برهم صالح مجتمعاً مع المالكي

طلب رئيس حكومة كردستان برهم صالح خلال مباحثات منفصلة مع رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي سقفاً زمنياً لتنفيذ مطالب الأكراد المنصوص عليها في اتفاقات سابقة، فيما تسبب اجتثاث أساتذة جامعيين بتهمة الإنتماء إلى حزب البعث المحظور في مشادة كلامية بين المالكي ونائبه صالح المطلك القيادي في الكتلة العراقية في وقت أعلنت وزارة الداخلية عن اكتشاف تنظيم بعثي كان يخطط quot;لأعمال ارهابيةquot;.


بحث برهم صالح في بغداد مع المالكي اليوم الملفات العالقة بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم حيث quot;تم الإتفاق على انتهاج آليات محددة لحلّ هذه المشاكل والبحث في هذه الأمور بشكل دقيق من قبل اللجان المتخصصةquot;.

وخلال اجتماع مع النجيفي، وأكّد برهم صالح quot;ان الاختلافات الموجودة بين الحكومة المركزية والاقليم هي ليست كردية فقط وانما عراقية بحتة تتعلق بمشاكل النظام السياسي بشكل عام وكيفية اتخاذ وصنع القرارات بشكل تشاركيquot;. من جهته، أكد النجيفي quot;أن إنجاز هذه المهمات تتطلب إرادة سياسية عالية تشترك فيها كل القوى المؤمنة بالعملية السياسيةquot;.

وقد بحث الجانبان مسألة التوازنات الوطنية والمكوناتية والمناطقية وضرورة الالتزام بها والاتفاق على تحديد الاطار العام لحلّ كل المشاكل العالقة ومن دون انتقائية فضلا عن ضرورة الاستعجال في تمرير القوانين المهمة ذات الصلة بالنفط والغاز والموارد المالية والمحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الاعلى وقوانين اخرى ذات الصلة بالشأن السياسي والمجتمعي.

كما تم بحث موضوع تطبيق المادة 140 الدستورية حول المناطق المتنازع عليها حيث يشدد الوفد الكردي على ضرورة تحديد سقف زمني لتنفيذ كلّ هذه المطالب وحلّ الملفات العالقة بصددها. وضمّ الوفد المرافق لصالح الذي وصل الى بغداد الليلة الماضية كلا من وزراء البيشمركة والموارد الطبيعية ورئيس ديوان رئاسة الإقليم ورئيس ديوان مجلس الوزراء ووكيل وزارة المالية وعددا آخر من المسؤولين الحكوميين.

ومن جهته، أشار الناطق الرسمي باسم التحالف الكردستاني مؤيد إلى ان المفاوضات بين الحكومة الاتحادية والوفد الكردي ستحل المسائل الخلافية من خلال الاحتكام الى الدستور ومصالح البلد العليا. واضاف الطيب ان هناك من ينظر الى هذه الزيارة وكأنها ستعطي مكاسب لإقليم كردستان ليست من حقه، وهذا غير صحيح، والحقيقة ان الرابح الاول والاخير من هذه الزيارة هو العراق والعملية السياسية والتعايش بين مكونات الشعب العراقي، اما الخاسر فهم اعداؤه والمتربصون بالعملية السياسية. واوضح ان الدعايات التي تنشر في هذا الوقت التي تروّج وكأن اقليم كردستان يحاول ان يستغل موارد العراق وامكانياته ويفرض شروطه بعيدا عن الدستور او المصالح العامة للبلد عارية عن الصحة.

وتهدف مباحثات الوفد الكردي في بغداد التي ستشمل ايضا لقاءات مع قادة الكتل السياسية الى التوصل لإنهاء الخلافات بين الحكومتين المركزية والكردستانية. وحول معالجة المشاكل بين الاقليم وبغداد، قال صالح quot;إننا لا نريد أن تبقى المشاكل عالقة بين الاقليم وبغداد اكثر من ذلك، فالحل الأمثل لهذه المشاكل هو بالعودة الى الدستورquot;.. مشيرًا إلى أنّ أي حل بمعزل عن الدستور سيسبب مخاطر للعراق.

