يعيش اللبنانيون على وقع شائعات وتكهنات حول الوضع السياسي تزرع القلق في البلاد التي تعيش ازمة سياسية يصعب التنبؤ بما ستؤول اليه على المدى القريب.
بيروت: غداة ظهور تجمعات في بيروت ،يوم الثلاثاء الماضي، لشبان ذكرت تقارير انهم ينتمون الى حزب الله سرت شائعات عن قرب قيام حزب الله بتحرك امني على الارض، واكد بعضها مساء الخميس ان الليل سيشهد quot;انقلابا عسكرياquot;.
وربط مرددو الشائعات بين الاستعدادات الامنية لحزب الله quot;لاجتياح بيروتquot; ومحاولة الاطاحة بسعد الحريري من رئاسة الحكومة المقبلة من جهة، وبالقرار الظني في اغتيال رفيق الحريري الذي تم تسليمه الاثنين الى قاضي الاجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية المكلفة النظر في الجريمة والذي يتوقع ان يوجه الاتهام الى حزب الله من جهة اخرى.
واكد طالب في كلية ادارة الاعمال في الجامعة الاميركية اللبنانية انه والعديد من اصدقائه تلقوا quot;رسالة عبر البلاكبيري امس تقول ان الوضع سيء وان علينا الخروج من بيروتquot;.
وبات اقل حدث امني يرتدي اهمية ضخمة وتسارع محطات التلفزة الى بثه بصفة quot;عاجلquot;، ما يزيد من التوتر الجماعي.
وقد تجلى ذلك اليوم مع حادث اطلاق نار في منزل مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني سارعت الشاشات الى بث الخبر عنه باللون الاحمر العريض، ليتبين بعد وقت قصير انه ناتج من حادث عرضي من دون خلفيات سياسية تسبب بمقتل شخص وجرح آخر.
كذلك، سارع اشخاص لم يعرفوا عن انفسهم الى الاتصال بوسائل اعلام للتأكد ان كان quot;السفراء الاجانب بدأوا يغادرون البلدquot;، بعد نشر خبر صغير عن توجه السفيرة البريطانية في بيروت الى لندن في ... عطلة كانت مقررة سلفا!.
ونتيجة التدابير الامنية المكثفة التي اتخذها الجيش لا سيما في العاصمة، بثت وسائل الاعلام خبرا عن مداهمة قوات منه فندقا كبيرا في ضاحية شرق العاصمة حيث quot;كان ناشطون اسلاميون يعقدون اجتماعاquot;، ما اضطر الجيش الى اصدار بيان تكذيب. فيما اكدت ادارة الفندق انها تستضيف في الواقع مؤتمرا طبيا!.
وقالت امرأة تقطن في الاشرفية (شرق بيروت) quot;اعصابنا تالفةquot;، مضيفة quot;كل الناس متوترون، وكل شائعة تجعلنا غير قادرين على البقاء في مكانناquot;.
ويتجه لبنان الى مواجهة حادة في معركة اختيار رئيس جديد للحكومة بين سعد الحريري ومرشح تحالف حزب الله الاثنين المقبل، من شأنها ان تفاقم الازمة السياسية التي فشلت المساعي الاقليمية والعربية في ايجاد مخرج لها.
وسقطت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الحريري الاسبوع الماضي نتيجة استقالة احد عشر وزيرا بينهم عشرة يمثلون حزب الله وحلفاءه، وعلى خلفية خلاف حول المحكمة الدولية.
وتغذي الهواجس من حصول دورة من العنف الذكريات عن حوادث السابع من ايار/مايو 2008 عندما تطورت ازمة سياسية الى معارك في الشارع بين انصار الحريري وانصار حزب الله تسببت بمقتل اكثر من مئة شخص واجتاح خلالها حزب الله معظم شوارع غرب بيروت.
ودفع الهلع بعض المواطنين الى الاسراع الى المصارف لشراء الدولار الاميركي والتخلص من العملة الوطنية التي تخوفوا من تدهور قيمتها في ظل الازمة، بحسب ما ذكر موظفون في بعض المصارف مشيرين الى ان العديد منهم امضوا امس واليوم يقنعون الزبائن بمتانة الوضع المصرفي والمالي.
ووصلت اصداء الشائعات الى عدد من دول العالم التي ينتشر فيها لبنانيون، فاتصل العديد من المهاجرين بعائلاتهم سائلين عن quot;مدى خطورة الوضعquot;، بينما حض آخرون اقرباء لهم على السفر.
وافاد مسؤول في وكالة تابعة للامم المتحدة في بيروت ان تعليمات ارسلت الى الموظفين لالتزام الحذر.
واكد مسؤول في احدى جامعات بيروت ان سفارات تابعة لدول عربية اتصلت بطلاب يحملون جنسيات بلادها وquot;طلبت منهم الحد من تنقلاتهم ونصحتهم بالعودة الى بلادهم قبل ان تسوء الاوضاع اكثرquot;، مشيرا الى ان احدا لم يغادر حتى هذه اللحظة.
واذا كان بعض اللبنانيين المقيمين في الاطراف يواصلون حياتهم بشكل طبيعي وبالكاد سمعوا بالازمة الحكومية، فان آخرين تبقى انظارهم معلقة على البرامج السياسية ونشرات الاخبار.
وقال سائق الباص حسين عز الدين (56 عاما) quot;من الواضح ان شيئا ما سيحصل. بعد كل هذه السنوات التي عشناها في لبنان، تعلمنا كيف نقرأ الاشارات. كل هؤلاء السياسيين الذين يتقاتلون، هل سينتهون بالجلوس معا والصلاة؟quot;. واضاف quot;ستقع الحرب قريبا. انا واثق من ذلكquot;.
وتراجعت الحركة في شوارع بيروت منذ مطلع الاسبوع، حيث تصبح الطرق شبه خالية منذ ساعات المساء الاولى.
وقال حسن علي، مدير مقهى في الحمراء (غرب بيروت)، quot;عادة يعج المقهى بالزبائن حتى الثانية فجرا. هذا الاسبوع الجميع يغادر باكراquot;.
من جهته قال وائل مرقص (24 عاما، مصمم اعلانات) quot;اكثر من الخوف، انا اشعر بالقرف. انا محبط تماما ولم يعد اي حدث يؤثر بيquot;.
التعليقات