن ان تقر الا من ثلثي مجلس الوزراء.

ويضيف:quot; عندما انسحب الوزراء الشيعة في المرحلة السابقة كانت هذه الاخيرة مختلفة عن اليوم، واعتقد اليوم لدينا حكومة وحدة وطنية وكل الاطراف يحترمون بعضهم، ولا ضرورة الى القيام بأي خطوة من هذا النوع، لان هناك احترامًا للآخر.

لكنه لا يستبعد لجوء حزب الله وكل قوى المعارضة الى الثلث المعطل من اجل موضوع تمويل المحكمة الدولية لان هذه القوى لن تقبل بتمويل المحكمة على أساس انها مسيسة، وهذا الامر حسم في مجلس الوزراء. ولكن ليس هناك من وارد لانسحاب وزراء المعارضة من الحكومة.

من جانبه تناول الزميل إبراهيم عوض أول رد لـ quot;حزب اللهquot;على ما قاله السفير الفرنسي لدى لبنان دوني بييتون الى صحيفة quot;النهارquot; قبل أيام، رغم محاولة الخارجية الفرنسية التنصل منه، من أن القرار الظني المرتقب صدوره عن المحكمة الدولية ليس quot;آخر الدنياquot; وأن تضمن إتهام عناصر من الحزب في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، معلناً في الوقت نفسه عزم فرنسا على ابقاء تواصلها مع حزب الله، اكد رئيس الهيئة التشريعية في الحزب محمد يزبك quot;على من يعتبر محاكمة شهود الزور ليست آخر الدنياquot; بان يصحح نظرته الى هذه المسألة quot;حيث تعتبر هذه المحاكمة من جانبنا quot;آخر الدنياquot; ولن يقبل باتهام اي عنصر لأن الاتهام هو اعتداء على كرامة اللبنانيين وتنفيذ لمؤامرة الآخرينquot;.

من جهته رأى أمين عام quot;تيار المستقبلquot; أحمد الحريري ان كلام حزب الله عن quot;آخر الدنياquot; بالنسبة الى المحكمة ورفضه لها وتصميمه على مواجهتها بغية إسقاطها لا تفسير له سوى quot;نهاية الدولةquot; موضحاً أن دم الرئيس رفيق الحريري ورفاقه الآخرين أهم من الحكم والحكومة حاملاً على من لوّح للرئيس الحريري بشعار quot;الحكم أو المحكمةquot;.

وفيما تتصاعد وتيرة السجال بين فريقي الأكثرية والمعارضة متخذة من الخلاف على quot;تمويل المحكمةquot; وقوداً لها الى حد ربط مسألة إقرار هذا البند في الموازنة من عدمه بمصير الحكومة، خرجت سوريا أمس عن صمتها إزاء ما يجري في لبنان إذ صرح وزير خارجيتها وليد المعلم الموجود في نيويورك في مقابلة مع صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot; أن المحكمة الدولية أصبحت مسيسة بشكل لا يمكن التعويض عنه، لافتاً الى ان بلاده ستعارض أي جهود من الامم المتحدة نحو إصدار اتهامات تدعم التحقيق الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كاشفاً أن دمشق تلقت أنباء عن ان عناصر من quot;حزب اللهquot; سيتم قريباً اتهامهم رسمياً باغتيال الحريري، ومنبهاً الى أن من شأن ذلك إغراق لبنان في جولة جديدة من العنف الطائفي.

ودعا المعلم الى استبدال التحقيق الدولي بتحقيق لبناني ملاقياً بذلك مطلب المعارضة التي تسعى لبلوغ هذا الهدف من خلال الاصرار على فتح ما يسمى بملف quot;شهود الزورquot; ومحاكمتهم لمعرفة من فبركهم وصنعّهم وموّلهم وحماهم على حد قولها.

هذا ورأت أوساط سياسية متابعة في حديث المعلم تعبيراً عن موقف المعارضة وإحراجاً لقوى 14 آذار بصورة عامة وللرئيس الحريري بشكل خاص، فيما استوقفت هذه الأوساط عبارة quot;عدم امكانية التعويض عن تسييس المحكمةquot; والتي ذهب فيها ابعد مما رمى اليه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في حديثه الى تلفزيون quot;الجديدquot; مساء الأحد الماضي بقوله إن المحكمة بحاجة الى استرداد مصداقيتها، وهو الامر الذي استبعده المعلم كلياً وبدا في ذلك اقرب الى من ينعي المحكمة الدولية بدليل مطالبته بإلغائها واستبدالها بمحكمة لبنانية وهو موقف لم يسبقه اليه حزب الله نفسه الذي اوضح أكثر من مرة ان قراره النهائي من المحكمة سيعلن عنه امينه العام السيد حسن نصرالله في وقت قريب.

ورغم انشغال الاوساط السياسية المتابعة برصد ما يمكن ان يثيره كلام الوزير المعلم من ردود فعل على الساحة الداخلية وما قد يتخذ من مواقف جراءه على صعيد الوضع الحكومي بصورة خاصة، فإن ثمة قضية اخرى محل متابعة هذه الأوساط وتتعلق بالطلب الذي تقدمت به المحكمة الدولية من quot;حزب اللهquot; للاستماع الى إفادات مجموعة أخرى من مناصريه على غرار ما فعلته قبل اكثر من شهرين حين حضرت الى مقرها في بيروت مجموعة اولى ضمت مسؤولين في الحزب وقريبين منه قدر عددهم باثني عشر شخصاً.

واذا كان الحزب استجاب في المرة الاولى لطلب المحكمة الدولية فان الرد على طلبها الثاني الذي تقدمت به بعد عيد الفطر معلق كما قال نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم في حديث الى مجلة quot;الافكارquot; نشر يوم الجمعة الماضي، فيما تتردد معلومات عن ان الحزب سيمتنع عن تلبية رغبة المحكمة ما يعني الدخول في مواجهة معها هي الاولى من نوعها على هذا الصعيد إذ لم يسبق للمحكمة او للتحقيق الدولي ان وضعا في مثل هذا الموقف.

ولدى سؤال quot;إيلافquot; وزير العدل السابق الدكتور خالد قباني عن الإجراءات التي قد تقدم عليها المحكمة في حال رفض quot;حزب اللهquot; تلبية طلبها أجاب بأن نظام المحكمة الداخلي هو الذي يبين ذلك، مشيراً الى ان النظام المتبع في لبنان يقضي في مثل هذه الحالات بتوجيه دعوة ثانية لأصحاب الدعوة الاولى الذين تخلفوا عن الحضور في الموعد المحدد للتحقيق معهم، كما ان بامكان قاضي التحقيق او النائب العام التمييزي الاستغناء عن الدعوات او إصدار مذكرات إحضار بحق الاشخاص المطلوب الاستماع اليهم. وخلص قباني الى القول إن بامكان المحكمة الدولية الاستعانة بالسلطات المحلية اللبنانية في مثل هذه الحالات مع الاشارة الى انها لم تفعل ذلك من قبل.

ما ذكره قباني استدعى طرح أسئلة عدة منها: هل ستقدم المحكمة الدولية على الطلب من السلطات المحلية اللبنانية quot;احضارquot; المجموعة الثانية من حزب الله ؟ وكيف سيتم ذلك ؟ وماذا سيكون عليه موقف حزب الله عندها ؟

الإجابة معلقة حتى إشعار آخر...