ويشتكي التحالف الكردستاني من عدم جدية الحكومة وأطراف سياسية فيها في تنفيذ ورقة المطالب الكردية التسعة عشر التي تمت الموافقة على غالبية بنودها في محادثات تشكيل الحكومة الحالية اواخر العام الماضي وتتضمن: الالتزام بالدستور وبنوده كافة وتشكيل حكومة شراكة وطنية تمثل المكونات العراقية الاساسية والعمل وفق مبدأ الشراكة والمشاركة في القرار. وتدعو الورقة كذلك الى تشكيل المجلس الاتحادي خلال السنة التقويمية الاولى من عمل مجلس النواب ولحين تشكيله يتمتع رئيس الجمهورية ونائباه بحق النقض... وتعديل قانون الانتخابات بما يحقق التمثيل العادل للعراقيين.. واجراء التعداد السكاني في موعده.. واعادة النظر بهيكليات القوات المسلحة وقوى الامن الداخلي واقرار مبدأ التوازن وتنفيذه.. وتطبيق مبدأ التوازن في كل مؤسسات الدولة من وزارات وهيئات مستقلة.. وتطبيق المادة 140 من الدستور وتوفــــير المــــيزانية المطلوبة لتنفيذها خلال سقف زمني لا يتجاوز السنتين... والمصادقة على مشروع قانون الموارد المائية خلال السنة التقويمية الاولى من عمل مجلس النواب (حسب اخر مسودة متفق عليها).. والمصادقة على مشروع قانون النفط والغاز خلال السنة التقويمية الاولى من عمل مجلس النواب (حسب اخر مسودة متفق عليها)... إضافة الى تمويل وتجهيز وتسليح حرس الاقليم (البيشمركة) كجزء من منظومة الدفاع الوطني العراقية.. وتأييد مرشح ائتلاف الكتل الكردستانية لرئاسة الجمهورية.. وتعويض ضحايا النظام السابق ومن ضمنهم ضحايا الانفال والحرب الكيماوية في حلبجة والمناطق الاخرى تعويضا سريعا وعادلا.

وشددت ورقة المطالب على ضرورة التمثيل الكردستاني في الوزارات السيادية ومجلس الوزراء والهيئات المستقلة وكافة مؤسسات الدولة بصورة عادلة ووفق الاستحقاق القومي.. وان يكون للجانب الكردستاني حق البت في مرشحي الوزارات السيادية والوزارات الاخرى ذات الصلة باقليم كردستان.. وان يكون الامين العام لمجلس الوزراء مرشحا من ائتلاف الكتل الكردستانية.

وكان وفد يمثل أحزابا سياسية في إقليم كردستان العراق قد أجرى في بغداد مطلع الشهر الحالي محادثات مع رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة وقادة الكتل السياسية بهدف حل الخلافات والمشاكل العالقة بين الحكومتين العراقية والكردستانية.

وتناولت المباحثات مناقشة العلاقة بين بغداد واربيل وتم التطرق إلى أسباب التلكؤ في تنفيذ الاتفاقات بين التحالف الكردستاني والوطني وائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي بشكل خاص وعدم تنفيذ اتفاقات اربيل التي تشكلت وفقها الحكومة الحالية اواخر العام الماضي حيث هيّأ الوفد لزيارة برهم صالح هذه الى العاصمة العراقية. وتمخضت تلك المحادثات عن الاتفاق على تشكيل لجنة من الإقليم وأخرى من بغداد ستجتمعان بشأن موضوع قوات البيشمركة الكردية وعلاقتها بالجيش العراقي ولجنة أخرى لإجراء تعديلات على قانون النفط والغاز الذي يرفضه الاكراد بصيغته الحالية المعروضة على مجلس النواب والتي اعيدت بسبب ذلك الى مجلس الوزراء لتعديلها واعادتها الى البرلمان لمناقشتها والتصويت عليها. وفي ختام تلك المباحثات عبر الوفد الكردي عن قلقه من عدم تنفيذ اتفاقات الشراكة المعقودة بين الكتل السياسية ما وضع العملية السياسية في مسار لايلبي مطالب العراقيين.

وقد وصلت حدة الخلافات بين حكومتي بغداد واربيل الى مرحلة بحث فيها بارزاني في الثالث عشر من الشهر الماضي مع النواب والوزراء الاكراد امكانية سحب الثقة من حكومة المالكي. وقال عضو النائب المستقل في ائتلاف الكتل الكردستانية محمود عثمان في تصريحات صحافية ان الاجتماع ناقش خيارات عديدة، من ضمنها امكانية سحب الثقة من الحكومة. واوضح ان سبب التوتر بين بغداد واربيل ينبع في الاساس من اختلاف وجهات النظر، حيث يقول المالكي بوضوح إن تشكيل الاقاليم في العراق يتسبب بإهراق أنهار من الدماء.

وفي وقت سابق من الشهر الماضي، هددت الكتلة الكردستانية في مجلس النواب العراقي بنشر محاضر اجتماعات اربيل قبيل الوصول إلى اتفاق تشكيل الحكومة، في حال استمرت أطراف سياسية في تنصلها من تلك الاتفاقيات المبرمة. وتشير مصادر سياسية إلى ان هذه المحاضر تتعلق بجلسة مغلقة حضرتها ثلاث شخصيات سياسية، هي بارزاني وعلاوي والمالكي، وتم على اثرها التوقيع على اتفاقيات عدة، لم يعلن عن محتواها رسميًا لغاية الآن.

مشادة كلامية بين المالكي ونائبه المطلك واكتشاف تنظيم بعثي quot;إرهابيquot;

وفي وقت أعلنت فيه وزارة الداخلية العراقية عن اكتشاف تنظيم بعثي كان يخطط لتنفيذ أعمال إرهابية بعد انسحاب القوات الاميركية من العراق بنهاية العام الحالي فقد كشف مصدر وزاري ان المالكي انسحب من جلسة المجلس quot;غاضباًquot; إثر مشادة كلامية مع نائبه صالح المطلك على خلفية التطورات السياسية الحاصلة في البلاد.

وقال المصدر إن quot;مشادة كلامية وقعت بين رئيس الوزراء نوري المالكي ونائبه صالح المطلك خلال جلسة اليوم لمجلس الوزراء بسبب التطورات السياسية الحاصلة في البلاد وموضوع التوازنات في الحكومة وملف اجتثاث أساتذة في جامعة تكريت، وحملات الاعتقال الأخيرةquot; مبينا أن quot;المالكي انسحب غاضبا من الجلسة إثر تلك المشادةquot; كما نقلت عنه quot;السومرية نيوزquot; مضيفا أن quot;الجلسة بقيت منعقدة بعد خروج المالكي منها، والتي يحضرها العديد من الوزراء ونواب رئيس الوزراءquot;.

وكان نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات صالح المطلك قد اعتبر الجمعة الماضي ان إجراءات وزارة التعليم باجتثاث 140 أستاذا وموظفا من جامعة تكريت وفصلهم عن العمل quot;محبطة ومخيبة للآمالquot; وquot;ممارسات جائرةquot; متعهدا الوقوف في وجه هذه الممارسات التي قد تسبب quot;هزة عنيفةquot; في مسيرة العراق.

ويشهد عدد من المحافظات العراقية حملات اعتقال ضد أعضاء في حزب البعث المنحل، والتي بدأت في محافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار حيث ألقي القبض على العشرات من ضباط الجيش السابق وأعضاء في الحزب بعد ورود أسمائهم من وزارة الداخلية في بغداد.

وفي هذا الوقت، اعلنت وزارة الداخلية عن اكتشاف تنظيم بعثي كان يخطط لتنفيذ quot;عمليات ارهابية بعد انسحاب القوات الاميركية من العراق بنهاية العام الحالي. وقالت في بيان ان بعثيين كانوا ينظمون صفوفهم من اجل اعادة ترتيب وتنفيذ مخططهم quot;الارهابيquot;.

وأشارت إلى أنّ معظم عمليات التفجير التي كانت تشهدها البلاد كان يقوم بها عناصر حزب البعث المحظور لكنها كانت تنسب الى تنظيم القاعدة لاسباب سياسية على حد قولها. وأشارت إلى أنّ التحقيق مع المعتقلين الذين لم تذكر عددهم او هوياتهم مستمر لمعرفة تفاصيل اكثر عن المخطط quot;الارهابيquot;. واكدت ان هذا التظيم المعادي هو الاكبر الذي يكتشف منذ سقوط النظام السابق عام 2003 حيث كان يخطط لاسقاط العملية السياسية الجارية في البلاد حاليا.

وكانت الكتلة العراقية حذرت امس من نشوء دولة بوليسية مخابراتية في العراق، بشكل يضرب المصالحة الوطنية، وقالت إن اعتقالات تقوم بها السلطات العراقية حاليًا تشكل خرقًا للقوانين وانتهاكًا لحقوق الإنسان، داعية المالكي إلى إطلاق سراحهم.

واضافت ان quot;عمليات الاعتقال الأخيرة تشير الى نهج يحاول إضفاء صفة الأمر الواقع على الساحة العراقية باتخاذ ممارسات غير قانونية ومخالفة للنهج الديمقراطي، بحجة الاجراءات الاحترازية وتحسبًا للأعمال الإرهابية، والتي يقصد منها توجيه اصابع الاتهام في غير موضوعها، والتي اصبح كل فرد من ابناء شعبنا تحت طائلتها، ومهددًا بهذه الاجراءات غير العادلة وغير القانونيةquot;.

وكان المالكي قال الأحد إن quot;بقايا النظام السابق ما زالوا يمارسون الدور الإرهابي نفسه، فهم شركاء في كل الأعمال الإجرامية التي تستهدف العراقيين إلى جانب القاعدة وغيرهاquot; وذلك إثر إعلان مسؤول أمني عراقي رفيع عن قيام قوات الأمن باعتقال حوالى 350 من قيادات حزب البعث المنحل في حملة واسعة استهدفتهم في خمس محافظات، بتهمة الترويج للحزب، ومحاولة إعادة تنظيم صفوفهم بهدف زعزعة امن واستقرار البلاد.

وقال المسؤول الامني إن عدد البعثيين، الذين تم اعتقالهم خلال الحملة التي استهدفتهم منذ ثلاثة ايام، بلغ 350 بعثيًا في ست محافظات. واوضح ان الحملة نفذت بعد ورود معلومات مؤكدة تفيد أن هذه القيادات تحاول إعادة تنظيم نفسها، وبدأ قسم منها في اجتماعات بالخفاء، من أجل زعزعة الأمن في البلاد.

يذكر ان الدستور العراقي منع عودة حزب البعث الى الحياة السياسية بعد سقوط النظام السابق عام 2003 وتشكلت على اثرها هيئة المساءلة والعدالة لاجتاث البعث، لكنها لم تفرض عقوبات قضائية على أعضائه سوى الإبعاد من الوظيفة. ومنعت الهيئة التي تشكلت كبديل من هيئة اجثتاث البعث مئات المرشحين من المشاركة في الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من اذار (مارس) عام 2010 نظرًا إلى ارتباطهم بحزب البعث.

وكانت الحكومة العراقية أقرّت في مطلع حزيران (يونيو) الماضي مشروع قانون يحظر نشاط حزب البعث، ويفرض عقوبات بالسجن تصل الى عشر سنوات، على من ينتمي الى هذا الحزب المنحل او الى الكيانات والأحزاب والانشطة العنصرية والتكفيرية.